من الممكن أن يكون الجيش الروسي بصدد العمل على مفاجأة الغرب
عن موقع alterinfo الالكتروني
11 آذار / مارس2016
الصحافة الفاجرة في الغرب أثارت الكثير من الضجيج عندما اتهمت روسيا بالتسبب بأضرار جانبية كبيرة في سوريا. فقد قيل الكثير حول موضوع الضربات الجوية الروسية غير الدقيقة بما يكفي للتقليل من الأضرار على مستوى البنى التحتية المدنية وأعداد القتلى في صفوف المدنيين.
منذ عشرات السنين والقادة العسكريون الغربيون ينظرون بالكثير من “التهذيب” إلى القدرات العسكرية الروسية. وقد اعتادوا على القول، من خلال تركيزهم على التجهيزات “الشائخة” والعديد من العيوب الأخرى، أن روسيا لا يمكنها أن تضاهي حلف الناتو.
من هنا، كان لظهور القدرات العسكرية الروسية في سوريا وقع الصدمة على الغربيين.
تقرير تحليلي سري صدر مؤخراً عن الناتو حول هذا الموضوع أقر بالتفوق الروسي على قوات الناتو، وامتدح موسكو لما تميزت بها ضرباتها الجوية من “دقة وناجعية”.
وبحسب معلومات حصلت عليها المجلة الألمانية “Focus “، فإن عمليات القوات الجوية الروسية هي أكثر ناجعية من العمليات الجوية التي يقوم بها الناتو، وذلك على الرغم من تفوقه العسكري.
فالمقالة التي كتبها جوزيف هفلشولت ونشرتها ” Focus ” بتاريخ الخامس من آذار / مارس، تستند إلى تقرير سري صادر عن الناتو. وتؤكد المقالة أن 40 طائرة مقاتلة روسية تنفذ 75 طلعة يومياً لتوجه ضربات دقيقة إلى أهداف تابعة لتنظيم داعش.
ويعتبر خبراء الناتو أن الطائرة الروسية سو-35 تتفوق على كل ما هو موجود في ترسانة الناتو.كما تؤكد الوثيقة على أفضلية الإعداد والتدريب اللذين يحصل عليهما الطيارون الروس. ومن جهتها، تحسنت القدرات القتالية الروسية بفضل المعلومات التي تحصل عليها من الجيش السوري.
وتؤكد الوثيقة أيضاً أن العمليات الروسية قد أجبرت الإرهابيين على الإنسحاب من المواقع التي سبق لهم أن احتلوها. وأيضاً، وهذا أمر بالغ الأهمية، أن الطائرات الروسية لم تتسبب بسقوط أية ضحية بشرية.
إنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها وصف العملية العسكرية الروسية بأنها نجاح كبير.
وفي شهادة أدلى بها أمام مجلس الشيوخ الأميركي، صرح الليوتنانت-جنرال فنسانت ستيوارت، رئيس وكالة استخبارات الدفاع، أن “الدعم الروسي قد غير المعطيات بشكل كامل”. وأن “الأسد هو في موقع أفضل بكثير مما كان عليه قبل ستة أشهر، ما يجعله أكثر قدرة بكثير على التفاوض”.
ويضيف ستيوارت : “أنا أكثر ميلاً إلى القول بأن [الأسد] أشد حضوراً على مسرح الأحداث مما كان عليه قبل ستة أشهر أو سنة”.
وفي الرابع من آذار / مارس، أكد المسؤولون عن الدفاع على شاشة ” Fox News ” أن محاولة التعادل مع الانجازات الروسية تجبر الولايات المتحدة على إرسال طائرات بي-52 ذات القدرات النووية والقادرة على إلقاء قنابل على جماعات داعش الإرهابية.
وتقول مجلة ” Air Force Time” أن القلاع الطائرة بي-52، ستبدأ حملاتها الأولى لقصف مواقع داعش في شهر نيسان / أبريل. ولا نعرف ما هو عدد الطيارين وطائرات بي-52 التي ستشارك في هذه الحملات.
وفي أواخر شباط / فبراير، نشر تقرير صادر عن مجلس الأطلسي، وهذا التقرير يحذر من “النقص الخطير في تقدم” المشاريع الهادفة إلى تعزيز قوة الناتو.
ومن بين الذين كتبوا هذا التقرير، نذكر الأمين العام السابق للناتو جآب دو هوب شيفر، والقائد الأعلى المساعد للحلف سير ريتشارد شيريف، وغيامباولو دي باولا وزير الدفاع الإيطالي السابق، والرئيس الحالي للجنة العسكرية في الناتو. ويؤكد التقرير أيضاً أن “العديد من الدول الأعضاء الأساسية في الحلف ما زالت تعاني من “ثغرات خطيرة” في جيوشها الشبيهة بـ “هياكل فارغة”.
ومن جهة أخرى، استنتج “مجمع راند” الذي يصمم نماذج لسيناريوهات عشرات المناورات العسكرية بالتنسيق مع البنتاغون، استنتج أن من الممكن للقوات الروسية أن تتفوق على جيوش الناتو في بحر البلطيق، وأن تلحق بها هزيمة “كارثية”، وأن تستولي على تالين وريغا خلال ستين ساعة على أبعد تقدير.
وفي 8 شباط / فبراير، نشر مركز أبحاث بريطاني يحمل اسم ” European Leadership Network “، نشر تقريراً ينذر بوجود العديد من نقاط الضعف والعيوب في قدرات الناتو الدفاعية. وبهذا الصدد، أدلى نوربرت روتجن، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الألماني، والعضوفي حزب ميركل المحافظ، أدلى بتصريح قال فيه : “أعتقد أن روسيا قد تفوقت في المنطقة وذلك على مستوى التحديث وإجراءات تاريخية أخرى”.
ويقول هانس-لوثار دومروز، وهو أحد الجنرالات الرئيسيين في حلف الناتو بأن القوات المسلحة الروسية قد اكتسبت، بفضل التحديث المتواصل، تفوقاً أكيداً. ويضيف أن الفضل في هذا التفوق يعود إلى الالكترونيات الروسية وللكفاءات في مجالات الهندسة.
وفي بعض الأحيان، تقوم الطائرات المقاتلة الروسية يومياً بعدد من الطلعات يفوق ما تقوم به طائرات التحالف الغربي في شهر كامل. ومن جهتها، أطلقت البحرية الروسية صواريخ بالستية من بحر قزوين على بعد 1450 كم من سوريا، كما أمنت حماية كاملة لخطوط التموين نحو روسيا. أما أنظمة الدفاع الجوي التي أقامتها القوات الروسية والقادرة على منع أي عدو محتمل من الاقتراب من سوريا، فإنها الأسلحة البعيدة المدى الأكثر قدرة ودقة في العالم. فهي تشتمل على منظومات رادار تراقب الجو بشكل مستديم. كما يمكن للصاروخ أن يصيب هدفه على بعد 400 كلم. وهنالك حوالي 40 قاذفة مقاتلة تتمركز في اللاذقية منها اثنتا عشرة سوخوي-25 س، وأربع طائرات سوخوي-30س.م. واثنتا عشرة طائرة سوخوي-24م2س وست طائرات سوخوي 34س. أما الطائرات الأخرى والأكثر تطوراً المسماة سو-34 التي يطلق عليها الناتو اسم فولباك، فقد دخلت الخدمة بدلاً من طائرات أقدم عهداً. وهنالك أيضاً طائرات هليكوبتر وعدد غير محدد من الطائرات بدون طيار.
إن نشر تجهيزات عسكرية إلكترونية روسية في سوريا مثل جهاز كراسوكا-4 الذي يستطيع التشويش على أنظمة رادار طائرات آواكس والأقمار الصناعية، هو تجربة أخرى دفعت الناتو نحو التعقل. وبهذا الصدد، صرح رونالد بوانتوس، الرئيس المساعد لقائد الجيش الأميركي والمسؤول عن القيادة الإلكترونية بأن “من غير الممكن إلا أن نستنتج أننا عاجزون عن التقدم بالمستوى الذي يفرضه علينا مستوى التهديد”.
أما الجنرال بن هودجز، قائد القوات الأميركية في أوروبا، فقد وصف مظاهر التقدم الروسي في سوريا على مستوى الحرب لالكترونية بأنها “غير سارة إلى أبعد الحدود”. لذا، فإنه من المفيد جداً للناتو أن يعترف بالواقع الذي عجزت أجهزته الاستخبارية عن رؤيته.
لقد نبه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى مدى الأهمية في أن “يتمكن الغرب من أن يرى للمرة الأولى أن الأسلحة الروسية موجودة فعلاً، وأنها من نوعية ممتازة، وبأن لدينا قوات مدربة بشكل جيد وقادرة على استخدام تلك الأسلحة بناجعية. وقد رأى الغربيون حتى الآن أن روسيا مستعدة لاستخدام أسلحتها إذا كان استخدامها يصب في صالح بلادنا وشعبنا”.
إن الأحداث الجارية في سوريا هي بمثابة كشف للناتو. فهو يكتشف أنه لم يقدر القدرات العسكرية الروسية حق قدرها. وإذا كانت أجهزته الاستخبارية قد فشلت مرة أخرى، فإن الأحداث قد جاءت لتصحح هذا الخطأ في التقدير.
[ad_2]