من الفايسبوك: عبرة تاريخية من طفل صغير
من صفحة: سوسن رمال:
هو طفل من بلاد الشام.
لو اطلعت على شجرة عائلته تجد أنه اﻷصغر بين إخوته، وهذا ما جعله مدللاً بين الجميع.
لو نظرت إليه ترى فيه جماﻻ ﻻيوصف، إنه آية من الجمال والروعة. يتزين بثوب أخضر وعلى رأسه تاج أبيض ناصع. يسحر الناظرين إليه ويسلب القلوب لكثرة جماله.
لطالما كتبوا فيه الشعر والغزل، وكل من كتب عنه اعترف أنه لم يوفّه حقه بالوصف، فجماله يكاد ﻻ يوصف لكثرة ميزاته.
عاش حياة آمنة عزيزة، كيف ﻻ وهو المدلل الصغير الجميل؟
وذات ليلة من الليالي الحالكة، بينما كان آمنا مطمئنا، إذ ببعوضة مليئة بالجراثيم والسموم القاتلة تنقض على وجهه الملائكي النوراني وتفرغ سمومها الفتاكة في جسده.
وبدأ صراعه مع المرض، فسموم تلك البعوضة اللعينة إنتشرت بسرعة في جسده الصغير وكادت تقضي على جميع أعضائه.
والمصادفة الكبرى، ولسخرية القدر انه لم يجد العون من أحد من إخوته. فمرضه هذا كشف له مدى غيرتهم منه. حينها قرر أن يحارب مرضه بنفسه، فسخر منه الجميع قائلين له:«ما من أحد إﻻ واستسلم لهذا المرض الفتاك».
إﻻ أنه لم يتراجع عن قراره قيد أنملة، خاصة أن بعض أعضائه بدأت بالاستسلام. وبدأ معركته بيدين صغيرتين عاريتين، متكلاً على قلب ممتلئ باﻹيمان بالله وبشجاعة ﻻ حد لها وعزيمة قوية. لطالما سمع من الجميع:«العين ﻻ تقاوم المخرز». إﻻ أنه بكل ثقة كان يجيبهم بأن ﻻ مؤثر في الوجود إﻻ الله.
واستمر الصراع لسنوات وسنوات، وكانت جميع أعضائه قد استسلمت إلا قلبه النابض بالحياة والقوة.
أما في قلبه المناضل، فكان كلما قضى المرض على شريان من شرايينه، نما مكانه العشرات من الشرايين، بفضل إيمانه واتكاله على الله.
وهكذا بدأ قلبه يقوى شيئاً فشيئاً، إلى أن بدأ يستعيد بعضاً من أعضاء جسده المنهكة ويصلحها بعد أن عانت آﻻما قاتلة بسبب تلك الغدة السرطانية اللتي كادت تفتك بذاك الصغير المغوار لوﻻ قلبه القوي.
وهكذا حتى عام ألفين ميلادي، وكان الشفاء التام.
وحتى آخر لحظة، كان القلب المناضل يخسر شرايين لطالما اعتمد عليها، لكن ببركة إيمانه وقوته سرعان ما كان يعوضها.
نعم هو لبنان…
لبنان المنتصر رغما عن أنوف الجميع.
لبنان الذي ولّد رجاﻻت مجاهدين لم يشهد لهم التاريخ مثيلاً إﻻ في كربلاء التي لطالما كانت مدرسة لهم.
هو لبنان المنتصر اﻷول على إسرائيل رغم صغره وعظمتها الكاذبة. فهو قد أثبت للعالم أجمع أنه بإيمانه وصدق ووفاء مجاهديه اﻷبطال بات أقوى من الجبل الواهم الذي كانوا يهابونه، وكشف لهم أنه أوهن من بيت العنكبوت.
فهذا النصر المؤزر الذي لن ينساه التاريخ يوما أثبت وعلم الجميع أن اﻹيمان واليقين بأن ﻻ مؤثر في الوجود إﻻ الله هو أعظم وأقوى سلاح بوجه أكبر المصائب والبلاءات.