من إنسحاب الحريري إلى “المبادرة” الخليجية.. الهدف والغاية واحدة
موقع الخنادق:
جاء قرار رئيس “تيار المستقبل” النائب سعد الدين الحريري تعليق عمله السياسي في مرحلة ضاغطة على لبنان الذي يتعرض منذ فترة لحصار اميركي بمشاركة إقليمية ومحلية واضحة، للسعودية فيها دور وازن، وقد تزامن قرار الحريري مع وصول وزير الخارجية الكويتي أحمد ناصر المحمد الصباح حاملاً معه ما يسمى “مبادرة” للوضع في لبنان وعلاقاته بالانظمة الخليجية.
وهنا تطرح تساؤلات عديدة هل ما جرى من قرار الحريري الى “المبادرة” الكويتية هي خطوات فردية منفصلة عن بعضها البعض، أم انها مترابطة وتأتي كجزء من إطار عام لا ينفصل عن السياسة السعودية الاميركية باتجاه لبنان؟ وما هي الخلفيات الحقيقة لكل منها خاصة لو ثبت ترابطهما؟
الواضح ان ما طرحه وزير الخارجية الكويتي (الذي تربطه علاقة قوية بولي العهد السعودي محمد بن سلمان) في زيارته الى المسؤولين اللبنانيين هو خارطة طريق لا تفيد لبنان بقدر إفادتها لبعض الانظمة الخليجية وبالتحديد السعودية، ومن خلفها المشروع الاميركي الاسرائيلي في المنطقة، خاصة ان جوهر الطرح الخليجي يرتبط بحصار المقاومة وقيادتها سواء فيما يتعلق بضرورة سحب سلاحها (وهذا هو حقيقة ما يريده القرار رقم 1559) او بمنع إطلاق مواقف واضحة تنتقد ممارسات السعودية والامارات وربما غيرها لاحقا فيما يتعلق باليمن وفلسطين والكيان الاسرائيلي.
ولذلك يفهم ان المبادرة الخليجية هي بقرار سعودي مباشر وليست مجرد مبادرة حسن نية للتفكير بدعم لبنان في لحظة ما، لانها لم تقدم اي عروض حقيقة لدعم اللبنانيين بأي شكل من الاشكال، بل فيها بنود تفجيرية قد يهدف منها واضعوها الوصول بالبلد الى أتون فتنة الجميع يدرك ان اكبر الخاسرين منها هو لبنان والمقاومة، وبالتالي يستفيد منها أعداء لبنان وعلى رأسهم “إسرائيل”.
ومن هنا يأتي الحديث ان ما فعله سعد الحريري من تراجع عن العمل السياسي ومن ضمنه الترشح للانتخابات، هو تنفيذ لقرار سعودي أيضا هدفه رفع السقف والضغط اكثر على الدولة ومختلف الاطراف في لبنان، في محاولة لتأزيم المسائل الداخلية ورمي الكرة في ملعب المقاومة وحلفائها وعلى رأسهم رئيس الجمهورية ميشال عون، فمن اتخذ مثل هذه القرارات يهدف لزيادة الضغط الشعبي على الفريق الحاكم والإيحاء ان مواقف المقاومة هي التي تقف خلف الحصار الاميركي السعودي، محاولة يتم من خلالها “غض النظر” عن الجرائم الاميركية السعودية الاماراتية في اليمن، كما انه يسهم بإخراج حلفاء السعودية التاريخيين والحاليين في لبنان من تهم الفساد وما ارتكبوه بالحد الادنى منذ ما بعد اتفاق الطائف.
فالحريري حاول الايحاء انه تجاوب سابقا وحاليا مع نبض الشارع اللبناني، إلا ان هذا لا يعفيه من مسؤوليته عن ممارساته بالسلطة، وهروبه من تحمل المسؤولية يضاعف عليه الجزاء ولا يعفيه منه، كما ان الحريري يريد خلط الاوراق بالتزامن مع الضغط الخليجي الاميركي على لبنان، خاصة ان الخليجيين حتى الساعة لم يبادروا الى تقديم اي مساعدة للبنانيين وهم ينفذون ما يطلبه منهم اميركيا بزيادة الحصار على لبنان، وبالتالي الانظمة الخليجية هي شريكة بما يجري في لبنان ولا تهدف لمعالجة الازمة القائمة.
انطلاقاً من كل ذلك لا بد من التركيز في السياسة والاعلام على ان تقديم التنازلات الاضافية الى الخارج وخاصة أنظمة الخليج لن تساعد بمعالجة الاوضاع الصعبة للبنانيين، ومن الامثلة على ذلك هو استقالة الوزير جورج قرداحي ومن قبله الوزير شربل وهبي، فماذا كانت النتيجة هل “قبض” لبنان ثمن هذه التنازلات؟ ام انها كانت مجرد تنازلات في الهواء بدون مقابل؟ واليوم وصلت الحال بالتدخلات الخليجية المنتهكة لسيادة واستقلال لبنان الى حد الطلب من الحكومة باتخاذ اجراءات ضد فريق لبناني هو حزب الله، وأيضا تطالب بإجراءات جدية وموثوقة لضبط المعابر الحدودية، واعتماد سياسة أمنية واضحة وحاسمة،ناهيك عن التدخل بالاصلاحات وغيرها من الامور.
الواضح ان الانظمة الخليجية وبالتحديد ولي العهد السعودي يريد فرض شروطه على اللبنانيين، من غير إدراك انه ليس بالموقع القوي الذي يعطيه هذه القدرة خاصة مع هزائمه المتوالية في مختلف الملفات التي عمل عليها، وخير دليل على ذلك الغرق في المستنقع اليمني وعدم قدرته على الخروج منه بشكل مشرف.