منطق نصرالله والسموم والشتائم
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
التصريح الذي أصدره الرئيس السابق سعد الحريري حول بث تلفزيون لبنان لمقابلة السيد حسن نصرالله مع قناة الإخبارية السورية لم يتضمن كالعادة ردا على ما ساقه نصرالله من حجج ووقائع وأدلة على كون الحرب التي تشنها المملكة السعودية على اليمن حربا ظالمة وغاشمة غايتها الفعلية فرض الهيمنة على شعب مسالم عرضت قيادته وما تزال علاقة اخوة وجوار وشراكة على قادة المملكة فمثلا لم يقل السيد الحريري ان لديه ما يثبت عدم صحة قيام وفد قيادي من انصار الله بزيارة الرياض وهو لم يعرض ما ينفي مصداقية صور الأطفال والنساء والشيوخ الذين قتلهم الطيران السعودي فلم يزعم مثلا ان الصور أخذت من الأرشيف في أريتريا او قطاع غزة !.
لم يقدم الشيخ سعد ما يجزم بأن انتصار الحركة الشعبية الاستقلالية اليمنية سيكون تهديدا لأمن المملكة فلم يعرض المعطيات والبراهين التي تؤكد وجود ما يمكن وصفه بنوايا عدوانية لدى قيادة حركة انصار الله التي آثرت منذ بدء العدوان عدم اتخاذ أي خطوة مشروعة في الرد الدفاعي خلف الحدود ولم تحرك سياسيا قضية مشروعة ومزمنة بين البلدين الجارين هي قضية اقتطاع المملكة لأراض يمنية معروفة في نجران وجيزان وغيرها ولا قضية بل قضايا الجالية اليمنية التي تعمل في المملكة ضمن شروط يغلب عليها القهر والتمييز وبالطبع ليس لدى السيد الحريري أي إثبات يدعم المزاعم السعودية عن وجود إيراني مادي على الأرض اليمنية وبالتالي “يمثل تهديدا لأمن المملكة “.
كل ما تقدم من جدل محتمل ونقاش منطقي لم يرد في كلام السيد الحريري وأقرانه من جماعة 14 آذار الذين انبروا يكيلون الشتائم ويتطاولون بنثر السموم داخل البلاد ويتبارون في مديح المملكة وامتداح عطاياها وما يسمونه دعما للبنان من “مملكة الخير ” وهم يتحدثون بالطبع عن “خير عميم” حملته إليهم العطايا والهبات والعقود المكرسة لجماعات سياسية يشكو جمهورها الفقر والعوز وتهاوي الوعود الكاذبة بعد كل انتخابات وبعد مواسم الحشد والحشر في جموع التباهي والاستعراض السياسي وتحصيل الفواتيرمن “أولياء النعم “.
المتبارون في جوقة الردح والشتيمة هم رهط من سياسيين و”رجال أعمال” تعودوا الخضوع لأمر وطاعة “اولياء النعم” وهم عملوا في بطانات الأمراء تابعين من الدرجة العاشرة يتقدمهم أبناء العائلة الصغار والمعاونون الأجانب بينما “اللبنانيون الشطار” يقفون قرب الموائد حيث يجلس أصحاب السمو ويلحقون بهم هرولة إن هم تحركوا ويسهرون على راحتهم في الحل والترحال إناء الليل والنهار خصوصا خلال “سياحتهم” في بلاد الأرز او استجمامهم “الثقافي” في اوروبا ومرابعها وكازينواتها وهي ذاتها تلك التقاليد التي يفرضها هؤلاء السياسيون على أتباعهم ومريديهم اللبنانيين يتقدمهم الندماء المفضلون في القصور اللبنانية والمنتجعات الباريسية.
يتبين لمن يدقق أن الهدف من الحملة الحريرية السعودية ليس الرد على منطق السيد نصرالله الذي طالما دعا الخصوم والمخالفين إلى الحوار ومقارعة الحجة بالحجة بل الهدف بالتحديد هو إثارة مناخ من التشنج والانفعال بواسطة التحريض العدائي وعبر إثارة الكراهية لمنع اللبنانيين من التفاعل مع المنطق الذي يعرضه السيد نصرالله في صياغة موقفه المتضامن مع شعب اليمن والداعي إلى الحوار والحل السياسي في اليمن ووقف القصف والقتل الجماعي لليمنيين انطلاقا من منهجية اعتمدها مبدئيا في مقاربة جميع الخلافات والانقسامات والنزاعات الدائرة في المنطقة والنقطة الثانية الملازمة لمواقف السيد هي التمسك بنهج التهدئة والحوار في لبنان ومنع انعكاس الاختلاف حول قضايا المنطقة تشنجا داخليا يهدد الاستقرار النسبي الذي يحظى به لبنان منذ تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام والتزام اولوية مواجهة خطر الإرهاب التكفيري .
الحريري يهدد هذه المعادلة بقيادته لحملة الشتم المتشنجة التي لا تعكس إلا غياب الحجة المقنعة والمنطقية وتوتر الجهة التي اوعزت بحملة الردود نظرا لمأزقها وعجزها عن تحقيق ما حلمت به من أهداف في الحرب على اليمن حتى اليوم كما هي غارقة بالفشل في سورية.
أما شتائم الحريري حول سورية وإعلامها فهي نزر من حقد وخيبة عميقة منذ سيره في ركاب وعود جيفري فيلتمان الكاذبة وتورط محازبيه في إقامة غرف العمليات الإعلامية والأمنية واستقدام بواخر السلاح وإيواء الإرهابيين في لبنان لتدمير سورية ودولتها الوطنية وبعدما قتل من قتل من الشباب الفقراء الذين حشدهم أركان المستقبل إلى الداخل السوري وبدلا من التراجع والمراجعة العقلانية لما تورط به الحريري وحزبه يتمادى في إثارة الأحقاد والضغائن حتى لا يكاشف ذوي الضحايا بحصاد المغامرة الخرقاء فيحمل تبعة موت الأبناء غرباء مجهولين لا قبور لهم تزار ولا شواهد تدل على ما بقي منهم تحت التراب بل هم مطمورون في خنادق القتال وفي علب نسيان مختومة بالحقد الأعمى.
صوت السيد نصرالله حول اليمن هو صرخة عربية حرة يتيمة ضد استفراد ملايين البسطاء والفقراء الحفاة العراة الذين هبوا لصنع مستقبلهم ولانتزاع استقلال بلادهم ولوضع حد لحلقة الفوضى والتهديد الإرهابي التكفيري الذي يضرب بلادهم من سنوات ويصح القول أن قائد المقاومة يمثل العروبة التي يشكو اليمنيون يتمها واستضعافهم باسمها بينما رد السيد الحريري ملأ الفراغ الفكري الناتج عن غياب المنطق والحجة بكلام موتور وغير لائق يمثل خروجا فاضحا عن آداب التخاطب وهو غير مناسب في الشكل والمضمون لحقه إليه محازبون وحلفاء طمعا بالرضى وبنصيب من ” الخير ” الموعود.