منذ نهاية 2019 حتى اليوم..هكذا “أجّجت” تعاميم مصرف لبنان سعر صرف الدولار
موقع العهد الإخباري-
فاطمة سلامة:
حين نبحث عن وظيفة مصرف لبنان والمهمات المنوطة به، ثمّة وظيفة أساسية تُطالعنا تتمثّل بالمحافظة على الاستقرار النقدي. طبعًا يُضاف اليها عدّة وظائف بدءاً من تنظيم عمليات نقل الأموال وليس انتهاء بالحفاظ على سلامة القطاع المصرفي ومراقبته وتحديد قوانينه. النظر الى واقع الحال في لبنان يُبيّن أنّ المصرف المركزي لم يقم بواجباته. ثمّة أدلة ثابتة لا تحتاج الى شرح وتفسير. صحيح أنّ مشكلة لبنان الاقتصادية والمالية بنيوية وليست وليدة اللحظة، وصحيح أنّ اقتصاد لبنان “مدولر” ما يجعل الدولار بمثابة “أوكسيجين” هذا البلد، إلا أنّ وجود حاكم بنك مركزي “مسؤول” كان يُمكن أن يُجنّب لبنان الكثير من التداعيات التي أُسقطت عليه دون مبرّر.
صحيح أنّ السياسات الاقتصادية منذ التسعينيات حتى اليوم لم تكن سياسات منتجة بل سياسات ريعية شعارها الاستدانة ثم الاستدانة، إلا أنّ ما يشهده سوق النقد اليوم يفوق تكلفة الحصاد الذي يجب أن يدفعه لبنان. قبل سنة ونصف كان سعر صرف الدولار الرسمي 1507 ليرات، أما اليوم فقد تخطى الـ15 ألف ليرة أي بزيادة تفوق العشرة أضعاف، وسط ترجيحات بالمزيد من الارتفاع.
ولدى البحث في الأسباب التي جعلت سوق الصرف فالتًا من عقاله، ثمّة اقتصاديون يشيرون بكل صراحة الى تعاميم حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وأدائه الذي فاقم الأزمة وسارع في الانهيار الدراماتيكي لليرة اللبنانية. كلما أصدر سلامة قرارًا أو تعميمًا ارتفع سعر صرف الدولار. وبدل أن يضع رؤية للحفاظ على سلامة النقد الوطني، وقف في البداية موقف المتفرّج قبل أن تطالعنا التعاميم التي أجّجت سعر صرف الدولار وجعلت الليرة اللبنانية في أدنى مستوياتها.
شمس الدين: سعر صرف الدولار ارتفع 300 بالمئة
الباحث في الدولية للمعلومات محمد شمس الدين يلفت في حديث لموقع “العهد” الإخباري الى المراحل التي مرّ بها سعر صرف الدولار، فيلفت الى أنّه وبعد تشرين الثاني 2019 بدأ الدولار بالتحرك ارتفاعًا ولكن بسعر مقبول جدًا يتراوح بين 1600 و1800 ليرة للدولار الواحد، فيما اختتم عام 2019 على 2000 ليرة للدولار الواحد. وفق شمس الدين، كان يفترض أن يسهم تشكيل الحكومة في إبقاء السعر عند هذا الحد، إلا أنّ عدم التشكيل وسياسات مصرف لبنان أدت الى ارتفاعه بحيث انه وصل الى 7200 ليرة في حزيران 2020، واختتم عام 2020 عند حدود الـ9000 ليرة. وفي بداية عام 2021 أيضًا استمرّ سعر الصرف في ارتفاعه ووصل الى حدود الـ12 ألف ليرة واستقر عند هذا الرقم وصولًا الى الارتفاع الحالي الذي تجاوز الـ15 ألف ليرة في حزيران 2021، ما يعني أنه في غضون عام ارتفع الدولار حوالى 8000 ليرة.
منذ نهاية 2019 حتى اليوم..هكذا “أجّجت” تعاميم مصرف لبنان سعر صرف الدولار
ويلفت شمس الدين الى أنّ الدولار ارتفع منذ تشرين الثاني 2019 حتى حزيران 2021 بحدود الـ300 بالمئة. من وجهة نظره، لا سبب اقتصاديا يبرّر هذا الارتفاع فالمسألة تقنية سياسية. وفق شمس الدين، فإنّ أهم ما يبرّر هذا الارتفاع هو “حبس” الدولار لدى المصارف ومصرف لبنان والدفع بالليرة اللبنانية، فسياسة مصرف لبنان باعتماد منصة الـ3900 ليرة بدل الدولار أدت الى ضح 15 ألف مليار ليرة، وهذا أدى الى ارتفاع الطلب على الدولار بموازاة توفر الليرة اللبنانية، خصوصًا أن الدولار موجود في لبنان لدى الناس والتحويلات من الخارج، ولكن في ظل انعدام الثقة وتوفر الليرة اعتمد المواطن على صرف الليرة والاحتفاظ بالدولار، خصوصًا أن الفرد لم يحصل من المصرف على دولار “كاش” فالألف دولار كان يأخذه ثلاثة ملايين و900 ألف ليرة. بحسب شمس الدين، فإنّ أكبر خطر يحصل اليوم يتمثّل في منصة “صيرفة” التي سيتم بموجبها إعطاء الناس 400 دولار “كاش”، و400 دولار وفقًا لسعر المنصة، وهذا الأمر سيؤدي خلال عام من تطبيق هذا التعميم الى ضخ سيولة وطباعة عملة بـ27 ألف مليار ليرة، وعليه فالدولار سيرتفع أكثر وأكثر بسبب السيولة الكبيرة بالليرة اللبنانية.
لا ينكر شمس الدين أنّ إعطاء الـ400 دولار هو أمر مهم وأساسي، لكن العيب هو دفع الـ400 الأخرى وفقًا لمنصة “صيرفة” (12 ألف ليرة للدولار الواحد) أي 4 ملايين و800 ألف ليرة. مليونان و400 ألف ليرة “كاش” ومليونان و400 ألف ليرة في البطاقة الائتمانية. وعليه سيسهم هذا الامر في “تكبير” حجم السيولة بالليرة اللبنانية بحدود الـ27 ألف مليار ليرة، يُضاف اليها ما يتم ضخه عبر سعر المنصة 3900 ليرة، فضلًا عن منصة الـ 6200 ليرة التي سيدفع بها قرض البنك الدولي الذي سيتم دفعه للناس بالليرة اللبنانية، ما سيؤدي الى سيولة كبيرة جدا جدا بالليرة اللبنانية ستترجم بالمزيد من التضخم وتآكل القدرة الشرائية التي تراجعت 90 بالمئة، وبالتالي سيؤدي هذا الأمر الى ارتفاع سعر صرف الدولار أكثر فأكثر.