منتدى السلام والأمن العالمي
صحيفة البعث السورية-
عناية ناصر:
في الوقت الذي يواجه فيه العالم تحديات أمنية وتنموية غير مسبوقة، كانت حلول الصين المتمثلة في حماية التعددية الحقيقية، وتعزيز الحوار والمفاوضات في حل النزاعات والصراعات، هي محور التركيز في منتدى السلام العالمي هذا العام الذي عقد في بكين مؤخراً، في تناقض حاد مع سياسات القوة التي تقودها الولايات المتحدة والتحركات أحادية الجانب لقمع الخصوم.
في هذا السياق، قال نائب الرئيس الصيني، هان تشنغ، في الكلمة الافتتاحية لمنتدى السلام العالمي إن الصين طرحت سلسلة من المبادرات الرئيسية لمواجهة التغيرات العميقة في الوضع الدولي، مثل مبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، والتي تعمل باستمرار على إغناء التصور والمسار العملي لمفهوم بناء مصير مشترك للبشرية، وضخ طاقة إيجابية قوية في السلام والتنمية العالميين.
وأضاف هان إن الصين مستعدة للعمل مع الدول الأخرى لحماية السلام والأمن العالميين، والسعي لتحقيق التنمية والازدهار العالميين، والدعوة إلى التبادلات والتعلم المتبادل بين الحضارات، ومشاركة ثمار التنمية البشرية والأمن والحضارة، وشدد هان على حل النزاعات من خلال الحوار والتشاور. وفي هذا الخصوص يتعين على المجتمع الدولي، وخاصة الدول الكبرى ذات النفوذ، اتخاذ موقف واضح لتعزيز محادثات السلام والوساطة في ضوء احتياجات، وتطلعات الدول المعنية من أجل بناء الثقة المتبادلة، وحل النزاعات وتعزيز الأمن من خلال الحوار.
ودعا هان جميع الأطراف إلى تعزيز المنفعة المتبادلة، والنتائج المربحة والمفيدة للجانبين، وقال: “علينا العمل معاً للدخول في مرحلة جديدة من التنمية العالمية المتوازنة والمنسقة والشاملة، وتعزيز التعاون الإنمائي الدولي، وتحسين رفاهية شعوب الدول المشاركة، وتعزيز الأساس الاجتماعي للسلام العالمي”. وأكد هان أن التحديث الصيني يتبع طريق التنمية السلمية، وأن الصين ستدافع بثبات عن السلام العالمي وتبنيه وتدعمه.
من ناحية أخرى أشار بعض المشاركين في المنتدى إلى ن أن الصراع بين روسيا وأوكرانيا لم يؤد إلى إضعاف الأمن العالمي فقط، بل أدت سلسلة من التغييرات غير المسبوقة إلى إعادة تشكيل النمط العالمي، مثل عودة عقلية الحرب الباردة، وتباطؤ النمو الاقتصادي وعدم توازنه، وتكثيف المنافسة وكذلك المواجهة بين القوى الكبرى، مما أدى إلى زيادة عدم الاستقرار والمواقف التي لا يمكن التنبؤ بها.
من جهتها اعتبرت رئيسة بنك التنمية الجديد والرئيسة البرازيلية السابقة، ديلما روسيف، أن أحد أخطر التهديدات في العالم اليوم مرتبط بالحمائية الجديدة، مثل كبح تنمية البلدان الناشئة.
على سبيل المثال، كانت كلمات “الفصل”، و”عدم المخاطرة” كلمات رنانة على الساحة الدولية مؤخراً، وتعتقد روسيف أن هذه المفاهيم لن تضعف العولمة الاقتصادية والعلاقات المالية فحسب، بل تُستخدم أيضاً كأسلحة سياسية لمنع المشاركين الجدد على المسرح الدولي من الصعود.
من جهة أخرى قال ألكسندر دروزينين، السكرتير الثالث لسفارة الاتحاد الروسي في الصين على هامش المنتدى: “إننا نرى جهود الحكومة الصينية والرئيس شي جين بينغ من خلال دعم مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والتعايش السلمي، وهما أمران مهمان للغاية بالنسبة لنا جميعاً”.
إن رؤية الصين تجاه التنمية العالمية، خاصة عندما يتعلق الأمر بدعم ميثاق الأمم المتحدة هو أمر مهم للغاية، ورأى دروزينين أن هذه المبادرات التي اقترحها الرئيس الصيني فيها الكثير من القيم المضافة للأيديولوجية العالمية للتعايش السلمي والتنمية المتبادلة، لأن الصين تعارض تفكير الحرب الباردة، وتعارض لعبة محصلتها صفر. وأشار دروزينين إلى أن روسيا تؤمن بنفس الشيء إلى حد كبير، لذلك نحن نتطلع إلى تطوير تعاون مثمر أكثر مع الصين في القضايا الثنائية، وكذلك في الشؤون الدولية العالمية.
أما ليو جيانتشاو، رئيس الدائرة الدولية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، فقد قال في معرض شرحه لممارسات الصين الخاصة بـمبادرات التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، لقد أثبتت التجارب أن طريق الصين إلى السلام يوفر حلولاً فعالة للحزب الشيوعي الصيني فيما يتعلق بتحديات المجتمع الدولي للسلام، وعلى سبيل المثال، لقد أصبحت المقترحات الأساسية للصين بشأن تعزيز الحوار، وإيجاد حل سياسي لقضية أوكرانيا تلاقي إجماعاً واسعاً بشكل تدريجي في المجتمع الدولي. وفي الآونة الأخيرة، تسببت المصالحة بين السعودية وإيران بوساطة بكين أيضاً في سلسلة من ردود الفعل الإيجابية، مما أدى إلى موجة من المصالحات في الشرق الأوسط وخلق تأثير جيد لدى المجتمع الدولي.
من جهته رأى إيغور إيفانوف، رئيس مجلس الشؤون الدولية الروسي، أن المبادرات التي طرحتها الصين مهمة للغاية، وضرورية لمستقبل الأمن والاستقرار في العالم، وهي تتعلق بكيفية بناء النظام الدولي، وتجسد بعض المبادئ المهمة للغاية. وأضاف يجب أن تشعر كل دولة في النظام الجديد بالأمان، وأن تتاح لها الفرصة لتطوير اقتصادها بالطريقة الصحيحة، ويجب أن يكون للجميع رأي في النظام الدولي.
وتحقيقاً للاستقرار في عالم غير مؤكد من خلال التوافق والتعاون، ناقش المتحدثون أيضاً موضوعات، على سبيل المثال، مثل الأمن في منطقة آسيا والمحيط الهادئ التي يعتقد الكثيرون أن الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين إلى الصين أظهرت بادرة إيجابية للتخفيف من آثار العلاقة الثنائية المتوترة، مع التأكيد على أن إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة هو أمر بالغ الأهمية.
وفي هذا الخصوص أشار ليو إلى أن هناك أشياء قليلة بين الصين والولايات المتحدة لم تتغير، بما في ذلك المصالح المشتركة والمسؤوليات المشتركة. وأضاف المسؤول الصيني إن توازن القوى والتعاون المتبادل والدعم والمساهمة في الاقتصاد العالمي وما إلى ذلك، كلها دفعت بالتقدم المستمر للحضارة الإنسانية، ويجب التأكيد الآن على أننا لا نستطيع السعي وراء مزايا أحادية الجانب، أو السعي وراء المصلحة الذاتية بشكل أعمى، وترك الطرف الآخر جانباً.
وبناء على ذلك فإن اتخاذ المسار الخاطئ، واتخاذ قرارات غير صحيحة يمكن أن يكون مدمراً للبشرية جمعاء، مشيراً إلى أنه يأمل أن يتمكن صانعو القرار في الولايات المتحدة من رؤية ذلك بوضوح، أي ما هو مفيد حقاً لكل من الصين والولايات المتحدة ، وللعالم بأسره.
وفي الإطار ذاته قال دانيال راسل، نائب رئيس الأمن الدولي والدبلوماسية في معهد آسيا للمجتمع السياسي: “أعتقد أن هناك خطراً حقيقياً من احتمال وقوع حادث بين الصين والولايات المتحدة، لأنه ليس لدينا قنوات جيدة للحوار، ولأن الثقة المتبادلة عند مستوى منخفض، ومن الممكن أن يتحول الحادث بسرعة إلى أزمة، وقد تتصاعد الأزمة إلى صراع على الرغم من عدم رغبة أياً من حكومتي البلدين”.