مناورة البحر الأحمر خطوة جس نبض بين السعودية وإسرائيل تمهيداً للتطبيع
وكالة أنباء آسيا-
زهراء أحمد:
بعد أن طبعت عدد من الدول العربية والخليجية مع إسرائيل واقامت علاقات دبلوماسية علنية وفي مقدمتها الإمارات العربية المتحدة والبحرين عام 2020، كانت السعودية تتقدم ببطء نحو فتح التطبيع بخطوات مدروسة ، من خلال لقاءات سبقت الإمارات والبحرين من خلال لقاءات سرية عام 2018 مع مسؤولين إسرائيليين في مصر بحضور عدد من المسؤولين المصريين.
سربت وقتها هذه اللقاءات إلى الصحافة على أنها كانت لغايات أمنية، بحثت المصالح المشتركة في منطقة البحر الأحمر. وكان هذا التسريب للإعلام بموافقة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتم تداوله في الإعلام السعودي الرسمي لرصد ردود أفعاله على العالم العربي والإسلامي. الا أن مسؤولين إسرائيليين تحدثوا مرات عديدة عن التحسن الذي طرأ على علاقاتهم بالدول العربية، وأشاروا إلى تعاونٍ خلف الكواليس حتى مع الدول العربية الغير مطبعة مع إسرائيل. وقد تحدثت بوقتها قنوات اعلام إسرائيلية أن هذا اللقاء لم يكن الأول، لذلك فإن العلاقات بين الطرفين دافئة جداً وهناك تواصل دائم وتنسيق عالي لا ينقصه الا خطوة الإعلان عنه رسمياً. وها هي
السعودية وإسرائيل تشاركان لأول مرة في تدريبات بحرية ضخمة بقيادة أمريكية بعد ارتفاع حدة التوتر والتهديد في الخليج العربي زبعد تصاعد وتيرة الهجمات الحوثية على الإمارات والسعودية.
هذه التدريبات التي ضمت أكثر من ٦٠ دولة منها دول لديها علاقات مع إسرائيل ومنها دول لم تقم بعلاقات معها، ولكن اللافت للنظر أن السعودية شاركت في التدريبات على الرغم من عدم مشاركة الكويت وقطر فيها، وهذا ما يضع علامة استفهام على أنها خطوة جس نبض أخرى تمهيداً للاتجاه نحو التطبيع. حتى الولايات المتحدة الأمريكية انسحبت من تحالف الحرب مع اليمن لتمهد لدور إسرائيلي أكبر في هذه المعادلة لعلمها أولاً بعدم قدرة السعودية عسكرياً من حسم هذه المعركة ، إضافة إلى استغلال حالة العداء بين إيران الداعمة للحوثيين في وجه التحالف الدولي بقيادة السعودية، وتكريس هذا الصراع لتثبيت إسرائيل طرفاً اساسياً إلى جانب دول الخليج العربي. وبهذا تكون قد ساهمت مساهمة إيجابية في اعادة ترتيب التحالفات والتي يجب أن تكون السعودية وإسرائيل طرفاً ضد إيران.
المتحدث بإسم الأسطول الخامس “تيم هوكينز” صرح للصحفيين تصريحاً مهماً حينما تم سؤاله عن دخول إسرائيل إلى هذه المناورات، فأجاب أن إسرائيل تتدرب ليس معنا فقط، ولكن مع دول شريكة أخرى في المنطقة، وحتى في وقت سابق شاركت مع عدة دول ولديها تنسيق وترتيب وتدريبات مع دول أخرى .
من جهته، كتب المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي “أفيخاي أدرعي” في تغريدة على تويتر “سيتدرّب أسطول سفن الصواريخ ووحدة المهام تحت المائية مع الأسطول الأميركي الخامس في منطقة البحر الأحمر”، مشيراً إلى أنّ البحرية الإسرائيلية تشارك “لأول مرة” في التدريب.
وزارة الدفاع السعودية أعلنت عن تدريبات مع الجيش المصري في البحر الأحمر وعن تدريبات مع الجيش الأمريكي وقائية لمواجهة أسلحة الدمار الشامل، ولم تتناول اي وسيلة اعلام سعودية هذه المناورات بأبعاده الحقيقية.
العميد الركن اللبناني المتقاعد الياس فرحات أشار في حديث خاص لوكالة انباء آسيا انه لأول مرة يشترك الكيان الاسرائيلي في مثل هذه المناورات واشتراكه ليس له قيمة أمنية ولا قيمة عسكرية كون الساحل الذي يتمركز فيه والمعروف بميناء ام رشراش هو عبارة عن بضع كليومترات، وليس له قطعة بحرية ومشاركته هو عبارة عن خبرة وتنسيق عمليات مع بحريات المنطقة. ان القيمة السياسية لهذه المناورات انها فقط تشمل نوعاً من التطبيع العملياتي البحري بين الدول العربية واسرائيل، وهو اضافة لعملية التطبيع التي تجري في الامارات والبحرين وعملية العلاقات مع الدول التي لا تزال دون التطبيع كالاردن ومصر والسعودية. الاعلام الاسرائيلي يكبر من شأن هذه المناورات ومن شأن الدور الاسرائيلي لأن دور اسرائيل الان هو دور محدود وصغير جداً وليس مؤثراً في المناورة بشكل عام، انما الموضوع هو نوع من التطبيع.
البعض اعتبر مشاركة السعودية في التدريبات هو جزء من دورها الأمني في المنطقة، باعتبار أن لديها مصالح في الممرات البحرية التي تنقل البترول والصادرات السعودية، وباعتبار التدريب بقيادة أمريكية حليفة للرياض، إضافة إلى الحرب مع اليمن وتداعياتها عليها، وان إسرائيل تشارك بهذه الممرات المائية ولها فيها مصالح ولديها حليف أمريكي مشترك. الا ان هناك أطرافاً اخرى تعتبر أن هذه خطوة تطبيعية لأن السعودية تقود مجلس التعاون الخليجي وهي من فتح باب التطبيع للإمارات والبحرين وأن تأخرها كان بسبب موقعها العربي والإسلامي.
لذلك فإنها تتقدم بخطوات حذرة مراعية هذه الخصوصية، وان هذه الخطوة تعتبر الأكثر تقارباً مع دول الخليج، خصوصاً وان هناك دولاً كان مطبعة مع إسرائيل ولم تقم سابقاً بهذه الخطوة. لذلك فإن مشاركة السعودية بهذا التدريب هو بمثابة اعتراف رسمي، وهو مقدمة لإعلان رسمي للتطبيع مع اسرائيل.