ملاحظات ومشاهدات.. الروس أكثر وطنية وبوتينيين
موقع إنباء الإخباري ـ
يلينا نيدوغينا*:
يتزامن عيد ميلاد الرئيس الروسي العظيم فلاديمير بوتين، نصير قضايا العرب المصيرية الكبير، بحرب سيكولوجية وإعلامية وسياسية واسعة النطاق، تشنها الولايات المتحدة الامريكية عليه وعلى روسيا ذاتها، وعلى شعبها السلافي، ومحاولة محاصرتها بأوكرانيا الفاشية الحالية، وبالعقوبات الامريكية والاوروبية الغربية وبعض الاوروبية الشرقية عليها.
وفي محاصرة روسيا ومحاولة شيطنة بوتين شخصياً وتسويد صفحته بخاصة في يوم عيده ميلاد الذي صادف وما بعده، تعمل القوى الغربية حالياً على إخراج “روسيا بوتين” من العالم العربي برمته، بإدعاءات واهية منها، محاربة واشنطن للارهاب الدولي الذي تدعمه هي بنفسها، وبإعتراف علني من قياداتها الامريكية السياسية والعسكرية.
مؤخراً عُدت من لينيننغراد، وهي المدينة الروسية والتاريخية الجميلة والآخاذة التي ولد فيها بوتين في السابع من اكتوبر(1952)، حيث أمضيت ردحاً من الزمن لاستعادة الروح الروسية الوثابة. وقد دهشت للغاية من تغيّر نمط الحياة الروسية في ظل قيادة الرئيس فلاديمير بوتين. في الحقيقة، شعرت للمرة الاولى منذ “بيريسترويكا وغلاسنوست” غورباتشوف ويلتسين المشؤومتان، بالأمان والاستقرار خلال تجوالي المتواصل في سانت بطرسبورغ، لينيننغراد سابقاً، وبتبدّل نمط الحياة للروس الى الأحسن والافضل مستوىً وسلوكاً، بل ان الروس أصبحوا أكثر وطنية وتقدمية وتمسكاً بوطنهم الكبير، وصاروا بوتينيين بمعظمهم “حتى العَظم”، وهو ما يكشف عن شعبية بوتين الطاغية في أوساط روسيا التحتا خاصة، أي في جماهير الشعب الروسي العامل والمثقف، وسواد الامة الروسية، بقوميات روسيا الكثيرة.
في شوارع وساحات سانت بطرسبورغ، (بيتر)، تلاحظون ان الروسيين، وهم الروس وغيرهم من أبناء القوميات الاخرى، لم يعودوا يتناولون الكحول في تلك الاماكن، بعد ان كانت العادة قبيحة سابقاً، بتناول الجِعة والفودكا في تلك المواقع على اختلافها، ولم يكن يُخاَلف الشارب بشربها، عدا، ربما، في حقبة رئاسة رجل المخابرات الشديد، ومن ثم رئيس الدولة والامين العام للحزب يوري أندروبوف، الذي حاول جهده إعادة روسيا والاتحاد السوفييتي الى جادّة الانضباط الشامل، لكنه سرعان ما توفي في ظروف غامضة، كما قِيل ويُقال.
كما لم يَعد مِن مشرّدين ومتسوّلين في الشوارع والساحات العامة، كما كان في السابق، وكما كانت الصورة العامة والمؤلمة، بخاصة في زمن الانهيار البائد. واليوم، فإن الجميع في دولة القائد بوتين، يتمتعون ببيوت تظلّلهم وتحميهم من قيظ الصيف وزمهرير فصل الشتاء القارص، فكل مواطن بات يحيا بكرامة، ويتمتع بتأمين صحي كامل وشبه شامل، وعمل أو تقاعد ومصدر مالي محترم، علماً بأن التعليم المدرسي في روسيا مجاني الآن كما كان أمره في روسيا السوفييتية، وكذلك التعليم الجامعي مجاني ومفتوح لكل الراغبين القادرين علمياً ومنهم ذوي الاحتياجات الخاصة ورقيقي الأحوال. زد عليها كلها، توسّع روسيا بشمول القرى بمشاريع تحتية وفوقية وتشغيلية، بعدما كانت مهمّشة، بفعل أيدي روسية مرتبطة بمشاريع خارجية مشبوهة، لتدمير الريف الروسي وقراه ونقاطه السكانية، تمهيداً لإلغاء روسيا وقِواها ومكانتها التي تستند عليها في الريف الكبير، حيث ولدت السلافية وتوسّعت بروح وطنية إنسانية واممية لا تطرف فيها ولا غلو.
لذا، ترى كيف يتمشّى الروس في الشوارع والساحات والطرقات في روسيا يرتدون بزّات وملابس طبعت عليها صور كثيرة شيّقة للرئيس بوتين، وتعرض لوطنيته تارة، وفي اخرى تعرض لنشاطه الرياضي وشبابه وقُدراته العضلية في ممارسة أشكال الرياضات المختلفة، ومنها سباحته في مياه جليدية، وتزلّجه على الثلوج، وممارسته رياضة الهوكي، وقد نزل بوتين الى ساحة النزال قبل يومين، سوياً مع وزير الدفاع الهمام سيرغي شويغو، للمنازلة ضمن فريق هوكي بمواجهة فريق آخر، في هذا النوع من الرياضة المتميز والشيّق الذي يجري بالتزلج على الجليد.
بوتين هو بطل رياضي معترف به، وهو مدافع كبير عن المسيحية كما عن الاسلام الذي قال ذات يوم في يوم عيد الاضحى أنه يُذكّرنا بالاسلام السَّمح. ويُعتبر بوتين بطل رياضي، وقد شغف برياضات الدفاع عن النفس التي شغلت حيزاً كبيراً في اهتمامه منذ شبابه، ففي عام 1973م أصبح أستاذاً في لعبة السامبو، ثم أخذ يهتم بلعبة الجودو التي تألق بها وحصل حزامها الأسود، كما أنه فاز بعدد من بطولات السامبو الدولية، الى ذلك يمارس بوتين الغناء بالروسية والانجليزية، حتى أمام رؤساء دول العالم وعلى مسامعهم مباشرة، فيضفي عليهم أجواء حميمية وصداقة يسهل معها الاتفاق السياسي بينهم، وهو بذلك يَعرض لنمط جديد من زعماء العالم الاوائل والاكثر إنسانية وسماحة ولطفاً.
*كاتبة روسية أُردنية ورئيسة الفرع الاردني للاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب حُلفاء الصين