مفاتيح القوّة.. مشهد العالم اليوم

[ad_1]

سادت القرن العشرين قوتان عظميان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية هما الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفييتي السابق. ذلك في ظل ما عُرف بفترة الحرب الباردة بين معسكري الغرب والشرق. ثمّ كان انهيار جدار برلين في مطلع شهر نوفمبر من عام 1989 كبداية مسار أنهى الاستقطاب الثنائي الدولي وتفكك المعسكر الاشتراكي.

وحول هذا المشهد الجديد يحدد «جان لويس بيفا» الرئيس والمدير العام السابق والرئيس الفخري الحالي لمجموعة «سان غوبان» الصناعية الكبرى لسنوات عديدة ما يعتبره «مفاتيح القوّة»، كما جاء في عنوان كتابه الصادر قبل فترة قليلة.

ويشرح «بيفا» أنه منذ نهاية الحرب الباردة وجدت الولايات المتحدة نفسها هي صاحبة الدور العالمي الأول ومركز القوّة الذي يقرر مصير العالم بعد انهيار الكتلة السوفييتية. لكن تلك المرحلة من العولمة انتهت ثمّ برزت منذ بدايات هذا القرن الحادي والعشرين صورة عالم جديد في إطار «مرحلة جديدة من العولمة».

هذا العالم الجديد يتميّز بوجود عدد من الأقطاب، لكن «دون العودة إلى الصيغة القديمة من التعددية القطبيّة». ذلك مع الدور المتعاظم الذي عرفته الصين.. وبالتوازي «مع بداية القرن الحادي والعشرين أخلت الهيمنة الإيديولوجية وما نجم عنها من واقع جيوسياسي ــ جيوبوليتيكي ــ المكان لعالم من التوازنات بين القوى الكبرى التي تتنازع مناطق النفوذ»، كما نقرأ.

بروز

ويؤكد المؤلف بروز ثنائي عالمي جديد مسيطر يتمثّل في الولايات المتحدة والصين، ويرى أن هذا الثنائي سوف يسود خلال القرن الحالي، الحادي والعشرين. بهذا المعنى ستتم العودة من جديد إلى «الاستقطاب الثنائي العالمي»، لكن بصيغة أخرى بزعامة الولايات المتحدة «التي لن تنكفئ» والصين «التي أصبحت في مصاف قوّة عظمى»..

الخلفية التي يقوم عليها المشهد العالمي الجديد يحددها المؤلف في أربعة عوامل حاسمة لتحقيق النمو في المرحلة الراهنة من مكامن القوّة المعاصرة هي: «الصناعة المكرّسة للتصدير والتكنولوجيات الجديدة والطاقة والقدرات العسكريّة». هذه العوامل هي التي تعطي وحدها، حسب التحلايلات المقدّمة، أهلية التأثير على مختلف مسائل العالم المصيرية.

ويحدد جان لويس بيفا «توزيع» خارطة امتلاك هذه «العناصر الحاسمة للنمو» بأن الصين هي «السيّدة» فيما يتعلّق بالصناعة المكرّسة للتصدير والولايات المتحدة تهيمن بالنسبة للعناصر الثلاثة الأخرى ..

بينما لا تستطيع القوى الكبرى الأخرى أن تفرض نفسها بأكثر من عامل حاسم واحد. فروسيا خسرت، بعد انهيار الاتحاد السوفييتي القوّة الصناغية والعسكرية، وألمانيا فشلت في بناء مجموعات متماسكة في مجال الطاقة، والبرازيل والهند لم تجسّدا وعودهما في التنمية في أرض الواقع، حتى الآن.

في مثل هذا المشهد العالمي لتقاسم مواقع القوّة ومفاتيحها يمكن للولايات المتحدة والصين وحدهما احتلال موقع الفعل والتأثير في قضايا العالم الكبرى.

فصول

هكذا يرسم في الفصل الأول الذي يحمل عنوان «الملعب الجديد» صورة لعالم اليوم، كي يشرح في الفصل الثاني «لماذا لا تريد الولايات المتحدة التخلّي» كما يقول عنوانه، مع تبيان أنها تركّز جهودها على تثبيت مواقع قوّتها. ثم التأكيد في الفصل الثالث أن «التقدّم الصيني ليس مرشّحا للتوقّف».

الفصول التالية يكرّسها المؤلّف للقوى الصاعدة الأخرى التي يجملها تحت عنوان عريض يؤكّد فيه أنها «لم تفِ بوعودها» وأنها القوّة الثالثة التي «لا تبرز». أمّا الشرق الأوسط فيصفه المؤلف بـ«القوّة الفاعلة الأخيرة في لعبة لم تعد قواعدها نافذة»، ويرى المؤلف أنّ ما تعرفه هذه المنطقة من العالم من عنف ومن تزمّت يجعل أفقها مغلقاً.

الفصلان الأخيران في الكتاب مكرّسان للقارّة الأوروبية أولهما تحت عنوان «أوروبا تتراجع». وما يؤكّده المؤلف هو أن المشهد العالمي الجديد يسمح بقدر من «التفاؤل النسبي».

ذلك على أساس أن «المواجهات العسكرية لم تعد هي الميدان الذي قد تتجابه فيه القوى الدوالية الكبرى». الكتاب يتحلّى بميزة «استثنائية» هي الوضوح الذي يرسم فيه المؤلف واقع التوازنات الدولية القائمة وبحيث يساعد على فهم ما يجري في العالم الذي نعيش فيه ورهاناته المستقبلية. بتعبير آخر يساعد على الإجابة عن السؤال الجوهري التالي: إلى أين يسير العالم؟

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.