«معهد واشنطن» يكشف كواليس قرار أمريكا المبهم بشأن المساعدات إلى مصر
نشر معهد “واشنطن” الأمريكي تقريرا حول قرار واشنطن الخاص بإرجاء أو إلغاء المساعدة المادية التي تقدمها لـ”مصر” وقيمتها 300 مليون دولار، موضحا أن الحكومة المصرية تفأجات من القرار، وذلك بسبب التوافق الدافئ بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس عبد الفتاح السيسي والذي كان كافيًا لضمان علاقات ثنائية وطيدة تشمل المساعدات العسكرية الأمريكية بعد سنوات من عدم اليقين في ظل الإدارة الأمريكية السابقة.
وقال معهد “واشنطن” إن التغييرات على مستوى المساعدات تعكس السياسة الأمريكية المعقدة تجاه مصر، والتي عجزت إدارة ترامب عن معالجتها في هذه الحالة، الأمر الذي أسفر عن نتيجة مربكة تتعارض على الفور مع الأولويات الأخرى للإدارة الأمريكية.
وأضاف معهد “واشنطن” أن القرار يعكس الصراعات المؤسسية حول ثلاث حزم منفصلة من المساعدات المقدمة لمصر، حيث تم إلغاء اثنين منها أولًا، وستعيد الإدارة الأمريكية برمجة مساعدة عسكرية بقيمة 65.7 مليون دولار من السنة المالية 2014.
وأفاد المعهد الأمريكي بأن الإدارة الأمريكية تعيد توجيه مساعدة اقتصادية بقيمة 30 مليون دولار من أجل معالجة أولويات إقليمية أخرى غير محددة حتى الآن، وعملت الإدارة الأمريكية على تحقيق سيطرة مباشرة بشكل أكبر على الحزمة الثالثة، التي تنطوي على 195 مليون دولار من المساعدات العسكرية الأمريكية السنوية لمصر.
وأكد أن الإدارة الأمريكية وضعت شروطًا جديدة لاستخدام تلك المساعدات، بحيث يتم إنفاذها من قبل “وكالة التعاون الأمني الدفاعي”، التي تدير المساعدات العسكرية الأمريكية، والتي يجب أن توافق على أي نفقات للمعونة إلى مصر.
وقال إن الشروط المفروضة على الـ 195 مليون دولار مبهمة بعض الشيء، فبدلًا من تقديم خطوات ملموسة يجب على القاهرة اتخاذها لتلقي المساعدة، تحدثت الإدارة الأمريكية عن ثلاث مجموعات من المخاوف لكنها عجزت عن تحديد ما إذا كان يجب تذليل بعضها أو جميعها.
وأضاف الموقع أن الأمر الأكثر حساسية هو أن الولايات المتحدة تضغط على مصر لـ “التوقف عن استضافة العمال الكوريين الشماليين، ووقف تقديم فوائد اقتصادية أو عسكرية لكوريا الشمالية”، كما أكد الرئيس ترامب خلال مكالمته الهاتفية مع الرئيس السيسي في 5 يوليو الماضي.
وقال “معهد واشنطن” إن عملية التنسيق كانت ضعيفة داخل الحكومة الأمريكية، حيث تسربت سياسة المساعدات الجديدة قبل ساعات فقط من وصول وفد أمريكي رفيع المستوى – يضم المستشار الأقدم للرئيس ترامب جاريد كوشنر، ونائبة مستشار الأمن القومي الأمريكي دينا باول، ومبعوث السلام في الشرق الأوسط جيسون جرينبلات – إلى القاهرة لعقد اجتماع مع السيسي، وكان الوفد يزور مصر فى إطار جولة إقليمية أوسع نطاقًا تركز على تعزيز السلام الإسرائيلي – الفلسطيني وإنهاء المواجهة بين شركاء واشنطن فى الخليج بيد أن قرار المساعدات سيجبر الوفد على معالجة العلاقة الأمريكية – المصرية بدلًا من هذه الأولويات الأخرى.
وأوضح التقرير الأمريكي، أنه رغم الغموض الذي يكتنف الأثر النهائي لقرار المساعدات، فإن الطريقة التي اتخذت بموجبها واشنطن قرارها وكيفية إعلانها عنه قد قوض بشكل كبير من مصداقية إدارة ترامب مع القاهرة، التي لديها الآن سبب للتشكيك في ما إذا كان هناك أهمية للدعم اللفظي الذي عبره الرئيس الأمريكي تجاه السيسي.
وأضافت أن القرار يشكل في الوقت نفسه، ناقوسًا لتنبيه الحكومة المصرية، التي لم تعد قادرة على تجاهل المخاوف الواسعة النطاق التي طال أمدها والتي تنتاب الأوساط السياسية في الولايات المتحدة، بشأن سلوكياتها الداخلية والخارجية إذا ما رغبت بعلاقة مستدامة وداعمة مع واشنطن.