معلومات ديبلوماسية وأمنية خطيرة: «حلم الموصل» في طرابلس
كشفت مصادر مطلة على الوضع الأمني لـ«البناء» معطيات تصفها بأنها تدعو إلى القلق المحلي والدولي في شأن استمرار تماسك الحدّ الأدنى من الاستقرار في لبنان. وقد أدرجتها على النحو الآتي:
أولاً: وجود نحو 2500 مقاتل من المعارضة السورية المنتمين بنسبة عالية إلى جبهة النصرة في المنطقة الممتدة بين بلدة عرسال اللبنانية وجرودها امتداداً لجبال القلمون في سورية. وخطورة هذا التواجد تكمن بحسب مصادر استخباراتية دولية في أنه يندرج ضمن السباق القائم حالياً بين تنظيم الدولة الإسلامية داعش وجبهة النصرة لامتلاك كل منها مساحات جغرافية عابرة لحدود الدول الوطنية فوق خريطة الفوضى الإقليمية في كل من العراق وسورية ولبنان. وتسعى النصرة الآن بحسب هذه المعلومات لامتلاك أوراق تواجد مسلح على الحدود اللبنانية السورية بمقابل امتلاك داعش أوراق تواجد على الحدود العراقية السورية وأيضاً الأردنية.
وتلخص هذه المصادر الصورة الآنفة بالقول إن المرحلة المنظورة تشهد صراع إقامة «إمارات» بين داعش والنصرة. وفي حين أن الأول جسد إمارة الخلافة الخاصة به، في منطقة مشتركة بين المثلث السني العراقي والرقة السورية ما يمنحه صفة قوة داخل معادلة الفوضى الإقليمية، فإن النصرة تحاول إعادة إحياء مشروع إمارة لها تمتد من القلمون إلى مساحة متصلة في شمال لبنان وبقاعه.
وتلفت هذه المصادر إلى خطورة هذا الوضع على لبنان على رغم لحظها أن الحدود اللبنانية بعد معارك القصير والقلمون أصبحت أكثر تحصيناً من مثيلتها السورية العراقية.
وتتوقع هذه المعلومات المستندة إلى مصادر استخباراتية مستقاة من أجواء على صلة بالمعارضة السورية، عودة تسخين جبهات الشمال وبخاصة في عرسال وطرابلس. وتقول إنه في الفترة الأخيرة عاودت المجموعات السلفية تحركاتها داخل الأحياء الداخلية في طرابلس وفي منطقة وادي خالد، وذلك تحت شعار أن هذه المدينة والمناطق المذكورة، قد تكون مساحة لإحداث مفاجأة «الموصل اللبنانية» فوقها.
وتؤكد مصادر لبنانية مسؤولة أن التحقيقات التي أجريت مع مروحة واسعة من الموقفين على خلفية أحداث الشمال، أظهرت أن ما كان مطروحاً على أجندة أجواء سلفية تكفيرية هو تحويل طرابلس إلى مفاجأة تشبه ما حدث في الموصل.
وتقول هذه المصادر إن الوضع الحالي في لبنان يقيم إلى جانب العاصفة المتعاظمة في المنطقة، ولكن ليس هناك ضمانات تمنع انتقاله إلى قلبها وذلك في حال لم يثبت المجتمع الدولي جدية في مكافحة ظواهر استيلاء الحركات الإسلامية التكفيرية على مناطق بكاملها، تمتاز بغنى ثرواتها الطبيعية.
وتضيف هذه المصادر إن السؤال المحير والمسبب للقلق هو عن خلفيات سماح الغرب لداعش باحتلال الموصل ومناطق واسعة غنية بالنفط من العراق، علماً أن التغطية الاستخباراتية الجارية أو من الجو للعراق، مستمرة 24 ساعة على 24 ساعة؟؟
ثانياً – هناك سيناريو متخيل تحذر منه معلومات وصلت إلى لبنان غير مرة في الفترة الأخيرة، من قبل مصادر استخباراتية خارجية. ومفادها التنبيه من أن يحدث في لبنان نفس الظاهرة التي حدثت في العراق، وهي أن يستيقظ البلد في ذات صباح على عملية فرار كبرى للموقوفين السلفيين الموجودين في سجن روميه. والواقع أن حصول هذا الأمر سيعني انتقال حرب الارهاب في لبنان من مرحلة المشاغبة على الأمن إلى مرحلة تلحق البلد بنفس نوعية الأحداث الجارية في كل من العراق وسورية. وتذكر هذه المصادر أن ولادة داعش حدثت عندما أخرج الاحتلال الأميركي أبو بكر البغدادي من السجن في العراق، وتعاظمت حركته عندما نجح البغدادي في اقتحام سجن أبو غريب وإطلاق نحو خمسمئة سجين من عناصره فيه. ونفس الوضع حدث مع جبهة النصرة التي ولدت نتيجة خروج أبو محمد الجولاني من السجن. والأمر نفسه حدث في مصر، عندما سمحت أحداث الثورة المصرية بإخراج الموقوفين السلفيين المتشددين من أحد السجون المصرية، ما سمح بولادة النسخة الجديدة من كتائب بيت المقدس وتحولها من مشروع لقتال إسرائيل عبر الحدود المصرية – الإسرائيلية إلى مشروع لضرب الأمن المصري.
ثالثاً – تحذر هذه المصادر من تأثيرات الدينامية التي أنتجتها أحداث العراق الأخيرة على الوضع الأمني في لبنان، إذ ترى أن عدوى ارتفاع معنويات داعش في العراق ستنتقل إلى باقي بيئات القوى التكفيرية في كل لبنان والأردن وسورية والسعودية أيضاً. وبات يشعر سلفيو لبنان أن الانتفاضة ضد الدولة العراقية هي أكثر صعوبة من الانتفاضة ضد الدولة اللبنانية. ويعيش هؤلاء حالياً حلم الاستيلاء على طرابلس وتحويلها إلى الموصل اللبنانية أو مصراتة الليبية، لكونها تشكل منفذاً لهم على البحر.
تهيب مما يحدث في الجنوب
إلى ذلك لا تزال التقارير الديبلوماسية تورد نوعاً من التهيب بخصوص ما يحدث في جنوب لبنان من إطلاق لصواريخ باتجاه الجليل المحتل على خلفية أحداث قطاع غزة. وترى مصادر ديبلوماسية أن هذه الأحداث تتحول بفعل تكرارها إلى سياق وليس إلى مجرد رد فعل على حدث معين. فتكرار إطلاق الصواريخ يوحي بأن هناك أجندة خارج تنسيق حزب الله وحركة حماس، بل قد يكون هدفها خلق واقع معقد في جنوب لبنان يحدث فوضى تبرر فوضى يخطط لها في شمال لبنان.
صحيفة البناء اللبنانية – يوسف المصري