معركة عفرين.. تفاصيل من الميدان
موقع العهد الإخباري ـ
باريس – نضال حمادة:
منذ بداية الأحداث السورية، وضعت تركيا أهداف لاحتلالها في سوريا إذا سمحت الظروف واقتضت الحاجة، ومن هذه الأهداف مدينة عفرين وريفها الذي يمتد على طول الحدود الشمالية لسوريا مع تركيا، واستعاضت تركيا عن عفرين باحتلال الجماعات المسلحة المقربة منها والمدعومة من حكومتها لمدينة حلب منذ العام 2013 وحتى آواخر العام 2016.
وفي هذا الشأن يقول الناشطون الأكراد أو الكرد السوريون (كما يطلبون أن نسميهم)، أن “تركيا بدأت استعداداتها للتدخل في سوريا قبل تحركات (15 آذار/ مارس 2011) مدينة درعا بوقت طويل”، ويشيرون إلى أن “السلطات التركية أنشأت خلية لمتابعة الاضطرابات في سورية في شباط/ فبراير 2011، أي قبل بدء الأحداث بأكثر من شهر”، مضيفين أن “الخطة التركية للتدخل العسكري في سوريا كانت موجودة منذ سنوات وتتركز في أساسها على محاصرة مدينة حلب وإسقاطها، ما يؤدي إلى سقوط الشام تلقائياً”، حيث يعتقد أتباع حزب العمال الكردستاني أنه “تاريخيا كانت الأمور تجري بهذا الشكل” ويشيرون إلى “نوع من اتفاق غير معلن بين اكراد سوريا والدولة السورية تقوم بموجبه الأخيرة بتقديم الدعم للمقاتلين الأكراد السوريين في منطقة عفرين الجبلية الوعرة وهذه المنطقة الإستراتيجية تقع إلى الشمال من مدينة حلب”.
المصادر الميدانية في مدينة عفرين قالت في حديث لـ”موقع العهد الأخباري” أن “عشرات من لواء “أمانو” وهو لواء النخبة التابع لحزب العمال الكردستاني متواجدون في عفرين منذ فترة لتنظيم عملية الدفاع عن المنطقة بعدما تأكد لدى كل الأطراف نية تركيا القيام بهجوم، بعمق ثلاثين كلم داخل الأراضي السورية يمتد من منبج حتى عفرين، كما أن السلطات السورية سمحت بانتقال مقاتلين أكراد من حي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب الى عفرين”.
وتشير المصادر الى أنه “في الوقت الحالي ليس من مصلحة الجيش السوري الدخول في هذه المعركة بسبب عدم معرفة العدو من الصديق في هذه الظروف وبالتالي اصبحت الإستراتيجية الواقعية تكمن في تقديم الدعم للمسلحين المدافعين عن عفرين وبالتالي استزاف الجيش التركي والمجاميع الموالية له وإغراقها في مستنقع في عفرين سوف تكون انعكاساته سلبية على الوضع التركي الداخلي تدريجيا”.
وتكشف المصادر أن “مؤازرات وصلت الى عفرين من بلدتي نبل والزهراء”، وتلفت الى أنه “خلال حصار نبل والزهراء من قبل الجماعات المسلحة الموالية لتركيا ومن بينها جبهة النصرة وداعش، كانت البلدتان تعتمدان في التموين والتذخير على عفرين وقضائها وكانت طرق التهريب تنشط بين نبل والزهراء والجوار الكردي حولها ما مكنها من الصمود اربع سنوات بوجه الحصار والقصف”.
وأضافت المصادر: “ربما يكون وصول هذه المؤازرات نوع من رد الجميل وعلى كل حال هذا الأمر لم يكن ليتم دون تنسيق مع الدولة السوري”.
الأهداف التركية
في السياق تشير المصادر الميدانية من مدينة عفرين في حديثها لـ”العهد” إلى أربعة أهداف تعمل تركيا على تحقيقها وهي كما يلي:
1ـ التخلص من المتشددين لديها في المعارك ومن خصومها.
2ـ الضغط على امريكا لإبعادها عن قسم من حدودها.
3ـ زيادة مساحة السيطرة الى أكبر قدر ممكن، للحصول على حصة أكبر في المفاوضات الجارية مع إيران وروسيا.
4ـ تقليص مساحة وحجم مسلحي حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني التركي دون نشوب مشاكل تركية ـ كردية عبر استعمال مقاتلي المعارضة السورية العرب، فضلا عن حاجة أردوغان لناخبية الأكراد حيث ان أغلب ناخبي أردوغان يأتون من أكراد أورفه وماردين والجنوب الشرقي لتركيا.
المصادر الميدانية قالت أن “المعلومات عن خريطة الأهداف الجغرافية للهجوم التركي تشير إلى ان المجلس الاعلى للامن القومي التركي المكون من ست عشرة شخصية عسكرية وسياسية بينهم رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الدفاع وقائد الأركان وقادة الجيوش والأجهزة الأمنية حدد مدى التقدم التركي بالوصول الى قبر سليمان شاه في منبج دون التدخل في عين عرب أو الوصول الى سد تشرين وطرد مسلحي الحزب الديمقراطي الكردي السوري خارج المنطقة الممتدة من عفرين الى منبج”.
وتحدثت المصادر الميدانية عن “خريطة الحشود التركية” مشيرة إلى “حشد عسكري تركي أكبر في منطقة الشيوخ فوقاني والشيوخ تحتاني على تخوم منبج بينما الصياح وطبول الحرب تقرع في عفرين وهذا يؤكد نية الأتراك التخلص من مسلحين موالين لهم اصبحوا عبأ عليهم عبر زجهم بمعركة في عفرين تستنزفهم وتضعف المسلحين المدافعين عن المدينة.”
إمكانيات المدافعين
تؤكد المصادر الميدانية في عفرين في حديثها لـ “العهد” أن “المسلحين الأكراد خزّنوا كميات كبيرة من صواريخ الكورنيت استعدادا لهذه المعركة”، ويعتمد الكرد على مقاتلين تمرّسوا في حرب العصابات في المناطق الجبلية الوعرة والغابات، ويعتمد الجيش التركي على أحرار الشرقية وهم من غرب الحسكة ودير الزور وهؤلاء لا خبرة لهم في الغابات والجبال، كما درب الأتراك لواء المعتصم على القتال في البيئة المائية والغابات لذا سوف يتم الزج بهم عبر نهر عفرين في راجو وهنا سوف تكون المعركة الكبرى في هذا الممر الجبلي المعروف بممر التهريب الوعر.
في النهاية تلفت المصادر الميدانية إلى طبيعة الهجوم والحشود التركية وتشير إلى أن “تركيا لا تريد الدخول الى مدينة عفرين ولكن تريد الوصول الى تخومها وحصارها”. مؤكدة “وجود نوع من التفاهم الإقليمي والدولي سمح لتركيا بمهلة ثلاثة اسابيع للانتهاء من العملية كحد أقصى”.