معركة القلمون: هل استقدام مقاتلين شيشان مؤشّر لنشوب حرب شتاءً؟
طال الحديث عنها وعن أهميّتها… قيل إنّها حاسمة ونهائيّة وستكون عمليّة تطهير الأراضي السّوريّة من المرتزقة، لكن ما الزّمن الإفتراضي أو المحدّد لحصولها؟ معركة القلمون حسب ما تشير إليها بعض المصادر بأنها بدأت يوم السّبت الماضي من دون مشاركة حزب الله، لكن فعليًّا ليست إلاّ مرحلة تحضيريّة للمعركة الحاسمة بحيث سيكون لعناصر حزب الله مشاركة فعّالة على الميدان، لكن في ظروف مخطّط لها.
المناخ الشتائي البارد والقارس في سوريا سيكون أسلوبًا قتاليًّا جديدًا يتبنّاه الجيش السّوري النّظامي وحزب الله، فضلاً عن بقاء الأخير في مهمّة تأمين الحدود اللبنانية- السّوريّة. لذا سيكون على أرض الميدان فريق النّخبة من المقاومة اللّبنانيّة وفي الصّفوف الأماميّة للمعركة. وبالتالي، ستكون القوى التّكفيريّة المسلّحة أمام عدوّين في هذه المعركة: الطّقس والجيش النّظامي، ولا يمكن للجماعات المسلّحة أن توقد النّار للتدفئة كي لا تكشف عن مواقعها. لذلك، ستكون الحرب قاسية بالنسبة لهم وستعوق كيفيّة صمودهم وتقدّمهم ودفاعهم بوجه الجيش السّوري وحزب الله، وسيتمكن الجيش من القصف عليهم من بعيد من دون أن يكون محاصرًا..
علاوة على ذلك، يتّصف حزب الله بقدرته على الصّمود في ظروف مناخيّة شتى، فلا يتأثر لا بالحرّ ولا بالزّمهرير، ويتميّز بجبروت عناصره ومجاهديه في الظّروف الصّعبة. أما عناصر المرتزقة القادمة من الدّول العربيّة ومن الصّحراء سيتأثّرون بالمناخ البارد وستتعثر عمليّة الدّفاع لديهم، في حين أن أفراد المرتزقة القادمون من القوقاز أو أفغانستان أو أوروبا الشّرقية معتادين على مناخ أقسى من المناخ الشّرق أوسطي بكثير.
وتشير الأرصاد الجويّة إلى أن موجة ثلج قادمة إلى سوريا في الشّهر القادم، لذا فإن معركة القلمون قادمة قريبًا، والطّرفان المتناحران قد يكون كلاهما جاهزين:
حزب اللّه أرجأ المعركة إلى الشّهر القادم ليكون بكامل الجهوزيّة وحتى لتكون الأمور بقبضته وتحت سيطرته الكاملة، وفي حال كانت الكتائب المسلحة متحضّرة للآتي من حيث العديد البشري من مرتزقة قادمة من القوقاز والشّيشان وأفغانستان وأوروبا الشّرقية، فإن المعركة ستكون محتدمة من حيث المواجهة، بحيث ستكون قادرة على تحمّل ظروف قاسية أكبر، أمّا إذا كانت المرتزقة قادمة من الدّول العربيّة الصّحراويّة غير القادرة على تحمّل الظّروف الكارثيّة، فستميل الدّفة لصالح حزب الله والجيش السّوري، وسيكون لإيران الدور الفاعل بدعم روسي، وسط تراجع الولايات المتّحدة الأميركيّة وحلفائها وأدواتها عن خوض معركة خاسرة سلفاً.
والجدير بالذّكر أن جبهة النّصرة أرسلت عناصر مقاتلة إلى القلمون منذ يومين تحضيرًا للمرحلة القادمة فضلاً عن ذلك، بعد اقتحام الجيش السوري بلدة الدويرينة الواقعة شرق مطار النيرب ومنطقة المعامل والمحالج يكون الجيش قد أتم وصل عقدتين، عقدة المعامل مع رتله القادم من جهة تل حاصل، وعقدة الدويرينة مع خط تيارة – النقارين- مطار النيرب لتصبح قواته المرابطة هناك مسيطرة على خط النار كاملاً وتشكّل خطراً أكبر وتفرض طوقاً محكماً على طرق إمداد المسلّحين المتّجهة نحو أحياء حمص الشرقية، وبعد أن استعاد الجيش السّوري منطقة قارّة القريبة من الحدود اللبنانية السّورية بعد مواجهات استمرت لثلاثة أيام ضد القوات المسلحة وإستطاع بسط سيطرته عليها التي تعد طريق إمداد هام لقواعد المعارضة السورية في ضواحي دمشق، فإن واقع الأمور في معركة القلمون لا تقلّ حدّة عن معركة القصير، وبالتّالي تمكّن النّظام وحزب الله السّيطرة عليها.
علاوة على ذلك، من المتوقّع أن تمتد المعارك إلى منطقة عرسال الواقعة على الحدود اللبنانية السورية، وبالتّالي ستزداد وتيرة التّفجيرات الحاصلة في لبنان، وقد لا يتمكّن لا الجيش ولا حزب الله من الإمساك بجميع السيارت المحمّلة بالمتفجرات، إذ تستبق القاعدة والجماعات المنضوية تحت لوائها معركة القلمون بإرسال سيارات متفجّرة وإنتحاريين إلى لبنان، وكان آخرها تلك التي ضُبطت ليلة ذكرى الإستقلال الوطني على طريق بعلبك قادمة من عرسال بحمولة تزيد عن 400 كيلوغرام من المواد الشديدة الإنفجار.
وقد رأينا منذ بضعة أيام الضّربة الموجعة الّتي وجّهتها القاعدة إلى إيران في منطقة تابعة لحزب الله والمنطقة التي لطالما كانت معروفة بأمنها الصّلب، فإن التفجير ليس ضربة للسفارة الإيرانيّة في أي بلدٍ ما، بل لأنها في بيروت الحاضنة للمقاومة والمُحتَضَنة بها. غير أن الأعداء الإقليميين لإيران والمُعترضين على تدخُّل حزب الله في سوريا، أرادوها ضربة موجعة في “عُقر الدار” قبل وقوع معركة القلمون.
ولم يخطئ المحلّلين السّياسيين حين وصفوا الوضع الرّاهن بـ “العرقنة”. ها نحن أمام تفجير ويليه الآخر… تفجير مسجد لطائفة إسلاميّة يقابله تفجير مسجد إسلامي آخر وقتل المئات وإلحاق أضرار جسيمة. بيد أن هذه التفجيرات ليست من شيم الطوائف الإسلامية، إنما الأيادي الخارجيّة والإقليمية تؤدّي دورها في المشروع القائم.
في كلا الحالتين سواء إنتصر حزب الله والجيش السّوري في معركة القلمون أو لم ينتصر، لكن ما بدا جليًّا أن الوقت الحالي هو الوقت الّذي سجّل إنتصارًا للمشروع الصّهيوني الّذي خطّط لتقسيم المنطقة العربيّة، وإضعاف كل دولة فيها، وزرع الإحتقان المذهبي والطّائفي، وضرب الوحدة الوطنية في كل وطن عربي، وألهى الطّوائف في الإقتتال الدّاخلي، إلخ… كلّ هذه المصائب هي من صناعة المشروع الإسرائيلي، وحصولها كان أكبر خدمة له.
ما يحصل في سوريا من حرب يعود بنا إلى الحرب الأهليّة اللبنانيّة التي خطفت خمسة عشر عامًا من عمر لبنان وأغرقته في خمسة عشرة سنة أخرى لينتفض من تحت الرّكام وإعادة إعمار ما تهدّم. ولا يزال اللبنانيون حتى الآن لم يتعلّموا من أخطائهم فهم لم يصلوا إلى حلّ بشأن الأمور الدّستوريّة العالقة ومسألة الغاز وتوزيع الحصص بين الفئات السياسيّة اللبنانية على حساب الشّعب ، في الوقت الذي تقتنص “إسرائيل” الفرص وتستخرج الغاز، وبالتّالي ستصبح أكبر مصدّر للغاز في الشرق الأوسط وتنهب ثرواتنا، وها نحن لا نلتقي ونبقى غارقين في الجهل والمصالح الشّخصيّة.
إبقوا متناحرين الى حين ينضب النفط… “صحتين” … لكن الشعب هو المنكوب والمظلوم والمحروم، وأنتم أيّها السّياسيون مجرّدين من المشاعر كالرّجال الآليين، تحرّككم الدّول الخارجيّة وتنفّذون أوامرها كالقطط التي تخاف من جلاّديها!!
ليليان حمزة – صحيفة الديار اللبنانية