معركة إدلب.. توازنات جديدة في ظل تقدم محور المقاومة
صحيفة البناء اللبنانية ـ
ناصر قنديل:
تتسارع في الأيام الحالية خطى تقدم الجيش السوري في محافظة إدلب، وذلك بدعم استراتيجي من الحليف الروسي، خصوصاً أن تركيا لم تلتزم حتى الآن بالاتفاق المبرم في مدينة سوتشي الروسية، الذي يشمل عدد من النقاط كان أهمها تأمين طريق حلب – دمشق الدولي الذي يمر بمحاذاة عدد من المدن والبلدات السورية، منها خان شيخون ومعرة النعمان وخان العسل.
كما أن القذائف الصاروخية التي يطلقها الإرهابيون على المدنيين الأبرياء لم تزل تنهمر على الأحياء الغربية من مدينة حلب، في خرق واضح للاتفاقيات المبرمة التي تُلزم الفصائل المسلحة بالابتعاد عن المناطق المحاذية لحلب، وسحب الأسلحة الثقيلة منها ضمن منطقة محددة تكون منزوعة السلاح.
ولربما الوضع اللبناني ليس ببعيدٍ عن الساحة السورية، لطالما أن المستهدف هو محور المقاومة في المنطقة، ذلك المحور الذي لم يرضَ أن يكون مصفقاً للقطب الأمريكي.
عن هذا الموضوع، كتب الإعلامي اللبناني ناصر قنديل مقالاً في صحيفة “البناء”، أشار فيه إلى بعض النقاط حول معركة إدلب واتصالها بعدد من الملفات في المنطقة. لذا اخترنا لكم بعضاً من المحاور والفقرات جاء فيها:
“تسعى أميركا و حلفائها، أن تصوّر الحراك الشعبي في ساحات المنطقة كجزء من معارك تربحها على محور المقاومة، بينما تشير التطورات السياسية إلى أن حجم النجاح الأميركي لم يصل بعد لحد القدرة على رسم مستقبل الاستحقاقات المحورية في تكوين السلطة ضمن الساحات الساخنة، ففي لبنان خسرت واشنطن رهانها في الإمساك برئاسة الحكومة، وفي العراق ليس هناك ما يدل على إنها قادرة على النجاح، فساحات الكرّ والفرّ التي تستند إلى توظيف الشارع الغاضب والتلاعب بتوجيهه، لن تكون حتماً ساحات رسم توازنات إقليمية جديدة.”
وأضاف قنديل:
“لا تزال سورية هي جبهة الاشتباك الوحيدة التي يتاح فيها رسم التوازنات الجديدة، حيث الجغرافيا هي الميدان، في حين تعول القيادة الأمريكية على تأخير وعرقلة معركة تحرير إدلب، التي ستشكل في نهايتها إعلان بدء استحقاق إخراج قواتهم من سورية، خصوصاً حين لعبت واشنطن ورقتها الأخيرة بمحاولة تأخير معركة إدلب عبر إغراء الأتراك بتولي المهمة لقاء منحهم الضوء الأخضر للتوسّع في مناطق شرق الفرات على حساب القوى الكردية التي نمت تحت عباءة الأميركيين ودعمهم”.
تقدم محور المقاومة
لذا أظهرت سورية ومن ورائها روسيا وإيران قدرة على احتواء المناورة الأميركية وإسقاطها، فبعدما جرى استثمار التخلّي الأميركي عن الأكراد، تمّ انتشار الجيش السوري بمواجهة الأتراك بتفاهمات مع الجماعات الكردية، وبتلك الخطوة تمّ احتواء الموقف التركي بثنائية المطرقة والسندان، وخرج لقاء أستانة الأخير ليوفر الغطاء لمعركة الحسم في إدلب، بمشاركة الأتراك، الذين باتوا يتصرّفون على قاعدة خسارتهم في سورية، ويسعون للمساومة على حصة أو دور في معارك ليبيا..! “.
معركة إدلب
واختتم قنديل مقاله قائلاً: “بدأت معارك إدلب في نسختها الجديدة بتعاون سوري روسي عالي المستوى، وخلال ساعات نجح الجيش السوري بالتقدّم واستعادة عدد من القرى والبلدات في محور معرة النعمان، التي تبدو المدينة الثانية بعد خان شيخون المرشحة للانتقال إلى عهدة الجيش السوري، لتليها سراقب وجسر الشغور، وتتاح فرصة الإمساك بالطريق الدولي بين حلب وحماة وحلب واللاذقية ومحاصرة إدلب، تمهيداً لاستعادتها، ووفقاً لخبرات المعارك السابقة للجيش السوري، يمكن توقع انتصارات متدحرجة على هذه المحاور، خصوصاً مع وضوح رسائل عسكرية روسية نوعيّة تمثلت بصواريخ الكاليبر الآتية من خلف البحار”.