معاهدة الصواريخ النّووية في مهب الريح
أدّى تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بانسحاب بلاده من معاهدة الحد من الأسلحة النّووية المتوسطة المدى التي أبرمت خلال الحرب الباردة مع روسيا، الى ردود فعل دولية، حيث جاء القرار الأميركي في وقت يشهد فيه العالم تأزم في العلاقات الدّولية بعد الحرب الكبرى التي شنّت على سوريا والسياسات الإقتصادية التي انتهجها ترامب ضد الدول الكبرى.
وبرّر ترامب قراره بأن روسيا “تنتهك منذ سنوات عديدة المعاهدة”، قائلاً للصحافيين في مدينة إلكو بصحراء نيفادا إن “روسيا لم تحترم المعاهدة، وبالتالي فإنّنا سننهي الاتفاقية” الموقّعة بين البلدين في 1987.
الرد الروسي لم يتأخر كثيرًا، إذ قالت موسكو ردًا على تهديد ترامب بالانسحاب من المعاهدة إنه “يحلم بعالم أحادي القطب”.
وذكر مصدر في الخارجية الروسية أن إعلان الرئيس الأمريكي يصب في نهج الولايات المتحدة نحو انسحابها من الاتفاقات الدولية التي تفرض عليها التزامات متكافئة مع التزامات شركائها، الأمر الذي يضعف مفهوم “الاستثنائية” الأمريكية.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ناقش هذه المسألة مع الرئيس الأميركي هاتفيًا، حسبما أعلن البيت الأبيض.
بدوره، أعلن الأمين العام لمجلس الوزراء الياباني، يوشيهيدي سوجا، اليوم الاثنين، أن بلاده ستراقب عن كثب الإجراءات الأمريكية والروسية فيما يتعلق برغبة واشنطن الانسحاب من معاهدة الحد من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى.
وقال سوجا: “نظرا لدور المعاهدة في الحد من التسلح ونزع السلاح، فضلا عن تأثيرها على الأمن الإقليمي، فإننا نعتزم مراقبة الإجراءات التي تتخذها الولايات المتحدة وروسيا عن كثب”.
وشملت المعاهدة طبقة واسعة من الصواريخ ذات المدى المتراوح بين 500 وألف كم، وبين 1000 و5500 كم، بما فيها صواريخ نشرها الاتحاد السوفيتي في كوبا عام 1962، ما أثار “أزمة الكاريبي” في حينها.
هل انتهكت روسيا المعاهدة؟
تتيح هذه الصواريخ لروسيا شن هجوم على دول في حلف الناتو خلال فترة قصيرة.
وقد نفت روسيا أنها انتهكت الاتفاقية، لكنها لم تتطرق لهذه الصواريخ.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد نشرت تقريرًا الجمعة عن أن الولايات المتحدة تفكر في الانسحاب من المعاهدة في خطة تهدف لموازنة التوسع الصيني في غربي المحيط الهادي.
يذكر أن معاهدة الحد من الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى “معاهدة القوات النووية المتوسطة”، “أي إن إف”، تمَّ التوقيع عليها بين كلٍّ من الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد السوفياتي في العام 1987، ووقعت المعاهدة في واشنطن من قبل الرئيس الأميركي رونالد ريغان والزعيم السوفياتي ميخائيل غورباتشوف، وتعهد الطرفان بعدم صنع أو تجريب أو نشر أي صواريخ باليستية أو مجنحة أو متوسطة، وتعهدا أيضاً بتدمير كافة منظومات الصواريخ التي يتراوح مداها المتوسط ما بين 1000-5500 كيلومتر، ومداها القصير ما بين 500─1000 كيلومتر.
وبحلول آذار/مايو 1991 تم تنفيذ المعاهدة بشكل كامل، حيث دمر الاتحاد السوفياتي 1792 صاروخا باليستيا ومجنحا يطلق من الأرض، في حين دمرت الولايات المتحدة الأميركية 859 صاروخا، وتجدر الإشارة إلى أن المعاهدة غير محددة المدة، ومع ذلك يحق لكل طرف المعاهدة فسخها بعد تقديم أدلة مقنعة تثبت ضرورة الخروج منها.
ومن حين إلى آخر تتبادل روسيا والولايات المتحدة الأميركية الاتهامات بانتهاك المعاهدة المذكورة ، حيث تتحدث الولايات المتحدة عن تطوير في روسيا فئة جديدة من الأسلحة وتخصص الأموال لتطوير الأسلحة المضادة، أما روسيا فتعترض على تطوير أميركا طائرات بدون طيار الهجومية ونقل منصات إطلاق المسموح بها من نوع “إم كي- 41” من السفن إلى البر، كما حدث في رومانيا وبولندا.