معادلة تحرير الجليل ترسم معالم الصراع القادم
موقع اللقاء التضامني الوطني ـ
حسام زيدان:
للمرة الثانية يحدّد فيها السيد حسن نصر الله، الجليل كوجهة حتمية لعمليات المقاومة البرية، في حال شن الكيان الصهيوني عدوان على لبنان، فقد نقلت صحيفة يديعوت احرونوت عن موقع تابع لحزب الله، عرضا مفصلا تحت عنوان “الجليل – حيث المواجهة المقبلة والصراع القادم مع الكيان”. يعرض فيه الخصائص الطبوغرافية للمنطقة ويسرد وجهاته العسكرية شمال الأراضي المحتلة. وقالت الصحيفة العبرية على موقعها الالكتروني، حزب الله يعرض جولته في الجليل بالفعل، كما اعلن امينه العام حسن نصر الله، حيث هدد بأنه سوف يأمر رجاله بالسيطرة على الجليل الفلسطيني. ونشر الموقع التابع لحزب الله بحسب يديعوت خريطة الاهداف العسكرية للصراع المقبل، ورسوم بيانية ومعلومات عن خصائص المنطقة والمدن والبلدات والوجهات الممكنة في الحرب القادمة. تقول يديعوت، عنوان الخطة “الجليل- والصراع القادم” ويشمل على مدن فلسطينة بارزة بما فيها صفد وعكا وطبريا وحيفا والناصرة، ومستعمرات صهيونية منها ماتولا ومسغاف وقنوت ونهاريا، ويشدد واضعوا التقرير على ان الجليل يتمتع بثروة مياه هائلة، لذلك سماه التقرير اللبناني بقصر المياه. ويتضمن التقرير الذي نقلته الصحيفة الصهيونية، اهدافا عسكرية للحرب المحتملة، أهمها: قاعدة للجيش الصهيوني في جبل الشيخ، ميناء حيفا، مصفاة النفط، والطيران الحربي، والمطارات الصغيره، وتجمعات الجيش الصهيوني في الجزء الشمالي. والتساءل الان، لماذا يخيف التقدم نحو الجليل الصهاينة الى هذا الحد؟
تشير الصحيفة العبرية، ان قوة حزب الله قادرة على اختراق الحدود والوصول الى الجليل بسهولة، مضيفة الى ان القادة في الكيان قد وضعوا هذا الامر في حساباتهم، ومن دروس حرس 2006، حيث اخلى الكيان المستعمرات في الشمال بالرغم من ان الملاجئ فيها محصنة. ففي تاريخ الصراع العربي الصهيوني على امتداد السنين، ومنذ نشوء الكيان الصهيوني، لم تسجل سابقة من هذا الحجم في معادلة الصراع معه. فنقل المعركة إلى داخل فلسطين المحتلة، تزعزع أهم مقومات العقيدة القتالية لجيش الاحتلال، التي تقوم على تركيز المعارك في أرض دول الطوق حول فلسطين. لذلك تبدو معادلة “الجليل” لا تشبه أي معادلة عسكرية مطروحة أو طُرحت قبلاً. ففي العمل العسكري هناك قاعدة ذهبية، مفادها أن السلوك المتبع يكون دائماً نتيجة عنصرين اثنين: الأول هو الذات، والثاني هو البيئة التي من شأنها أن تشكل واقعاً ملموساً. ومن نافل القول إنه عندما تزيد أي قوة من قدراتها، فإنها تزيد من أهدافها ومهامها، وبالتالي تتغير استراتيجتها وتبقى بتغير دائم بحسب ما تقتضيه المصلحة وبحسب المتغيرات الحاصلة.
إن معادلة الجليل نقلت المقاومة إلى سقفها الدفاعي الاعلى، بعد أن أرست تكافؤاً ميدانياً وامتلكت قدرات عسكرية تمكنها من تحقيق انجازات نوعية جديدة. لذلك هدد سماحة الأمين العام لحزب الله بتحرير الجليل، لتميز المنطقة عن غيرها، من حيث أهميتها الجغرافية، فالجليل ملاصق لجنوب لبنان وامتداد طبيعي له، وهو منطقة مغطاة عسكرياً وفيها الكثير من الصخور والتضاريس،التي تخدم أسلوب المقاومة وتجعلها تحقق أهدافها بين الأسلوب التقليدي وغير التقليدي، ومن حيث عدد سكان الجليل وطبيعته الاقتصادية، فهي منطقة مكتظة بالسكان وفيها الكثير من المصانع المهمة والمنشآت المهمة. كما أن جزء من العرب الموجودين في منطقة الجليل، يتوقون لتحرير أرضهم، وهذا يعني بأن في الجليل سكان موالون وهذا عامل مناسب للمقاومة وسيشكل دعما لهم .
معادلة تحرير الجليل، هي معادلة عسكرية وسياسية في آن معاً، فالجميع يعرف أن للبنان أرض مقتطعة منه تبلغ مساحتها 120كلم مربع، وهذه المساحة المقتطعة تُعرف بقطاع القرى السبع الذي يضم قرية المالكية، قدس، النبي يوشع، إبل القمح، صلحة، وتبريخة، وبالإضافة إليها، هناك الكثير من المزارع المقتطعة من الجانب اللبناني منذ العام 1920، وهي مضمومة إلى أراضي فلسطين المحتلة، وبالتالي فتلك المعادلة تأخذ أيضا الطابع التحريري الذي يعني استعادة الأرض وإعادة الأهالي إلى قراهم، وبذلك تكون المعادلة معادلة عسكرية وسياسية.
إن للجليل خصوصية لافتة في موقعه الجغرافي، فهو يُعتبر امتداداً لجبل عامل في جنوب لبنان، وطبيعته الجغرافية تتشابه الى حدّ كبير مع جبال لبنان، فهو يحتضن مجموعة من الجبال المشرفة على البحر الابيض المتوسط من نواحي عكا، وأيضاً يطل على الجولان من الجانب الشرقي عند بحيرة طبريا، كما أنه يقع في بقعة تتوسط الاراضي الفلسطينية واللبنانية والسورية وتربطها مباشرة ببعضها بعضاً. والجليل يشكّل مركز الاطماع الاقتصادية للكيان الصهيوني ، فهو يحوي ثروة مائية ضخمة على نحو مزارع شبعا والجولان، حيث وفرة المياه تجذب العدو بشدة اليها. ويقدر عدد سكان الجليل بنحو مليون نسمة أي حوالي سبع عشرة بالمائة من سكان الكيان الغاصب، أما أهميته فتبقى بطبيعته الجغرافية التي تجعل منه واحة سياحية كبيرة، حيث يلجأ إليه معظم سكان الكيان الصهيوني في فترات الاستجمام، ويبقى لافتاً أن الجليل يشكل في أي حرب مقبلة، قاعدة لتجمع جنود العدو على الحدود الجنوبية مع لبنان.