مشروع أوراسيا الكبرى
صحيفة البعث السورية-
هيفاء علي:
مؤخراً انضمت إيران رسمياً الى منظمة شنغهاي في 4 تموز الجاري أثناء انعقاد القمة في نيودلهي، عبر الفيديو، حيث كان قرار الانضمام هو أحد القرارات الرئيسية التي صدرت عن القمة، إلى جانب توقيع مذكرة حول طريق بيلاروسيا لتصبح دولة عضو أيضاً.
وقد أكد نائب رئيس الوزراء الروسي أليكسي أوفرشوك أنه من المتوقع أن توقع إيران والاتحاد الاقتصادي الأوراسي بقيادة روسيا اتفاقية التجارة الحرة بحلول نهاية عام 2023، كما ستوقع اتفاقية التجارة الحرة صفقة مؤقتة تخفض بالفعل التعريفات الجمركية على مئات فئات السلع. وكانت روسيا وإيران، وهما قطبان رئيسيان لتكامل أوراسيا، تتقاربان جغرافياً واقتصادياً منذ تسونامي العقوبات الغربية التي أعقبت العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا.
ما يعنيه ذلك هو أن الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، كما منظمة شنغهاي للتعاون ودول البريكس، آخذ في الارتفاع، اذ يجب إبرام اتفاقيات التجارة الحرة على المدى المتوسط والطويل مع مصر والهند وإندونيسيا والإمارات العربية المتحدة. وعلى الرغم من بعض التعقيدات الواضحة، فإن هذا القطار الجيو -اقتصادي فائق السرعة قد غادر المحطة بالفعل، وهو في الطريق إلى إيجاد مخرج لنظام سويفت، حيث قرر أعضاء اتحاد المقاصة الآسيوي في قمة أخيرة انعقدت في إيران إطلاق نظام جديد للرسائل المالية عبر الحدود هذا الشهر للتنافس مع سويفت المتمحور حول الغرب، تجمع وحدة تنسيق الدعم بين البنوك المركزية في الهند وباكستان وبنغلاديش وبوتان وجزر المالديف ونيبال وسريلانكا وميانمار وإيران، أي مزيج ذكي من غرب وجنوب شرق وجنوب آسيا.
في السياق، أكد محافظ البنك المركزي الإيراني، محمد رضا فرزين، ليس فقط اهتمام الأعضاء المحتملين بالانضمام إلى وحدة تنسيق الدعم، ولكن أيضاً على استعدادهم لإنشاء سلة عملات لدفع اتفاقيات التجارة الثنائية، وهذا هو المسار السريع لإزالة الدولار.
كما أدى الاكتشاف الأخير لإيداع ضخم من الليثيوم يمثل حوالي 10 ٪ من احتياطيات العالم، إلى جانب القبول المحتمل لإيران في مجموعة البريكس الموسعة، أو “بريكس +” اعتباراً من هذا العام، إلى تعزيز سيناريوهات عملات بريكس المستقبلية المدعومة بالسلع مثل الذهب والنفط والغاز وحتماً-الليثيوم.
كل هذا النشاط المحموم للجنوب العالمي يقف في تناقض صارخ مع تباطؤ إمبراطورية العقوبات، حيث سئم جنوب الكرة الأرضية من قيام الولايات المتحدة بمعاقبة وحظر كل من لا يرضخ لاملاءاتها متى تشاء باسم “نظام دولي قائم على القواعد” غامض والتعسفي. ومع ذلك، لا تزال هناك استثناءات عندما تحتاج الولايات المتحدة إلى شراء أرضيات وبطاريات صينية نادرة للسيارات الكهربائية، على سبيل المثال. وبينما تستمر الصين في التعرض للمضايقة والتهديد، تحثها واشنطن بهدوء على الاستمرار في شراء الذرة الأمريكية، ورقائق ميكرون المنخفضة الجودة، وهذا ما يسمى التجارة “الحرة والعادلة” في الولايات المتحدة اليوم.
حقيقة، لدى دول البريكس أفكار أخرى للخروج من هذه الحلقة المفرغة، وسيعتمد معظمها على دور متزايد لبنك التنمية الجديد، والذي يضم أعضاء البريكس الخمسة بالإضافة إلى بنغلاديش والإمارات العربية المتحدة ومصر، وأوروغواي المرشحة للانضمام قريباً. كما تمت الموافقة على طلبات العضوية من الأرجنتين ومصر والمملكة العربية السعودية وزيمبابوي. ووفقاً لرئيسة البرازيل السابقة والرئيسة الحالية لبنك التنمية الوطني، ديلما روسيف، سيتم الإعلان رسمياً عن القرارات بشأن الأعضاء الجدد في قمة البريكس المقبلة، التي ستعقد في آب القادم في جنوب إفريقيا.
وعليه، فان تكوين تكامل واسع” جميع التطورات المترابطة فيما يتعلق بمنظمة شنغهاي للتعاون ، وبريكس، والاتحاد الاقتصادي الأوروبي، وآليات أخرى متعددة الأطراف، والتي تحدث الآن بسرعة البرق تتقارب عملياً على مفهوم تمت صياغته في روسيا في وقت مبكر من عام 2018، وهو الشراكة الأوروبية الآسيوية الكبرى. أضف إلى ذلك التفاعل الحاسم بين مجموعة “بريكس +” القادمة وكل ما سبق، أي الجميع وجيرانهم في جميع أنحاء العالم الجنوبي الذين يصطفون للانضمام إلى نادي بريكس.