مسلحو المعارضة يغرقون في الصراع على «الغنائم»!
كثيرة كانت التقارير التي تناولت الانقسامات الحادة التي تمزّق صفوف المعارضة المسلّحة، بعد أن باءت الجهود الغربية والعربية لتوحيدها بالفشل. وكلما كانت حدة الصراع تزداد شراسة، كلما كانت هذه الانقسامات تكبر وتتخذ منحى أكثر خطورة مع تمدّد المتطرفين في المشهد العسكري، بالطول والعرض.
لكن هناك ظاهرة جديدة، أو أقله مستفحلة، تهدّد حسب المراقبين بجرّ الصراع إلى منحى مختلف وبتدمير الوحدة بين قوات المعارضة تدميرا نهائيا: أعمال نهب وسلب وصراعات على الغنائم وشراء ولاءات، مظاهر تطغى على عمليات المسلحين الذين يُفترض أنهم يحملون راية «إسقاط النظام».
وهكذا، وفقاً لتقرير مطوّل نشرته «الغارديان» البريطانية، يغرق المسلحون اليوم في تقاسم الغنائم والصراع على المكاسب المادية، في وقت تشتعل الضغائن في ما بينهم.. أما متاجر حلب ومخازنها فـ«لم يبق واحد منها إلا وتمّ نهبه».
وفي السياق، نقلت الصحيفة عن أحد قادة مجلس حلب العسكري العقيد حسام أحمد قوله إن «العديد من مسلحي المعارضة قُتلوا أثناء الصراع على تقسيم الغنائم»، مضيفاً «لو قُتل هؤلاء أثناء المعركة لكان الأمر عادياً، لكن أن يُقتلوا لسبب مماثل.. إنها كارثة على الثورة».
وأشارت الصحيفة إلى أنه على الرغم من أن الاستيلاء على المركبات الحكومية والأسلحة كان بمثابة عامل حاسم بالنسبة للمعارضة منذ بداية الصراع السوري، إلا أنه وفقا لحسام وقادة آخرين، فإن الحرب السورية اتخذت منحى جديدا يتمثل في «تحول أعمال السلب والنهب إلى أسلوب حياة». مع العلم أن تقسيم «غنائم الحرب» أصبح بمثابة المحرك الرئيسي بالنسبة للعديد من قادة الكتائب التي تسعى لتعزيز نفوذها.
ونسبت الصحيفة إلى قائد آخر في المعارضة، يُدعى «أبو إسماعيل»، قوله «في بداية الحراك السوري كانت قوات المعارضة المسلحة متحدة، أما الآن فقد انقسمت بين تلك التي تحارب في سبيل الثورة وأخرى تقاتل بعضها البعض من أجل تقسيم غنائم الحرب»، موضحا أن عدداً من قوات المعارضة المسلحة تستخدم عمليات السلب للانتقام من أهالي حلب، الذين يعمل معظمهم في التجارة، ولم يدعموا المعارضة منذ بداية الأزمة.
ونقلت الصحيفة عن «أبو إسماعيل» قوله إن العديد من الكتائب المقاتلة التي دخلت إلى حلب صيف هذا العام «جاءت من الريف ومعظم أفرادها فلاحون فقراء حملوا معهم قروناً من الأحقاد تجاه أثرياء المدينة»، موضحاً أن «المعارضين يريدون الانتقام من شعب حلب لأنهم شعروا أنه خانهم».
وفيما أكد أن «المعارضين كانوا مجموعة ثورية موحّدة.. لكنهم مختلفون الآن وهناك فئات موجودة في حلب للنهب وكسب المال فقط، وجماعات أخرى للقتال»، اعترف «أبو إسماعيل» بأن الوحدة التي يقودها «مارست النهب لإطعام مقاتليها، وحصلت على وقود الديزل من مخصّصات مدرسة، وقايضت صفائح الماء بالخبز».
وأشارت «الغارديان» إلى أن الكتيبة التي يقودها «أبو إسماعيل» مرغوب فيها أكثر من الكتائب المسلحة الأخرى بسبب امتلاكها إمدادات الغذاء والوقود، في حين يفقد غيره من القادة الميدانيين مقاتليهم لعدم قدرتهم على إطعامهم ويضطر هؤلاء لتركهم والانضمام إلى مجموعات أخرى، لا سيما إذا فقدت كتيبة ما مموّلها.
وتشير الصحيفة إلى ما قاله أحد القادة الميدانيين عن هجوم شنته إحدى الكتائب على حي الأشرفية الكردي في حلب، لكنه سرعان ما فشل بعد أن نجح هجوم مضاد من النظام، لأن المقاتلين انشغلوا بجمع الغنائم بدل التركيز على القتال.
وتلفت الصحيفة إلى أن هناك العديد من الروايات، عن صراع المكاسب، قادمة من حلب. وعلى سبيل المثال ما يحكيه أحد الصيادلة عن انضمامه إلى أحد مستشفيات المعارضة ثم طرده منها. أما السبب فيرويه قائلاً «عندما سيطر المعارضون على مخزن للدواء باعوه بأكمله، وعندما ذهبت إليهم لأقول إن ليس من حقهم بيع الدواء فيما هناك من يحتاجون إليه، اعتقلوني وهددوني بكسر قدميّ إن عدت ثانية».