مسار الميدان السوري… خطط واستخبارات وتفكك بيئة حاضنة للمسلحين
يعد السوريون في منطقة منبج الحدودية مع تركيا الايام والمسافات الجغرافية التي تفصلهم عن الجيش السوري، يقولون سرا ان جيش بلادهم بات يبعد 35 كلم عن منبج، ويرجحون ان تصل قوات الجيش خلال فترة زمنية قليلة، يتحضرون لاستقباله. لم يعد بإستطاعة المواطن السوري في تلك المنطقة العيش “تحت رحمة داعش والنصرة” رغم انهم تعاطفوا مع “الثورة” في بداية الازمة السورية او جلسوا يترقبون في منازلهم مسار الاحداث في سوريا والعالم العربي.
كانت منبج المنطقة الآمنة والمستقر الاول للمسلحين الوافدين من الخارج منذ الاشهر الاولى للازمة، لأسباب تتصل اساساً بموقعها الجغرافي القريب من تركيا.
تشبه منبج اليوم معظم المناطق السورية التي تخضع لسيطرة المسلحين، لم يعد “للجيش الحر” مكانا، طردته “داعش” و”جبهة النصرة” او قتلت قياداته بحجج عدة ، اتهمت بعض ضباطه بالتواصل مع النظام. لا ثقة بين المجموعات المسلحة، حذر دائم يوازي السباق لكسب المغانم الداخلية او المالية الآتية من الخارج.
لا يخفي المطلعون على مسار الازمة السورية أن الجيش استعاد زمام المبادرة، لم يعد يسمع السوريون عن تقدم للمسلحين، ولا عن انتصارات مرتقبة او سقوط للنظام، الاخبار تتوالى عن تقدم الجيش وانهيارات جبهات المسلحين بسرعة لم تكن في حسبان الجيش، وخصوصا في أرياف حلب ودمشق وحمص.
في الأسابيع الماضية عمد الجيش السوري الى تقسيم ريف العاصمة لمربعات، وفصل بينها لقطع الإمداد والتواصل بين المسلحين. لم يعد سرا ان مسلحين وقادة وحدات مقاتلة تواصلوا سراً مع الجيش وقدموا له معلومات عن كل التفاصيل وأماكن تجمع المسلحين. تزايدت الانجازات العسكرية بالنسبة للجيش في الغوطتين الشرقية والغربية. كان الهم الاساسي استعادة السيطرة على محيط طريق المطار. فسقطت المحاور بعد ضرب الخط الاول للمجموعات التي تنتمي بمعظمها الى جبهات “كالنصرة” وأخواتها.
الى القلمون الاستعدادات جارية لدخول عسكري واسع من كل الجبهات، الخطة جاهزة كما تقول مصادر مطلعة، لكن وحدات الجيش باشرت منذ ايام الدخول الى المنطقة بعد محاولة المسلحين السيطرة على بلدة مهين بإعتبارها تضم ثاني اكبر مستودعات أسلحة للجيش بعد معامل الدفاع في السفيرة بريف حلب.
تقول المصادر ان معلومات من داخل القلمون وصلت للجيش السوري تفيد عن ان المسلحين خططوا لدخول بلدة مهين لتأمين السلاح لمقاتلي القلمون، فأوقع الجيش المجموعات التي وصلت أعدادها الى ما يقارب ثلاثة آلاف مقاتل بفخ داخل البلدة وحاصرهم من كل الجهات وجرى استهداف آلياتهم تباعا ضمن عملية “إطباق كاملة الأوصاف العسكرية”. في الوقت نفسه كان الجيش يفصل منطقة يبرود عن قارة – الممر الاساسي للمسلحين بإتجاه القلمون والتي تؤدي في مسارها نحو جرود عرسال و الزبداني ووادي بردى أيضاً.
لم يكن يحسب المسلحون المباغتة العسكرية، كانوا يظنون ان وحدات الجيش و” الدفاع الوطني” مشغولة في الغوطة، لم يعد بمقدور المسلحين التنقل بين المنطقة الجنوبية لريف العاصمة و القلمون، المناطق باتت مقطعة والطرق يسيطر عليها الجيش ويراقب كل التحركات.
يعتبر مطلعون ان المعلومات عن تحرك المجموعات باتت تصل الى الاستخبارات السورية من خلال عناصر مزروعة بين المسلحين، وهي التي ساهمت بقلب الموازين الميدانية بالاضافة الى الخطط العسكرية التي اعتمدها الجيش، فلم يعد الهجوم عشوائيا كما كان خلال الأشهر الاولى للازمة.
اللافت في مسار العمليات سرعة الانهيارات في جبهات المسلحين ، وفق معادلة “سقوط خط الدفاع الاول يعني سقوط الجبهة بأكملها وهرب المجموعات”.
الأساس كما يقول مطلعون ان البيئة الحاضنة للمسلحين تفككت كما ظهر في ريف حلب، بعد خوض معارك السفيرة والعزيزية والوصول لحصار منطقة الباب، ووصلت معلومات مؤكدة للجيش ان مسلحين في حلب تركوا أسلحتهم وحلقوا لحاهم و صنفوا انفسهم في خانة المدنيين المتعاطفين مع الجيش في تلك المناطق التي كان يتغنى المعارضون بأنها تشكل بيئة دسمة لقيام دويلة خاصة بالمعارضة او عازلة.
الاحداث تتوالى سريعا والصورة انقلبت وتحضر حكما في ” جنيف 2″، والسوريون يعتبرون ان الميدان اليوم يصنع السياسة والدبلوماسية ويحدد مصير سوريا بعد سقوط مشروع التقسيم. فكيف سقط هذا المشروع ؟ ببساطة يشير السوريون الى دعوة زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري لحل ” داعش” اي “الدولة الاسلامية في العراق والشام”. حل “داعش” يعني سقوط التقسيم الذي يعبر عنه معنى ومفهوم ” داعش”.
عباس ضاهر – موقع النشرة الإخباري