مرشح “التقاطعات”.. وقصة “المليون دولار باليد ولا رئاسة على الشجرة”!
وكالة أنباء آسيا-
زينة ارزوني:
يُعول أصحاب القرار في لبنان على ان ذاكرة اللبنانيين تشبه ذاكرة السمكة، لا تحتفظ بالمعلومات لأكثر من ثواني ويتم مسحها تلقائياً، فيرى مراقبون ان “تقاطع” المعارضة على مرشحهم لرئاسة الجمهورية الوزير السابق جهاد أزعور، ضرب أساس حملاتهم الإعلامية السابقة، وألغى القوائم التي عددوا فيها صفات المرشح الرئاسي منذ بداية الشغور الرئاسي، ألا وهي انهم لا يريدون شخصية لها تاريخ في العمل السياسي والحكومي، أو يرتبط إسمها بملفات فساد.
ولكن في نظرة بعيدة عن التحالفات والتقاطعات التي أجبرت كل من القوات اللبنانية، ونواب التغيير والتيار الوطني الحر التقاطع على أزعور، نجد هؤلاء وبحسب مراقبين أنهم خانوا أنفسهم قبل أن يخونوا جماهيرهم، فالتيار الوطني الحر الذي مد يده للتغييريين وتحالف معهم على اسم المرشح الرئاسي، كان اسم رئيس التيار جبران باسيل يتردد على السنتهم بشكل مسيء خلال مشاركتهم في انتفاضة 17 تشرين، الامر نفسه ينسحب على نواب التغيير الذين إرتضوا الاندماج بالمنطومة السياسية التي كانوا يهتفون ضدها في الشارع، وبحسب المصادر ان التيار الذي يحاول إقناع نواب بالتصويت لأزعور هو من كان وضع إسمه في دائرة الشبهات في كتاب “الإبراء المستحيل”، عندما تحدث عن مشاركة أزعور في قضية الـ11 مليار دولار الضائعة خلال حكومة فؤاد السنيورة، والتي يجب على الدولة اللبنانية مقاضاة أزعور عليها وفقاً للمادتين 40 وو112 من قانون المحاسبة العمومية الذي يمنع صرف الأموال العامة من دون موافقة مجلس النواب، بحسب الكتاب الذي أعدّه التيار عام 2013.
أزعور، الذي كان قد شارك في العمل الحكومي كوزير للمالية منذ العام 2005 حتى العام 2008، وكان مستشاراً لفؤاد السنيورة عندما كان الأخير وزيرَ دولة للشؤون المالية في تشرين الأول 2000 وحتى تشرين الأول 2004، عينته كريستين لاغارد، العضو المنتدب لصندوق النقد الدولي، في أواخر العام 2016 كمدير لقسم الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، وتولى المنصب في 1 آذار 2017.
وبسبب منصبه الحساس هذا، والذي يتقاضى بحسب وسائل إعلام لبنانية راتباً سنوياً لا يقل عن مليون دولار اميركي، لا يعقد لقاءات واسعة مع اعضاء الكتَل التي رشحته للرئاسة، ولا يتواصل مع النواب وهو ما اثار حفيظة عدد من النواب من بينهم نبيل بدر، والنائب عن تكتل “الاعتدال الوطني” سجيع عطية، مشيراً الى أننا “ننتظر من المرشح أزعور أن يقول لنا “مرحبا” ويتواضع، فلا يعقل أن يترشح أحد للانتخابات ونحن كتلة من عشرة نواب لم يتصل بنا الى الآن أو يتكلم معنا، وهو يتصرف بفوقيّة وليس بتواضع”.
ولكن بحسب تبريرات النائب بولا يعقوبيان خلال مقابلة تلفزيونية، فإن “ازعور موظف في صندوق النقد ولا يستطيع ان يصرح او يردّ على كل نقطة، لكننا نسأله عن كل ما ورد حول اسمه وممارساته اثناء وجوده في وزارة المال وغيره”.
من الواضح إذاً وبحسب المتابعين، ان أزعور يخاف على منصبه الحساس، ويخاف أن يخسره في حال تحدث بالسياسية وخالف نظام صندوق النقد الدولي، الذي يمنع عليه الترشح لرئاسة الجمهورية قبل تقديم استقالته من الصندوق، ففي لبنان لا شيء مضمون والرئاسة لم تُحسم بعد لصالحه، فكيف له ان يُضحي براتبه ومنصبه، فبحسب المراقبين “مليون دولار باليد، ولا رئاسة على الشجرة”.
الموظف الدولي، الذي لم يعرض على اللبنانيين برنامجه الانتخابي، كانت قد أظهرته وثائق ويكيليكس التي تم تسريبها قبل سنوات، بشكل المحرض على خصومه وعلى شركائه ومن بينهم في ذلك الوقت حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ولكن ليس من باب الاعتراض على سياساته وهندساته النقدية، ولكن بسبب الصراع الخفي الذي كان قائماً حينها بين رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وسلامة، وتُظهر الوثائق ان التحريض على سلامة وعلى الحزب وميشال عون جاء خلال لقاء ثلاثي جمع أزعور ووزير الاقتصاد انذاك سامي حداد مع السفير الاميركي جيفري فيلتمان في 4 حزيران عام 2007، وبحسب تسريبات ويكيليكس حينها، فقد اتَّهم ازعور حزب ال له وسوريا وعون بأنهم يعملون على تقسيم المسيحيين في لبنان.
وتشير المصادر إلى أن اسم ازعور إرتبط ايضا بعملية فساد كبيرة، وهي سرقة نظام عمل كانت تعمل عليه وزارة المالية في لبنان، وإنكشف الامر عام 2017، علماً ان سرقة هذه الداتا كانت قد بدأت منذ العام 2015، اي بعد مغادرة أزعور وزارة المالية وقبل تسلمه منصبه في صندوق النقد، حيث اسس حينها شركة خاصة به ووظف فيها اشخاص يعملون بوزارة المالية، وهما من ساعداه على نقل الداتا من برنامج الوزارة، والتي كانت كلفت لبنان عشرات ملايين الدولارات، ويستخدمها في شركته الخاصة ومن ثم بيعها الى وزراة المالية في كوردستان العراق.
هذه العملية كشفها تحقيق رسمي لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي UNDP الذي يعمل مع الحكومة اللبنانية بصفة استشاري، وكذلك مع حكومة كردستان في العراق، حسمت التحقيقات التي أجرتها UNDP وقتها تورط الموظفَين، وأحيل الملف المؤلف من 43 صفحة “فولسكاب” كاملاً إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك، لكن القرار لم يصدر حتى الآن، والقضية لا تزال عالقة في إدارةUNDP، التي لم تنشر التحقيق حتى الآن، خلافاً للأصول التي ترعى عمل البرنامج، فقد واجهت المنظمة الدولية ضغوطاً لإبعاد اسم أزعور عن الملف، لتعارض عمله في الشركة مع منصبه كمدير للشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، والذي يقع لبنان وكردستان في نطاق عمله.