مخاطرُ وتداعياتُ التواجد الأمريكي والأجنبي جنوب اليمن
صحيفة المسيرة اليمنية-
منصور البكالي:
للتواجد العسكري الأمريكي في جنوب اليمنِ غاياتٌ وأهدافٌ، ومخاطرُ وتداعياتٌ أمنية، وعسكرية، واستراتيجية، سيدفع الشعب اليمني بكل مكوناته ثمنها الغالي من سيادته الوطنية وثرواته ومقدراته، ودماء أبنائه وحريتهم وكرامتهم.
ومن الغايات الأمريكية المكشوفة لإطالة بقاء قواعدها العسكرية في اليمن الاستغلال الأمريكي لبناء علاقات استراتيجية مع قيادات بعض الفصائل الجنوبية المطالبة بالانفصال وخداعهم بتبني مشروعهم وتحقيقه وتقديم الدعم الكافي عبر أدواتها السعوديّة والإمارات، إضافة إلى خلق صراعات بين المليشيات المحلية الموالية لها كما هو حاصل بين قوات ما يسمى بقوات الشرعية التابعة لحزب الإصلاح في وادي حضرموت وبين فصائل قوات الانتقالي الجنوبي، وكذا ما يسمى بقوات درع الوطن المشكلة حديثاً في عدن برعاية وتوجيه أمريكي يزيد من حدة الصراع وحتمية المواجهة بين صفوف المرتزِقة والعملاء، ويحرف البوصلة عن استمرار مواجهتهم للجيش اليمن واللجان الشعبيّة؛ تجنباً لمخاطر دفع الثمن الذي تؤكّـد القيادة العسكرية والثورية والسياسية في صنعاء أن مرحلة تجاوز الأدوات، على الصعيد السياسي أثناء المفاوضات ستطبق على الصعيد العسكري قريباً، وستوجّـه قوات الردع اليمنية مباشرةً لاستهداف وتدمير القواعد العسكرية الأمريكية والأجنبية في اليمن وترحيلها بالقوة.
وفي ظل استمرار الحالة القائمة تهدف أمريكا لتعززت احتلالها عبر الأدوات العسكرية المحلية العميلة وعبر اتّفاقية عسكرية وأمنية أُمليت على مرتزِقتها في الفنادق، لتغطي على قواعدها العسكرية ومهامها الاستعمارية، وتحَرّكاتها الميدانية المتحكمة بإقرار السياسي والسيادي للجمهورية اليمنية، بذريعة مهمتها في مكافحة ما يسمى بالإرهاب، وكذا التهريب التي تسوق له بصور متناقضة، مع أن هدفها الأَسَاسي هو مواجهة القوى السياسية والعسكرية الوطنية في صنعاء، وسحق أية جذور تحرّرية ممكن ولادتها في المحافظات والمناطق المحتلّة، تستمد وعيها من الروحية اليمنية الأصيلة التي لا تقبل بالغزاة، عبر العبوات الناسفة والعمليات الانتحارية والاختطافات والاعتقالات والسجون السرية والمداهمات الليلية والاغتيالات، كما كانت مهام قواتها الأمريكية في العراق.
ما دخلت أمريكيا وحلفاؤها الدوليون والإقليميون شعباً من الشعوب إلا دمّـرت وحدته ومزقت نسيجه الاجتماعي والوطني، وصادرت حريتَه وسيادته، واستهدفت ثقافته وهُــوِيَّته ومبادئه وقيمه، وفرضت عليه أشد العقوبات والقيود، ودفعت به للمزيد من التنازع والصراع على أسس مناطقة أَو مذهبية أَو سياسية أَو عرقية، لتتمكّن من تنفيذ غاياتها وأهدافها وغايات وأهداف حليفتها إسرائيل، كما فعلت وتفعل في سوريا والعراق اليوم.
وفي اليمن ذات المخزون البكر من الثروات النفطية والمعدنية وذات الموقع الجيوسياسي الهام، تسعى أمريكا بقواعدها العسكرية وقواعد أعوانها الأُورُوبيين، لتعزيز هيمنتها ووجودها وسيطرتها على أهم منطقة حساسة تحقّق أبعادها العسكرية والاقتصادية، خَاصَّة في مواجهتها وصراعاتها الدولية مع الصين وروسيا وإيران، وتلبي تطلعاتها وأجندتها علاوة على تحقيق الأجندة الإسرائيلية والمطبعين معها في المنطقة.
تعزيز التواجد العسكري وبناء المزيد من القواعد العسكرية الأمريكية والبريطانية في الجزر والسواحل اليمنية وخَاصَّة في محافظة المهرة وحضرموت وأبين وبالقرب من باب المندب، وفي المخاء وقاعدة العند لها أهداف معروفة تتصل بقربها من منابع النفط ولإسهامها في تشديد الحصار والحرب الاقتصادية على الشعب اليمني، ومنع دخول أي سلاح أَو دعم لأية تحَرّكات شعبيّة مناهضة للاحتلال في الفترات القادمة، في عمق المحافظات والمناطق المحتلّة، إضافة إلى كونها عملية خنق لأي تحَرّك ثوري ومحاولة قطع الطريق والتواصل بين الحركات الثورية الرافضة للتواجد الأجنبي في جنوب اليمن وبين قلب اليمن النابض صنعاء الأبية وقيادتها الثورية المهدّدة لمشروع الاحتلال الأمريكي في اليمن والمنطقة.
أما توقيت تعزيز التواجد الأمريكي في الجنوب تزامناً مع الترويج للحل السياسي مع صنعاء خلال هدنة هشة فهذه حركة ترويض لأعصاب القيادة في صنعاء بأنه إذَا ما أردتم السلام معنا فما عليكم غير تركنا وشأننا لنعبث بثروات الشعب اليمني في المناطق التي تحت سيطرتنا، وسنترككم لمواجهة كروتكم التي ستحترق أن صمتم عنا أمام شعبكم في الداخل، وحينها تتاح لنا الفرصة لتحريك الشارع ضدكم وإشغالكم بخلخلة الجبهة الداخلية.
وهنا سبق لقائد الثورة أن أكّـد في خطاباته الأخيرة على أن تحقيق السلام في اليمن مرتبط بثلاثة شروط منها خروج كافة القوات الأجنبية من اليمن، وهو شرطٌ أَسَاسٌ يعي قائدُ الثورة أهميته في قلوب أبناء شعبه الأحرار، ويقدّر به ثمنَ تضحيات ودماء الشهداء، ويدرك مخاطرَ عدم التنفيذ له على مستوى السيادة الوطنية وأثره في الجبهة الداخلية وعلى مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية والإعلامية.