ما وراء ترشّح جعجع وسقوطه
موقع التيار الوطني الحر ـ
هشام الهاشم:
من تحت الأرض صرخت دماؤهم أنصفونا..!! هي دماء من حوكِم جعجع باغتيالهم، تطالب نواب الأمة بإسقاطه احتراماً لموقع الرئاسة وتخليداً لذكراهم..
إذاً، وبغياب أيّ قانون يفرض معايير سياسية واجتماعية ووطنية لترشّح أيّ ماروني لسدّة الرئاسة، إستطاع سمير جعجع أن يعلن ترشيحه، وبرأسه ثلاث أهداف:
1- كسر الصورة الإجرامية الملاصقة له، وارتقاؤه إلى مستوى غيره من القادة المسيحيين.
2- فرض نفسه المرشّح الأقوى داخل صفوف 14 آذار، قاطعاً الطريق أمام أيّ من حلفائه المسيحيين.
3- مواجهة العماد عون في معركة رئاسيّة، بالرغم من علمه المسبق أنّه من المستحيل التفوّق عليه فيها، إلاّ أنّه يعتقد أنّه بذلك يتوصّل إلى إبعاد الإثنين، على قاعدة “عدم إتّفاق المسيحيين، يحتّم البحث عن البديل”.
سلسلة لاءات وجّهها اللبنانيون والنوّاب لجعجع في جلسة انتخاب الرئيس:
1- ما من مرشّح جديّ ارتضى لنفسه الانحدار إلى مستوى التنافس مع جعجع، حتّى ولو كانت تلك المنافسة على مركز الرئاسة الأولى في لبنان… فترشّح وحيداً ينافس الفراغ..
2- وقفات شعبية من طرابلس إلى رياض الصلح تندّد بترشّح “مجرم” و”عميل” على سدّة الرئاسة.
3- ستّ “رصاصات قاتلة سياسيّاً”، تحمل أسماء شهداءٍ حوكِم جعجع باغتيالهم..
4- حصول جعجع على 48 صوتاً من فريقه السياسي المكوّن من 57 نائباً.
5- تفوّق الورقة البيضاء عليه، وتصدّرها بـ52 صوتاً.
هذه النتائج أسقطت رهانات جعجع بنسبة 90%.. فقد خسر الرجل أمام الورقة البيضاء.. وكانت خسارته حكماً مبرماً أصدره الشعب اللبناني بحقّه، على ارتكابات في تاريخه سعى ويسعى جاهداً لإخفائها، وخصوصاً بعد حصوله على عفو عام، أيّدته أكثريّة نيابية ساحقة في العام 2005.
إذاً، سقط جعجع سقوطاً مدويّاً من بعض الحلفاء كما من الخصوم في معركة “إثبات الذات”..
واقعٌ لم يرُق للسيّدة جعجع، ولتدارك الموقف، عقدت مؤتمراً صحافياً وصفت فيه من صوتوا للشهداء بالمفلسين سياسياً، ضاربةً عرض الحائط الأحكام الصادرة بحقّ زوجها والتي ارتكز عليها هؤلاء في تصويتهم.. كما وأنّها، في محاولةٍ لتعمية القوّاتيين عن خسارة زوجها المدوّية في منافسته مع الورقة البيضاء، قالت لهم إنّ ما حصل هو انتصار، معربةً عن أنّ تمنّياتها سقطت، لأنّ العماد عون رفض وضع نفسه في خانة المنافس لجعجع، فتتحقّق أهداف الأخير.
هذا ولم تقف السيدة جعجع عند هذا الحد، بل وشدّدت على أنّ القوّات ماضية في ترشيح جعجع في الدّورات المقبلة، في محاولة منها لتخفيف وطأة الخسارة أوّلاً عن نفسها، وبالتالي عن نوّاب كتلتها، وعن المحازبين، قياديين وناشطين، والمؤيّدين على حدّ سواء.
قام جعجع بمناورته الرئاسية متخطّياً الأحكام الصادرة بحقّه، ومتغاضياً عن حجم تمثيله الفعلي.. فكانت مناورته هذه أشبه بعمليّة انتحاريّة فاشلة، أودت بحياة منفّذها من دون أن تلحق أضراراً بالآخرين، فسقط قتيلاً في معركة جشعه وعقده النفسية..