ما هي الأسلحة السريّة في الحرب القادمة؟
صحيفة الوفاق الإيرانية-
عبدالباري عطوان:
نشر “حزب الله” فيديو جديد مُصوّر مُدّته 22 دقيقة يُظهِر رصداً للسّفينة اليونانيّة المُخصّصة لاستخراج الغاز من حقل كاريش اللبناني، ويتضمّن تهديداً واضحاً يُؤكّد أنها، أيّ السّفينة، باتت في مرمى صواريخ المُقاومة ومُسيرّاتها.
هذا الموقف القويّ لحزب الله يبدو أنه أعطى مفعوله الفوري، وكسْر الغُرور والغطرسة الصهيّونية، فقد أعلنت القناة 12 العبريّة أن لبنان والكيان المحتل يقتربان من اتّفاق لترسيم الحُدود عبر الوسيط الأمريكي، وتقرّر تأجيل استِخراج النفط والغاز من حقل “كاريش” إلى تشرين أوّل (أكتوبر) المُقبل.
تهديدات حزب الله أرعبت القِيادة العسكريّة الإسرائيليّة، لأنّها تعرف مدى جديّة السيّد نصرالله في اللّجوء إلى القوّة، لتحرير الثروات الغازيّة والنفطيّة اللبنانيّة كاملةً في المِياه الإقليميّة اللبنانيّة، ولعلّ الفيديو القصير الذي جرى بثّه ويتضمّن تصويراً دقيقاً لحقل كاريش والسّفينة اليونانيّة هو أحد الأدلّة في هذا الصّدد، وثمرة من ثِمار غارة المُسيرّات الاستطلاعيّة الثّلاث، التي قال بيان للحزب إنّها أدّت مهمّتها بتحليقها فوق حقل كاريش على أفضلِ وجه، رغم إسقاطها، أيّ أنها أرسلت جميع الصّور حول الهدف إلى قاعدةٍ في جنوب لبنان.
فإذا كانت قيادة الكيان الغاصب تُحجِم عن اجتِياح غزّة المُحاصَرة المُجوّعة التي لا تزيد مِساحتها عن 150 مِيلاً مُربّعاً، لأنّ التّقديرات تقول إنها قد تخسر 300 جُندي، فكيف سيكون الحال لو اندلعت الحرب اللبنانيّة الثالثة، أو الرابعة، في ظِل وجود أكثر من 150 ألف صاروخ دقيق وذكيّ في ترسانة حزب الله وحُلفائه في لبنان فقط، ومُساواة بعض المُدُن والمُستوطنات الإسرائيليّة.
منظومة أسلحة اللّيزر التي يُراهِن عليها الجيش الإسرائيلي، للتصدّي لصواريخ ومُسيّرات حزب الله كبَديلٍ للقبب الحديديّة التي ثَبُتَ فشلها رُغم إنفاق عشرات المِليارات من الدّولارات لتصنيعها وتطويرها في التصدّي لصواريخ فصائل غزّة الأقل تَطَوُّراً، ربّما تُواجه المصير نفسه، لأن حُلفاء المُقاومة في طِهران الذين طوّروا تكنولوجيا الصّواريخ الذكيّة التي قهرت صواريخ الباتريوت وأذلّتها وأنهت أُسطورتها إلى الأبد، قادرون على تِكرار الإبداع نفسه، وإفشال منظومات الليزر الجديدة التي ستَدخُل الخدمة في الجيش الإسرائيلي مطلع العام المُقبل.
تأخّر الرّد الإيراني على التّنازلات الأمريكيّة التي وردت في الصّيغة الأوروبيّة النهائيّة للاتّفاق النووي، والحديث عن نُقاطٍ خِلافيّة ما زالت قائمة، يُؤكّد أن محور المُقاومة لا يخشى الحرب، بل أعَدَّ العُدّة لمُواجهة كُل السّيناريوهات، وإلا لكانت مُفاوضات فيينا قد انتهت قبل عام.
كُنّا نتمنّى لو أنّ مُفاوضي اتّفاقات كامب ديفيد التي انتهت بعد أُسبوعين، أو أوسلو بعد بضعة أسابيع، قد تدرّبوا على يد المُفاوضين الإيرانيين، فربّما جاءت النّتائج مُختلفة، أو بالأحرى لما رأت هذه الاتّفاقات الكارثيّة النّور، ولكن ما كُل ما يتمنّاه المرء يُدركه.
المُقاومة الإسلاميّة في لبنان ستخرج الفائز الأكبر من أزمة غاز حقل كاريش وتفرّعاته، سِلماً أو حرباً، سِلماً لأنّ أيّ اتّفاق سيكون تجسيداً واستِجابةً لشُروطها، وخوفاً من صواريخها، وحرباً، لأنّ إسرائيل التي خسرت جميع حُروبها من حزيران (يونيو) عام 1967 لن تكسب أيّ حربٍ جديدةٍ قادمة.