ما هي الأسباب وراء انسحاب الولايات المتحدة من سوريا
وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
أكد خبراء ومحللون سياسيون في سوريا (الجمعة) أن قرار الولايات المتحدة الامريكية المفاجئ بالانسحاب من سوريا سيشكل خطوة إيجابية نحو دفع العملية السياسية إلى الأمام بعد حرب دامت أكثر من 7 سنوات.
وحظي قرار إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بسحب القوات من سوريا يوم (الأربعاء) باهتمام كبير لدى عواصم غربية وعربية، حيث إن الولايات المتحدة الأمريكية لديها حوالي 2000 عنصر من القوات الخاصة المنتشرة في 12 موقعًا في سوريا.
ورأى محللون سياسيون أن السبب الأول وراء الانسحاب المخطط له من القوات الأمريكية هو حقيقة أن روسيا كانت تحث الولايات المتحدة مرارا على الانسحاب من سوريا لأن هذا الوجود يزيد من تعقيد المشهد السياسي في البلاد، بالنظر إلى حقيقة أن الولايات المتحدة دخلت سوريا في سوريا العام 2014 بدون موافقة الحكومة السورية، ومن خارج مجلس الأمن الدولي.
اما السبب الثاني، حسب رأي المحللين، هو التهديدات التركية الأخيرة بشن حملة عسكرية ضد الميليشيا الكردية المدعومة من الولايات المتحدة التابعة لوحدات حماية الشعب وقوات سوريا الديمقراطية، والتي تعتبرها تركيا مجموعات إرهابية بسبب صلاتها مع حزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.
يشار إلى أن القوات الأمريكية مدمجة مع الميليشيا الكردية وأن أي حملة عسكرية تركية على شرق الفرات سيكون من الصعب عليها التفريق بين المليشيا الكردية والقوات الامريكية التي تدعمها.
ومن المتوقع أن يكون هذا السبب هو القوة الدافعة الرئيسية وراء توقيت الانسحاب الأمريكي من سوريا، حيث إن أنقرة هي الحليف الرئيسي لواشنطن، وعندما يتم دفع الولايات المتحدة للاختيار بين الاثنين، فإن تركيا ستفوز بالتأكيد على الأكراد بشرط مصلحة الولايات المتحدة في المنطقة.
وبعد إعلان البيت الأبيض عن انسحاب القوات الأمريكية ، والذي سيجري خلال 100 يوم ، ذكرت تقارير تركية اليوم (الجمعة) أن الحملة التركية المخططة على الميليشيات الكردية في الضفة الشرقية لنهر الفرات شرق سوريا قد تم تأجيلها.
لا يوجد تاريخ محدد أو معلومات عن المدة التي سيتم فيها الدفع ، لكن الخبراء يعتقدون أن القوات التركية قد تنفذ عمليات محدودة ضد الميليشيا الكردية بمجرد سحب الولايات المتحدة قواتها.
إلى جانب التفاصيل المحيطة بتوقيت الانسحاب، اتفق المحللون السياسيون على أنه تطور إيجابي لسوريا ويمكنه دفع الميليشيا الكردية في شمال سوريا لمراجعة مواقفهم وإدراك أنهم لا يستطيعون الاعتماد على القوات الأمريكية وأنهم يجب أن يأتوا تحت مظلة الدولة السورية.
وقال نواران أحمد، وهو خبير سياسي كردي سوري، لوكالة أنباء ((شينخوا)) بدمشق، إن الانسحاب من القوات الأمريكية سيساعد في تسريع العملية السياسية في سوريا.
وقال أحمد “إن انسحاب القوات الأمريكية من سوريا هو أمر إيجابي لأن دخول الولايات المتحدة إلى سوريا كان غير قانوني، وسيساعد الانسحاب على تسريع العملية السياسية في بلادنا”.
أما بالنسبة لقوات سوريا الديمقراطية التي يتزعمها الأكراد ، والتي تدعمها الولايات المتحدة في عدة معارك رئيسية ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، قال أحمد إن أفضل خيار هو أن يكونوا تحت مظلة الجيش السوري، وإلا سيواجهون القوات التركية وعندها ستخسر قوات سوريا الديمقراطية مناطق لصالح المسلحين المدعومين من قبل تركيا على غرار ما حدث في مدينة عفرين شمال حلب، وهي منطقة ذات أغلبية كردية سقطت للقوات التركية في وقت سابق من هذا العام في شمال سوريا.
وقال “الخيار الأفضل للقوات سوريا الديمقراطية أن تكون تحت مظلة الحكومة السورية وقواتها للانضمام إلى الجيش السوري وإلا لن يكون أمامهم خيار آخر سوى القتال ضد القوات التركية”.
وأشار أحمد إلى أننا “شهدنا ما حدث في عفرين عندما واجهت القوات الكردية القوات التركية وأطفالنا ونساءنا وشعبنا في عفرين ولا نرغب في رؤية هذا السيناريو يتكرر في أي مكان آخر”.
من جانبه، وافق مهند حاج علي النائب السوري، على أن الوجود الأمريكي في سوريا غير قانوني بشكل أساسي ، وأن انسحابهم سيساعد العملية السياسية في سوريا.
وقال حاج علي لوكالة أنباء ((شينخوا)) بدمشق إن “الوجود الأمريكي في سوريا غير قانوني وغير مرغوب فيه، نعتبره عملاً من أعمال العدوان، ويأتي الانسحاب كجزء من الضغط الروسي على الولايات المتحدة للانسحاب من أجل تسريع العملية السياسية السورية وإيجاد حل سلمي”.
وأضاف إن الميليشيات الكردية التي كانت تسيطر على مناطق حاكمة في شمال وشمال شرق سوريا بمساعدة الولايات المتحدة على أمل إقامة فيدرالية يجب ان تظهر علامة على حسن النية وتسليم اسلحتها للجيش السوري.
وقال حاج علي إن القوات التركية ما زالت قادرة على شن عمليات محدودة في شمال سوريا، إذا بقي الوضع على ما هو عليه.
وأضاف “أتوقع أن تقوم القوات التركية بشن عملية محدودة في بعض المناطق لأن لديهم مخاوف بشأن وجود القوات الكردية في شمال سوريا” .
من جانبه، قال ماهر إحسان ، وهو محلل سياسي سوري آخر ، إنه بغض النظر عن السبب وراء القرار المفاجئ بسحب القوات الأمريكية ، فإن الانسحاب يجب أن يكون إيجابيا بالنسبة لسوريا لأن وجود القوات الأمريكية على الأرض يعقد الوضع.
وأضاف “إذا رحلوا ، سيكون من الأسهل مناقشة الوضع الكردي مع الأكراد أنفسهم دون ضغوط من الولايات المتحدة وأي تسوية محتملة بين الحكومة والأكراد من شأنها أن تدفع بعيداً عن أي معسكر تركي على الأراضي السورية لأن مخاوفهم ستكون حينئذ غير مرغوب فيه”.
وتابع يقول إن “وجود القوات الأجنبية، التي جاءت إلى سوريا دون موافقة الحكومة السورية، هو أمر سلبي لأي تسوية محتملة والآن مع قرار الولايات المتحدة بالانسحاب، فإن العملية السياسية ستحظى بفرص أكبر وأعتقد أننا نتحرك إلى عصر أكثر إشراقا”.