ما هو مصير التحويلات المالية في لبنان بعد شهر أيار؟
وكالة أنباء آسيا-
زينة أرزوني:
لبنان نحو عزلة مالية شاملة بسبب إقتصاد الكاش، وعدم تطبيقه طلبات صندوق النقد الدولي، هذا ما أكدته مصادر اقتصادية متابعة لوكالة انباء اسيا، فضلاً عن إزدهار ظاهرة جمع التبرعات لدعم اللبنانيين خلال الازمة بحسب تعبيرها، مشيرة الى ان لبنان ينتظر في شهر ايار المقبل صدور تقرير مجموعة العمل المالي (FATF) التي تصنّف الدول على قوائم بيضاء، رمادية أو سوداء، وبما أن تحذيرات صندوق النقد الاخيرة حذّرت أن لبنان على مفترق طرق خطيرة، فذلك قد يزيد من احتمال خفض تصنيف لبنان إلى القائمة الرمادية أو حتى القائمة السوداء، بحسب المصادر، التي تؤكد ان تصنيف FATF يتأثر بشكل مباشر بتقارير صندوق النقد الذي تحدث عن ثلاث نقاط بالغة الخطورة، وهي ان لبنان وسع نطاق الاقتصاد غير المنظم، ويسارع الانتقال نحو “الدولرة” النقدية التي لا تمر عبر المصارف، وارتفاع في أخطار العمليات غير الشرعية.
ماذا يعني إذاً شطب لبنان عن اللائحة البيضاء، ووضعه على القائمة الرمادية او السوداء، وكيف سينعكس ذلك على حياة اللبنانيين والتعاملات النقدية، والتحويلات المالية؟.
بحسب تقديرات البنك الدولي، يُعد لبنان ضمن قائمة الدول الأكثر تلقيا للأموال من الخارج حول العالم، فقد تبوّأ المركز الأول في المنطقة والمرتبة الثانية عالميّا من حيث مساهمة تحويلات المغتربين في الناتج المحلّي الإجمالي، والتي بلغت 37.8 % في العام 2022، مع وصول حجم التحويلات إلى 6.8 مليارات دولار أميركي، وقد اعتمد معظم المغتربين على مكاتب تحويل الأموال لتنفيذ هذه التحويلات، بدلاً من الاعتماد على المصارف.
وأولى الانعكاسات التي ستطرأ في حال تم خفض تصنيف لبنان، بحسب الخبراء، هو تشديد التدقيق على التحويلات المالية التي ستخضع الى مزيد من الرقابة والبحث بمصدرها ووجهة تحويلها، وهو ما سينعكس سلباً على الحركة التجارية الدولية مع لبنان وعلى عمليات الاستيراد والتصدير، فيما ستأخذ المصارف الدولية بدورها الحذر في التعامل مع المصارف اللبنانية، او اتخاذ المصارف المراسلة قراراً بعدم التعاطي مع المصارف اللبنانية، علماً ان عددًا كبيرًا منها أوقف تعاملاته المالية معها ولم يتبق سوى ثلاثة GP Morgan، City bank وstandard chartered، وهو ما سيؤدي حتماً الى عزلة لبنان مالياً.
ويوضح مصدر في مصرف لبنان، ان القلق من هذا التقرير المرتقب هو بسبب تداعياته الخطرة على مستوى التحويلات المالية، بعدما تحول الاقتصاد اللبناني إلى نقدي بنسبة 75 % نتيجة فقدان المصارف وظائفها الأساسية في تتبع حركة الأموال في البلاد، اضافة الى نمو اقتصاد الكاش بنسبة تتجاوز حجم الاقتصاد الرسمي بأضعاف، ما يؤدي إلى فقدان قوانين مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب لدورها، ما يسمح بتحول لبنان إلى ملاذ مفتوح لتبييض الأموال واختراق النظام المصرفي العالمي، بحسب المصدر.
ومع فقدان اللبناني ثقته بالنظام المصرفي، واقفال أكثر من 20% من فروع المصارف، شهد قطاع الشركات المالية فورة ملحوظة بعد توجه المواطنين اليها لتسيير أمورهم المالية، حيث ظهرت عشرات الشركات الجديدة وتوسعت فروعها في مختلف المناطق اللبنانية، وهو ما أثار قلق خبراء الاقتصاد الذين يعتبرونها ظاهرة غير صحية، فغالبية تلك الشركات غير خاضعة للرقابة الرسمية وقوانين مكافحة تبييض الأموال، بحسب الخبراء، فالشركات التي كان عددها قرابة 14 شركة قبل الازمة المالية، شهدت بعد الأزمة نموا أفقيا وعاموديا، وقد تمثل النمو الأفقي في زيادة عدد فروعها إلى أكثر من 2400 فرع، في حين تمثل النمو العمودي باستفادة هذه الشركات، من حالة فقدان الثقة بالنظام المصرفي لتنويع وتوسيع خدماتها.
سيناريوهات عدة مرجح ان يدخلها لبنان الشهر المقبل، إما أن يبقى في موقعه الحالي أي في القائمة البيضاء، أو خفض تصنيفه إلى الرمادي، بعدما سقط في المعايير التسعة الأولى من أصل عشرة، بحسب أوساط اقتصادية متابعة، معتبرة انه في حال حصل ذلك فلن يكون الأمر سهلًا على لبنان، إذ أن خروجه من هذه القائمة يستلزم معايير جديدة وتشريعات وبرامج مع مجموعة العمل، التي قد يتطلب تنفيذها سنوات عدة في ظل الفراغ المؤسساتي وعدم القدرة على التشريع، أو إدراجه على اللائحة السوداء، التي سيكون لها تداعيات كارثيّة على الوضع المالي، بحسب المصادر.