ما هو مصير التجارة الخارجية السورية بعد الحرب
وكالة أنباء آسيا-
يانا العلي:
تُعدُ التجارةُ الخارجيةُ مِنَ المُحركاتِ الرئيسية للاقتصادِ السوري، حيثُ تُمثلُ حوالي 25٪ من الناتجِ المحلي الإجمالي للبلاد. وتعدُ الزراعة والصناعات الغذائية والنسيج والكيماويات من أهم القطاعاتِ الاقتصادية التي تُساهمُ في التجارةِ الخارجية في سورية. وتَستهدفُ الحكومة السورية زيادةَ حجم التصدير من هذه القطاعات وتوسيع قاعدة الأسواق الخارجية للسلعِ السورية. وعلى الرغم من التحديات العديدة التي تواجه التجارة الخارجية في سورية، يمكن القول إن هناك إيجابيات تشير إلى الإمكانات الاقتصادية الكبيرة في البلاد، إلا أنّ الأمر يتطلبُ جهوداً مستمرة لمعالجةِ التحديات وتحقيق النمو الاقتصادي المُستدام. وللوقوف عند وضع التجارة الخارجية للدولة السورية، والتحديات والخطط المرسومة للنهوض بالاقتصادِ السوري كان لوكالة أنباء آسيا لقاء مع الباحث والخبير الاقتصادي الدكتور شادي أحمد حيث صرّح أنه قُبَيل الحرب كان لسورية مُنتجات كثيرة للتصدير، أهمها النفط والفوسفات والقمح والقطن والمواد المُصَنعة، حتى بلغت قيمةُ الصادرات أكثرَ من 9 مليار دولار، ولكن تبعات الحرب فرضت قيودًا متنوعة على واقع التصدير السوري. لدرجة أنه مرت سنوات، انخفضت الصادرات إلى أرقام تَكادُ لا تُذكر.
ومؤخراً ظهرت بعض الأنشطة التصديرية، حيث اعتمدت بالدرجةِ الأولى على بعضِ المُنتجاتِ الزراعية والحيوانية كالأغنامِ مثلاً، التي يَنشط سوقها في الخليج. بالإضافة إلى المواد الزراعية كالخضروات والفواكه التي تلقى رواجًا في السوق العراقي. حين بدأت بعضُ المعاملُ السورية بالإنتاج، استعاد قطاع التصدير جزءًا من عافيته مقارنةً مع سنوات الحرب القاسية، متوجهاً نحو أوروبا والخليج والإمارات وبعض الدول الآسيوية.”
وعن التحديات التي تواجه الاقتصاد السوري صرّح د.شادي: “بالنسبةِ للتحدياتِ التي تُواجهُ الاقتصادَ السوري حالياً فهي متعددة، ولكن يُمكن أن نُقسمها إلى أربعةِ حِزم.
الحِزمة الأولى هي الحِزمةُ المعيشية، وهي كفاية تدفقُ المواد الأساسية إلى الأسواقِ السورية التي تَهمُ المواطن مع وجود الإمكانية والقدرة الشرائية لشراءِ هذهِ المُنتجات. وفي مقارنة بسيطة بين الإنتاج السابق والحالي، كانت تُنتج سورية تقريباً كُل مانَحتاجه.
الآن قطاع الاستيراد هو القطاع المُسيطر على السوق المعيشية، وبالتالي هذا الأمر يَتعلقُ بِسعرِ الصرف وبقدرةِ الإمدادات اللوجستية على توفيرِ ذلك داخل السوق السورية، وهذا ما يُشكلُ تحديًا كبيرًا للاقتصاد السوري.
التحدي الثاني هو حِزمة السوق الإنتاجية، وهو عودةُ الإنتاج السوري لاسيما الزراعي والصناعي إلى سابقِ عَهده. حيث كان لدينا 135 ألف مُنشأة صناعية، تَدَّمر منها مابين ضرر جزئي وكُلي حوالي 80 ألف مُنشأة وبالتالي نحن نسعى لإعادة القدرات الإنتاجية للاقتصاد السوري من خلال إعادة ترميمِ وتأهيلِ هذه المُنشآت لتصبح قادرة على ضخ المنتجات التي يَحتاجُها الاقتصاد إلى السوق، وايضاً دعم قطاع التصدير الذي يحتاج في النهاية إلى المنتجاتِ السورية.
التحدي الثالث هو تحدي إعادةِ الإعمار، وهذا تحدٍ كبير جداً، أكثر من مليونين ونصف المليون منزل مُهدم في سورية نتيجة الحرب، إضافة إلى بعض المرافق التحتيةِ. أُضف إلى ذلك الآثار التدميرية التي خَلفها الزلزال فضاعفَ الرقم ايضاً. من هُنا يظهرُ لدينا تحدي لإعادة الإعمار بشكلٍ كبير، بَعضها طارئ بالنسبةِ لأضرارِ الزلزال وبَعضها مَديد.
التحدي الرابع هو المتعلق برأس المال البشري السوري من خلال أن سورية قد استنفذت الكثير من القُدرات البشرية سواء العاملة أو العلمية وبعضها هاجرَ إلى بُلدان متنوعة وبعضها يعيشُ في مخيماتِ اللجوء. ايضاً عودة المهجرين والمُهاجرين تحتاجُ إلى خطةٍ واسعة من حيث تأمين مُستَلزمات الإقامةِ والمعيشة وتأمين فرص عَمل مُناسبة. وهذا الأمر يُشكلُ التحدي الأكبر ايضاً للاقتصاد السوري.
أما من وجهة نَظري الشخصية لا توجد خطط مُحكمة في هذا الموضوع يوجد بعض اللقاءات، بعض الأهداف والسياسات لكن لايوجد لدينا خطة استراتيجية قابلة للتنفيذ. هناك بعض الدراسات حول التعافي الاقتصادي وغيرها لكنها لم تَكُن مُصاغة أو مَكتوبة بشكلٍ قابل للتنفيذ.”
على الرغمِ من أن الحرب الدائرة في سورية لا تزال تؤثرُ على الاقتصادِ السوري، إلا أن بوادر الأمل في النهوضِ بالتجارةِ الخارجية قائمة، مثل الغريق الذي يجاهد ليتعلق بالقشة علّها تُنقذهُ. فسورية تتمتعُ بموقعها الجغرافي المميز وتتمتعُ بثرواتٍ طبيعية وإمكانات اقتصادية كبيرة، وهو ما يَجعلهُا مَحط اهتمام للعديدِ من الدولِ و الشركات العالمية. ومع بدء عمليات إعادةِ الإعمار، يتوقعُ أن تتزايدَ فرص التجارة الخارجية في البلاد، وخاصة في مجالات التصدير من منتجات زراعية و صناعات غذائية إضافة الى النسيج والكيماويات.