ما لم تفهمه “إسرائيل” وضّحه السيد نصر الله في خطابه بالدّليل
صحيفة الوفاق الإيرانية-
فوزي بن حديد:
يبدو أنَّ العدوّ الصهيوني لم يفهم رسالة المقاومة بعدُ، ولم يعتبر من الدروس السابقة في الحروب الماضية، وما زال الغرور يهزّه بين الفينة والأخرى لإظهار مفاتنه.
بلغة الواثق بالنصر والتمكين والردّ المناسب في الوقت المناسب من دون تأثّر بأي أوضاع داخلية في لبنان، ردّ السيد حسن نصر الله على المخاوف التي يتوجَّس اللبنانيون منها بعد الحادث الذي حصل في جنوب لبنان، إثر الغارات الإسرائيلية على المنطقة وردّ حزب الله عليها، والحقائق التي كان الاحتلال الصهيوني يتبنّاها ويزعم أنَّها لصالحه في الوقت الراهن، ويبني عليها خططه وقراراته.
يبدو أنَّ العدوّ الصهيوني لم يفهم رسالة المقاومة بعدُ، ولم يعتبر من الدروس السابقة في الحروب الماضية، وما زال الغرور يهزّه بين الفينة والأخرى لإظهار مفاتنه، والإعلان أنه الأقوى في المنطقة، وأنه قادر على إلحاق هزيمة نكراء بـ”حزب الله” في الجنوب اللبناني، لكن ما حدث من خلال هذا الخطاب الهادئ كعادته أنه وجّه رسالة قوية إلى “جيش” الاحتلال، وحمّله مسؤولية ما يحدث، وذكره بالمعاملة بالمثل في أي هجوم أحمق من الأراضي الإسرائيلية، وبين له أنَّ المقاومة لم تتأثّر بالأحداث الجارية في لبنان، ولن تتأثّر بأي أحداث أخرى، مهما كان ثقلها في المستقبل، لأنها صلبة على طول الزمان، ومؤمنة بأنها ستنتصر في النهاية، وتعتبر نفسها الضامن الوحيد في لبنان لصدِّ أي هجوم من الأراضي المحتلّة.
فعلاً، يبدو أن “إسرائيل”، وهي تفهم جيداً ما قاله السيد حسن نصر الله، تحاول أن تراوغ شعبها وتوهمه بأنها “الدولة” القادرة على هزيمة هذا الحزب العتيد في أي وقت تريده، وترسل رسائل طمأنة إلى العالم بأنَّ “جيشها” جرّار وقادر على مواجهة الصعاب، لكن الحقيقة على الأرض أثبتت من قبلُ واليوم وغداً أن “إسرائيل دولة” وهمية خيالية لا وجود لها على أرض الواقع، وأن رياح السموم قريبة منها ستقلعها من مكانها، لتخليه من فسادها وبطرها وكبريائها، وتزيلها من الخارطة.
فعلاً، إنَّ هذا الدّرس بدأ يتجلّى شيئاً فشيئاً، من خلال هذه الأصداء التي تحدث على الأرض، وهذه المناوشات التي بدأت تكبر يوماً بعد يوم، وصارت المقاومة تزداد اقتناعاً بأنه ينبغي لها الاستعداد جيداً لهذه الحرب المفتوحة التي دائماً ما يذكرها السيد حسن نصرالله في خطاباته، ويحذّر “إسرائيل” من أنها ستقع يوماً، وستلحق بـ”الدولة” المارقة هزيمة نكراء لم يشهد التاريخ مثلها، وأن المسلمين سيعودون إلى رحاب المسجد الأقصى، بإذن الله تعالى، لأنه وعد الله الصادق.
وبناء على هذا، إنّ أي توتّر على الأرض قد يكلّف “إسرائيل” غالياً، فكلما زادت حماقتها، فعّلت المقاومة أجهزتها، واستنفرت قوّتها، وأظهرت براعتها في الصد والهجوم. وكلما أظهر العدوّ شكيمته، أبانت المقاومة شجاعتها في فصول جديدة من التخطيط الذكي للمواجهة، لأن العدوّ لا يفهم إلا لغة القوة؛ القوة التي ترهقه وتبهره، لا القوة التي تجعله يتقدم خطوات إلى الأمام.
لذلك، إنَّ الاحتلال يتوجّس خيفة من مثل هذه الخطابات التي ترفع معنويات جنود “حزب الله” عالياً، وخصوصاً خطابات السيد حسن نصر الله، عندما يقول إنَّ هؤلاء المقاومين لا يعرفون الخوف ولا الرجوع إلى الوراء، فهم مجاهدون مقدامون لا يخافون في الله لومة لائم، فإما ينتصرون وإما ينالون الشهادة، وما أجمل الشهادة في سبيل الله عندهم في مثل هذه المواقف التي ترغم عدوهم على الاستسلام والخضوع للخوف!
هذه الصورة الكبيرة واللامعة للمجاهدين المقاومين، تجدها في إيران، كما تجدها في فلسطين والعراق، وفي كل مقاوم يكره “إسرائيل”، باعتبارها “دولة” محتلة صهيونية مارقة عنصرية مآلها الزوال والفناء. هذه الصورة هي عقيدة متجذّرة في التاريخ، لا تتغير بتغير الزمان والمكان، ثباتها راسخ كرسوخ المقاومة في جنوب لبنان. لذلك، لا يتغابى هذا العدوّ في تصدير أوهامه للعالم، لأنه يدرك الصورة المزيفة التي يقدّمها، ولن يربح منها سوى الاستهزاء والسخرية بهذا “الجيش” الَّذي يزعم أنه قاهر الأعداء، رغم ما يمتلكه من عدّة وعتاد.
إذاً، هذه هي المقاومة، رغم الأحداث المؤلمة في لبنان والخارج، وما تحيط بها من ضغوطات من الدول الكبرى، كالولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وغيرها من البلدان، للتأثير في الداخل اللبناني بأن ينتفض على “حزب الله”، ويطالب بتجريده من سلاحه، وهو همّ كثير من السياسيين اللبنانيين، وأبرزهم سعد الحريري وسمير جعجع وغيرهما، لكن هذا لن يحدث.
وقد حسم الأمر السيد حسن نصر الله، واعتبره من سابع المستحيلات، لأنَّ المقاومة اللبنانية آلت على نفسها أنَّها لن تسلم هذا السلاح للدولة اللبنانية، مهما طال الزمان أو قصر، وستظلّ وفية لشعبها، تدافع عنه بكل قوة وبسالة، ولو كلّفها ذلك ما كلّفها، فلا عبرة بما يقوم به هؤلاء، ولا بما ينادون به، فجعجعتهم لا تصل إلى المقاومين، ولا تحرك فيهم شعرة واحدة.
لماذا إذا تناوش “إسرائيل” كل مرة، وهي تعلم أنها غير قادرة على المواجهة الحقيقية؟ هل ما تفعله مجرد مسرحية تؤديها أمام شعبها لإبراز أنها تعمل ولم تقف مكتوفة الأيدي أمام استفزازات “حزب الله” في الجنوب اللبناني؟