ما علاقة “تغريدة” الحريري بطرح “استبداله” من رئاسة الحكومة؟
موقع النشرة الإلكتروني ـ
ماهر الخطيب:
في الوقت الذي لا يزال فيه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري يواجه العديد من العراقيل التي تحول دون ولادة حكومته، عمد من خارج السياق إلى نشر “تغريدة” يشير فيها إلى أن بعض السياسيين اللبنانيين يهرولون نحو سوريا قبل النازحين، متسائلاً عن أسباب هذا التوجه، الأمر الذي طُرحت حوله العديد من علامات الإستفهام، لا سيما بعد المبادرة الروسية لمعالجة ملف النازحين السوريين.
بالتزامن عادت إلى الواجهة الدعوات إلى الذهاب نحو تشكيل حكومة أكثريّة، من المفترض أن تضمّ حلفاء دمشق الذين باتوا يسيطرون على الأغلبيّة داخل المجلس النيابي، مع العلم أن معظم الأفرقاء الأساسيين لا يزالون يُصرون على أن تكون الحكومة برئاسة الحريري نفسه، نظراً لما يشكله من ضمانات على مستوى إستقرار الأوضاع الداخلية.
في هذا السياق، تكشف مصادر سياسيّة مطلعة، عبر “النشرة”، عن طرح جرى التداول به، في الأيام الماضية، يقضي بتقديم رئيس الحكومة المكلّف إعتذاره عن التأليف، لكن ليس بسبب العراقيل التي يصطدم بها حتى الآن، سواء كانت الدرزية أو المسيحيّة أو السنية، بل لعدم قدرته على أن يكون رأس حربة في مرحلة إعادة العلاقات اللبنانيّة السوريّة إلى طبيعتها، على أن يعود إلى رئاسة الحكومة لاحقاً، بعد أن تتم معالجة الملفّات العالقة.
وعلى الرغم من أن هذه المصادر ترفض الكشف عما إذا كان هناك من أسماء محددة جرى طرحها على هذا الصعيد أو المدى الذي وصل إليه الطرح، تشير إلى أن من المستبعد أن يكون رئيس الحكومة، في هذه الحالة، من الشخصيات المقربة من الحريري أو تيار “المستقبل”، بل المطلوب أن يكون من تلك التي تدور في فلك قوى الثامن من آذار، لكنها تؤكد أن الحريري ليس في وارد القبول بمثل هذا العرض، نظراً إلى أن تداعياته ستكون كبيرة على علاقاته الإقليميّة، لا سيما مع المملكة العربيّة السعوديّة، التي لا يمكن أن تقبل به أيضاً، لأنه سيكون بمثابة الإعتراف بالخسارة.
وفي حين تشير المصادر نفسها إلى أن الحريري يدرك جيداً أنه لا يمكن الإستمرار في الواقع نفسه، على مستوى العلاقات مع دمشق، في المرحلة المقبلة، تلفت إلى أن رئيس الحكومة لا يزال، حتى الساعة، يفضل عدم الذهاب إلى خطوات سريعة، ويريد أن يأتي هذا التحول في سياق أوسع يشمل البلدان العربيّة، لكنه في المقابل يواجه معارضة كبيرة من قبل بعض اللاعبين المحليين، لا سيما قوى الثامن من آذار و”التيار الوطني الحر”، نظراً إلى أن هؤلاء يعتبرون أن لبنان لا يمكن له أن ينتظر عودة العلاقات بين سوريا والدول العربيّة إلى سابق عهدها، على إعتبار أن لديه الكثير من الملفات الضاغطة التي تتطلب معالجة، أبرزها موضوع النازحين السوريين والعلاقات الإقتصادية، خصوصاً بعد التوجه نحو إعادة فتح معبري نصيب الحدودي مع الأردن وباب الهوى الحدودي مع تركيا، في حين أن تلك الدول تستطيع الإنتظار بسبب عدم وجود مثل تلك الملفّات لديها.
في الإطار نفسه، تكشف المصادر السياسيّة المطلعة عن تلقي بعض المرجعيّات اللبنانيّة رسالة سوريّة مفادها بأن دمشق غير مستعدّة لتقديم هدايا مجانيّة، مثل معالجة الملفّات المذكورة آنفًا، من دون تنسيق حكومي بين البلدين، وتشير إلى أن هذا الأمر ينطبق أيضاً على العلاقات السوريّة الأردنيّة، وتضيف: “هذا الواقع هو الذي يدفع العديد من المسؤولين إلى رفع سقف المواجهة على هذا الصعيد، بعد أن كان الأمر يأتي في سياق المواقف الطبيعية سابقاً”.
في المحصلة، تجزم المصادر نفسها بأن الملف الحكومي عاد إلى المربع الأول، لا سيما في ظل التحولات القائمة على المستوى الإقليمي، خصوصاً أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري أكد أنه يصارع نفسه كي لا يصدق أن هناك عاملاً خارجياً معرقلاً، مع العلم أنه في السابق كان ينفي هذا الأمر، وتضيف: “الإتفاق على برنامج عمل الحكومة هو العقدة الأساس، وبعد حلها يمكن الحديث عن ولادة قريبة”.