ما بين الماضي والحاضر.. هناك حسين العصر
صحيفة المسيرة اليمنية-
أمل المطهر:
منذُ فترة زمنية ليست ببعيدة، كان يظُنُّ أغلبُ المسلمين أن “القرضاوي” داعيةٌ إسلامي وأن “الزنداني” عالمٌ ربَّاني ومفكِّرٌ إسلامي!! وأن “علي عبدالله صالح فارس العرب”!! وأن الإخوانَ المسلمين والسلفيين في عِداءٍ مع “أمريكا وإسرائيل” وأن آل سعود خُدَّامُ الكعبة وحماة الدين!! وعند تنفيذ المخطّط الصهيوني تبيَّن لجميع المسلمين أنهم كانوا مُجَـرّد عملاء وخونة وأدوات لا أكثر للاحتلال الصهيوني.
لكن في اليمن كان الأمرُ مختلفاً كَثيراً، فقد انكشف المستورُ وفُضِح الملعوب، في وقت مبكر جِـدًّا، فالصحوةُ الفكريةُ بدأت وذلك من خلال ثورة فكرية ثقافية أيقظت العقولَ وزكَّت النفوس وأزاحت الستارَ عن وجه الحقيقة التي ظلت مختفيةً عن الأنظار زمناً طويلاً.
كانت البدايةُ من أعالي جبال –مران- في يوم الخميس الـ 17 من يناير/ كانون الثاني 2002م، بدأت ثورة فجّرها عظيمٌ من آل محمد، كان مفتاحُها شعارَ براءة وسخط من أعداء الأُمَّــة.
لم يرَ حينَها الكثيرُ أهميّةً وفاعليةً لذلك الشعار، حتى بدأ التحَرُّكُ ضِدَّه مِن قِبل العدوّ بشكل مباشر وشرس، أضف إلى سِتِّ حروب طاحنة شُنّت على أبناء صعدة؛ لإسكاتِ ذلك الصوت وإماتة تلك الثورة.
وما بين ماضٍ قدمه لنا الشهيدُ القائدُ دروساً ومنهجيةً ثابتةَ الخُطَى واضحةَ المعالم قويةَ الأثر، وحاضرٍ ملموسٍ أصبحنا نراه متجسِّداً أمامنا سطراً يتبعه الآخر، فتلك الدروسُ التي وضعها -الحسينُ بن البدر- من عُمق معاناة أبناء أمته، ومن صميمِ معاناته ووجعه، تجسَّدت اليوم أمامنا آياتٍ ومعجزاتٍ حيَّرت العقول.
فها هم الأنصارُ اليوم يرسُمون لوحةَ الكرامة والحريةِ لأبناء الأُمَّــة الإسلامية بأسرها، فتلك النفوسُ التي مُلِئت نوراً وثقةً أصبحت تَبُثُّ بريقَها لكل زوايا الكَون المعتمة، فازداد يأسُ أمراء الظلم وعبادِ الظلام من محوِ ووأدِ تلك الثورة الفكرية التي تكبُرُ يوماً عن الآخر وتنتشرُ بشكل سريع وكبير.
اليوم أصبحنا نرى الحسينُ الشهيدُ حياً في كُـلِّ النفوس التوَّاقة للحرية والكمال الإيمَاني، فصار اليومَ كما كان في الأمس الرجلَ الاستثنائيَّ الذي ظهر في الوقت الضائع لينتشلَ النفوسَ المتعَبةَ التائهةَ من كَمَدِها وضيقها وليُخرِجَها إلى ميدان الله الواسع الرَّحْبِ الذي وجدت فيه كيما يعيد لها بريقها ويبنيها بناءً قوياً وصحيحاً.
الحسينُ القائدُ الشهيد، هو العصرُ هو المستقبلُ القريب، وهو الماضي والحاضر بيننا في لحظة بكل تفاصليه وأحداثه.
كُلُّ ما نراه اليومَ من انتصاراتٍ وتطوُّرٍ في كُـلّ الجبهات حتى وصلنا بطائراتِنا وصواريخِنا إلى عُمقِ العدوّ، ووصل رعبُنا إلى صدرِ العدوِّ “الإسرائيلي والأمريكي” مباشرةً، هو جزءٌ من ماضٍ وضعه الحسينُ بين أيدينا، وبعضٌ من حاضر كتبه لنا مستلهِماً أحداثَه وَمستقبلٍ رسمه لنا مبشراً بقدومِه علينا.
هذا هو حسينُنا الذي قدّم وضحّى وصبر وأنتج وصرخ حتى أصبح اليومَ الأيقونةَ والخارطةَ والقِبلةَ لكُلِّ حُــرٍّ في هذا العالم، لتكونَ منهجيتُه وخُطاه هي المنقِذَ والملاذَ لكل المستضعَفين في الأرض.
وتستمرُّ حكايةُ حسين العصر حتى يتحقّقَ وعدُ الله بالتمكين والنصر، والعاقبةُ للمتقين.