ما بعد إلغاء العدوان: الجيش السوري يتقدم
صحيفة الجمهورية اللبنانية ـ
غسان جواد:
مقابل الانشغال العام بمسار التفاهم الأميركي – الروسي حول السلاح الكيماوي، يتابع الجيش السوري تقدّمه على الأرض مستعيداً بعض المناطق الحسّاسة في «الغوطتين» الشرقية والغربية في ريف دمشق، استعداداً لمعركة متوقّعة في درعا على الحدود الجنوبية مع الأردن.
قبل أيام وفيما كان العالم منصرفاً لتفسير حجم التفاهم الاميركي – الروسي ومستواه، استعادَ الجيش السوري منطقة شبعا من الغوطة في ريف دمشق، وتكمن اهميتها الاستراتيجية في كونها أكبر من القُصير بثلاث مرّات، وكانت محصّنة تحصينات بالغة الأهمّية وتشرف على طريق المطار. وباستعادتها، تمّ تأمين هذا الطريق بكامله والتقدّم نحو “حتيتة التركمان” و”دير العصافير” التي من المفترض ان تكون قد استعيدت.
هذا الاندفاع بوتيرة سريعة في الغوطتين، بحسب مصادر تعمل على الارض، يأتي بهدف الانتهاء منهما والاستعداد لعملية عسكرية في محافظة درعا، حيث تمّ في الايام والاسابيع الاخيرة تجميع عدد كبير من المسلّحين. وفي هذا السياق، تقول هذه المصادر إنّ “المسلحين دخلوا بأعداد كبيرة الى محافظة درعا على الحدود مع الأردن بغية مواكبة “العدوان الاميركي على سوريا”، لكنّ الوقائع السياسية التي طرأت أثّرت في مخطط هؤلاء وتمّ تغيير ساعة الصفر لديهم وجاءت التعليمات بأن ينتظروا تعليمات جديدة”.
وتضيف هذه المصادر أنّ منطقة القلمون القريبة من الحدود اللبنانية، والممتدة إلى الزبداني ومنها الى العاصمة، تشهد بدورها تجمّعات عسكرية للمسلّحين، ويستعدّ الجيش السوري لتنفيذ عملية عسكرية في تلك المنطقة لتأمين الحدود اللبنانية بكاملها وصولاً إلى دمشق. وتوقّعت نشوب معركتين كبيرتين تفوقان بكثير المعركة التي شهدتها منطقة القصير وبعض حمص وريفها، ولهما أهمّية عسكرية كبيرة من الناحية الاستراتيجية. نظراً لأنّهما تقعان في مناطق حدودية “رخوة” ومن شأن استعادتهما وضع اليد والإطباق على كلّ معاقل المسلّحين الاساسية في المنطقة الوسطى والجنوبية. وفي هذا السياق، تعتبر المصادر أنّ منطقة جرود “عرسال” من الناحية اللبنانية هي نقطة الزخم الأساسية للمسلّحين التي تمدّهم بالسلاح والعتاد وتؤمّن لهم مخارج ومداخل وعمقاً حيوياً داخل الاراضي اللبنانية. وتؤكّد أنّ الجيش سيستعيد كلّ هذه المنطقة وسيتعامل مع أيّ خرق للحدود من الناحية اللبنانية على أنّه عدوان سيتمّ التصدّي له من دون الاضطرار للدخول الى الاراضي اللبنانية. ودعت هذه المصادر الدولة اللبنانية والقوى الفاعلة في المنطقة الى طرد المسلّحين من عرسال وتأمين الجرود هناك، حتى لا تكون تلك المنطقة الحدودية عرضة لتداعيات أيّ عمل عسكري سوريّ وشيك.
وفي ما يتعلق بالوضع الميداني للجيش السوري عموماً، تكشف المصادر عينها أنّه ليس معنيّاً بكل ما يجري على المستوى السياسي. وأنّ الأوامر الصادرة عن القيادة باستعادة الأرض ومواجهة المسلّحين وقتالهم لا تزال سارية، ولم تطرأ أيّ أوامر جديدة في الميدان. وتضيف: “لقد أعددنا الخطط البديلة للتعامل مع أيّ عدوان محتمل علينا، والآن وبعد إلغاء أو تأجيل العدوان، نستكمل عملنا بنحو عادي”.
وعن تداعيات إلغاء العدوان الاميركي ـ الغربي أو تأجيله، تقول المصادر: “إنّ معنويات المسلحين منهارة بعد التطوّرات الأخيرة، لقد دُرّبوا وأعِدّ بعضهم لمواكبة هذا العدوان المحتمل، والآن يعيشون حالاً من الإرباك والضعف تظهر في أدائهم ومواجهاتهم الميدانية، وقبل التلويح بالعدوان كانوا يتلقّون ضربات قاسية بدأت منذ ثمانية أشهر، وتمثّلت في إسقاط وتحرير عدد كبير من المناطق التي كانوا يتحصّنون فيها. ومع انقلاب موازين القوى على الارض حاولوا استدراج عدوان أجنبي على سوريا لكي يستفيدوا منه ويعيدوا قلب تلك الموازين. لقد خسروا رهانهم على الخارج مجدّداً، وعليهم انتظارنا في كل مكان”.