ما الذي كشفه الأسير صدقي المقت في رسالته المهّربة من سجون الاحتلال؟
في ما يلي نص الرسالة:
أهلي … أصدقائي … أحبتي … تحية وبعد …
أكتب إليكم من داخل سجن الجلبوع في شمال فلسطين المحتلة. هو ذات السجن الذي تحررت منه قبل ثلاثه أعوام. أكتب إليكم لأعبر لكم عن عمق شوقي وحنيني لكم . جسدي هنا داخل السجن لكن كل تفكيري وعقلي ومشاعري وعواطفي هناك حيث أهلي، هناك حيث ذكرياتي … هناك حيث أغلى الناس على قلبي … هناك مع أبطال جيشنا الأسطوري … هناك مع كل يد قابضة على الزناد … هناك حيث أهالي الشهداء والجرحى والمفقودين … هناك حيث يذبح الإنسان وتهدم الحضارة وتداس قيم الحياة والنور.
أحبتي … لقد مررت بتجربة قاسية جداً … فخلال مدة ثمانية وأربعين يوماً كنت معتقلاً في مركز التحقيق التابع للمخابرات الإسرائيلية في معتقل الجلمة في شمال فلسطين المحتلة.. تعرضت خلالها للتعذيب الجسدي والإهانات وإدخالي إلى داخل زنازين أشبه بقبور للأحياء والتحقيق معي في تهم لا دخل لي بها … كل ذلك لم يفاجئني … مثلما لم يفاجئني كلام أحد المحققين في حديثه عن الحرب في سوريا حين قال لي “بالنسبة لي لتستمر هذه الحرب مائة عام… كل رصاصة تطلق هناك توفر علينا إمكانية أن تطلق علينا، وكل مقاتل لحزب الله يقتل هناك يوفر علينا إمكانية أن نقوم نحن بقتله “. إن هذا المحقق عبر بدقة عن الموقف الإسرائيلي إزاء ما يجري في سوريا وعبر بدقة أكبر عن حقيقة ما تقدمه إسرائيل من دعم عسكري وفي شتى المجالات لتلك العصابات المجرمة الخائنة … وملف القضية يوضح كل شي … أحبتي… كل ما أطلبه وأتمناة أن يحظى ملف هذه القضية بكل ما يحتويه من مواد حساسة، أن يحظى باهتمام الأوساط القانونية والإعلامية والدبلوماسية والجماهيرية في الوطن الأم سوريا وفي عموم الوطن العربي وأن لا يطويه النسيان والكتمان كما تعمل كل الجهات الأمنية والقضائية في دولة الاحتلال على دفن هذا الملف عبر إحاطته بالسرية والكتمان وذلك من خلال تحويل جلسات ما يسمى بالمحكمة إلى جلسات سرية مغلقة ومنعي من اختيار المحامين الذين يدافعون عني بحرية تامة ومنعي من الاطلاع على كامل بنود لائحة الاتهام المقدمة ضدي ودفن ملف القضية في خزينة ما يسمى بالمحكمة المركزية في الناصرة. لأن هذا الملف يشكل فضيحة كبرى لدولة الاحتلال ويكشف حقيقة ما تقدمه من دعم عسكري وغيره للعصابات المجرمة الخائنة في الداخل السوري .
أحبتي … أعيش داخل سجن عزلة جزئية عن العالم الخارجي … وسائل الاعلام التي أستطيع الحصول عليها في الراديو والتلفاز كلها معادية لنا … في القسم الذي أتواجد به قسم 4 – غرفة 11 لا أستطيع التقاط إذاعة الوطن …رغم ذلك لن تستطيع وسائل الاعلام المعادية أن تخدعني أو أن تضللني أو أن تزعزع ثقتي بشعبنا وجيشنا وقيادتنا بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد … قلبي يحترق ألماً جراء الجرائم التي ترتكبها العصابات المجرمة والخائنة وجرائم تدمير الآثار السورية في تدمر وغيرها … ثقتي بالنصر لا تعرف الحدود.
أحييكم أحبتي … أعانقكم … وأحيي وأعانق بشكل خاص كل من وقف معي في هذه الظروف في الجولان المحتل وفي عموم الوطن السوري وفي فلسطين المحتلة وفي كل أرجاء الوطن العربي … واسمحوا لي أن أحني هامتي أمام تضحيات وعمل وعطاء أشخاص مجهولين يعملون بصمت وإخلاص لا يعرف الحدود وأن أحيي بشكل شخصي المحامين الذين تابعوا ملف القضية.
وأن أحيي إعلامنا الوطني وأخص بالتحية برنامج “خيوط العنكبوت” وكل القائمين عليه … واسمحوا لي أن أصافح وأعانق كل من تحمل مشاق السفر والانتظار في سبيل القدوم إلى ما يسمى محكمة … فصدقاً وبمجرد مشاهدتكم هناك فإني أستعيد كل الثقة الدافئة التي يحاول الاحتلال حرماني منها …
تحياتي لكم جميعاً …. وإننا على العهد باقون … وإننا حتماً لمنتصرون …
الأسير العربي السوري ابن الجولان السوري المحتل …
صدقي سليمان المقت
سجن الجلبوع