ما أولويات الحكومة الجديدة؟
موقع العهد الإخباري:
رغم كل ما يتخبّط فيه لبنان من أزمات، ثمّة من يُعوّل خيرًا على الحكومة الجديدة. صحيح أنّها المرة الأولى التي تصل فيها الأوضاع الى هذا المستوى من التردي، لكنّ الفرص للحل متوافرة إن وجدت النوايا الصادقة للعمل. وفي هذا السياق، يؤكّد أهل العلم والاختصاص أنّ المطلوب من الحكومة كثير، فلا وقت للترف أو المماطلة، لكنهم في المقابل يشدّدون على أنّ لبنان ورغم أنه في صلب الانهيار لا يزال قادرًا على النهوض طالما المقوّمات موجودة.
الشق المعيشي أولوية الأولويات والبداية من خفض سعر الصرف
ولدى الحديث عن أولويات الحكومة الجديدة، تكثر العناوين وتتشعّب ليأتي على رأسها الشق المعيشي وهو الأمر الذي يشدّد عليه الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة كمدخل للعمل. يؤكّد عجاقة في حديث لموقع “العهد” الإخباري أنّ هذا البند يشكّل أولوية الأولويات. وفق قناعاته، لا تبرير لأي كيان ولا معنى لأي حكومة أو مناصب طالما “الجوع” يدق منازل الشعب.
يشدّد عجاقة على أنّ المشكلة الأساسية في الشق المعيشي تتعلق بالتلاعب بسعر صرف الدولار، وعليه لا بد من الضرب بيد من حديد في السوق السوداء. لا بد من العمل على خفض سعر صرف الدولار، وقد رأينا كيف انخفض عدة آلاف عندما شكّلت الحكومة -يقول عجاقة- الذي يشير أيضًا الى ضرورة السعي لتوحيد سعر الصرف مع الحذر من مخاطر ذلك على الطبقة الفقيرة. ثمة طلب كبير على الدولار نتيجة الاحتكار والتهريب وفي المقابل ثمة طباعة بكميات كبيرة لليرة ما أدى الى زيادة الكتلة النقدية. لذلك يرى عجاقة أنّ توحيد سعر الصرف قد يؤثّر سلبًا على الأمور المدعومة كالدواء، الاتصالات، الكهرباء والقروض في المصارف ما قد سيؤدي عمليًا الى إلحاق الضرر بالمواطن.
لذك، يشدّد عجاقة على أنّ أي عملية توحيد لسعر الصرف اذا لم تكن مواكبة للشق الاجتماعي “ستقتل” الطبقة الفقيرة، لذلك اذا لم يدعم صندوق النقد الدولي لبنان عبر دولارات “فريش” سيكون لدينا مشكلة في هذا الصعيد -يقول عجاقة- الذي يوضح في السياق أنّ مبلغ المليار و135 دولار الذي سيتسلمه لبنان في 16 أيلول الجاري قد يحافظ على مستوى سعر صرف الدولار لكنه لا يساعد في خفضه، فالدولار لا ينخفض على المدى البعيد بلا إصلاحات.
كما يدعو عجاقة الى وقف تهريب المواد للحد من الأزمة، مشيرًا الى كسر الاحتكار كمقدّمة لإصلاح الوضع المعيشي، سائلًا: بأي ضمير تموت الناس عند محطة المحروقات فيما ملايين الليترات من المحروقات محتكرة؟.
لا بد من رؤية استراتيجية واضحة لدينا للتفاوض مع صندوق النقد
أما في ما يتعلّق بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، فيرى عجاقة أن مساعدات الدول للبنان مرهونة بهذه المفاوضات، لكنه يشير الى أهمية أن يكون هناك رؤية استراتيجية واضحة للتفاوض مع بعضنا البعض لعدم الذهاب الى المفاوضات برؤى متعددة كما حصل مؤخرًا ما قد يرتد سلبًا على لبنان. يجب أن نذهب بخطة إصلاحية موحّدة لنتمكّن من فرض وجهة نظرنا.
ويوضح عجاقة أنّه وبغض النظر عن المفاوضات مع صندوق النقد فعلى الحكومة أن تقوم بإصلاحات فعلية وجدية. ثمة 27 مليار دولار في حسابات الدولة مجهولة المصير فيما المطلوب من الحكومة معرفة وجهة صرفها. كما ثمة 90 مؤسسة غير مجدية وفق تقرير لجنة المال والموازنة ما يحتّم على الحكومة التدقيق في هذا الأمر، فضلًا عن العمل على ملفات عدة منها موضوع استقلالية القضاء، وغيرها من الملفات خاصة في قطاع الكهرباء الذي يجب أن ننجز فيه الإصلاحات دون انتظار صندوق النقد ليفرض علينا ذلك.
للانفتاح على العلاقات مع الدول
ويلفت الخبير الاقتصادي الى أنّ على الحكومة واجب وضع رؤية استراتيجية واضحة تحدّد فيها أي دور تريد أن يقدّم لبنان في المنطقة والعالم، وما اذا كان سيشارك بشكل أو بآخر في إعادة إعمار سوريا، وهل سيكون لديه دور استراتيجي في العمق العربي. وهنا يشدّد عجاقة على ضرورة أن ينفتح لبنان على العلاقات مع الدول على قاعدة أنه صديق للجميع باستثناء العدو “الإسرائيلي”.
وفي الختام، يأمل عجاقة خيرًا بالحكومة الجديدة، مشددًا على أنّ بإمكانها أن تفعل الكثير خلال فترة الثمانية أشهر القادمة إذا كان هناك إرادة سياسية فعلية للعمل.