ما أشبه الأمس باليوم
صحيفة المسيرة اليمنية-
البتول جبران:
من كربلاءِ الحُسين إلى كربلاءِ اليمن، ما أشبه الأمس باليوم، تُرتكب المجازر، ويُحاصرُ الأبرياء، ويُقتل أعلام الهُدى، وَتُسبى النساء، يتجلى في تلك الأحداث أبطال جسدوا معنى التضحية والفداء، ونساءٌ قهرنَ الأعداء بكل شموخ وعزة وإباء.
نتأمل لما مضى من أحداث في الماضي ونقارنها بأحداث الحاضر، نرى بأن الأحداث نفسها تتكرّر ولكن الفارق بينها هو فارق الزمن فقط، بالأمس يزيد وزبانيته يحاصرون الإمام الحُسين وَأنصاره في كربلاء، واليوم أحفادهم يحاصرون شعب اليمن، بالأمس حفيد رسول الله الإمام الحُسين يُخَرَّمُ جسدُه بالرماح ويُقطع رأسه ظُلماً، واليوم سليل رسول الله السيد حُسين يُرش جسدهُ بالرصاص غدراً، بالأمس أنصار الإمام الحُسين وأهل بيته يُذبحون وتُقطع رؤوسهم وتُعلق فوق الرماح، وَاليوم داعش تقوم بذبح الأبرياء وأنصار الحق، وتسحلهم.
يقف يزيد الأمس بكل فجورٍ وعصيان محارباً لآل البيت، مستولياً على الخلافة، يقتُل الأطفال ويسبي النساء ويشردهم، ويزيد اليوم متولياً لأعداء الله، يحتلُ الحرمين الشريفين، ويشن عدواناً على اليمن، يقتُل فيها الأبرياء ويخطف النساء، (سميرة مارش) وغيرها، ويطعن في شرفهن كإنتاجه لمسلسل (رشاش)، يزيد الأمس يقوم بإشعال النيران، وحرق الخيام في كربلاء، ويزيد اليوم يحرق جرف سلمان ومن فيه في جبل مران، ويقصف البيوت ويهدمها فوق رؤوس ساكنيها.
يضحي الإمام العباس بروحه بالأمس ليسقي العطشى المُحاصرين وسط وابل من الرماح، وطومر اليوم يفدي بروحه لينقذ رفاقه المحاصرين وسط زخاتٍ من الرصاص، زينب الكبرى بالأمس ترى أخاها الحُسين قد سقط شهيداً في أرض كربلاء، بكل قوة وصبر تقول: (يا رب إن كان هذا يرضيك فخذ حتى ترضى)، وتواجه يزيد بكل شموخ وعزة وتقول له: (كد كيدك، واسع سعيك، فو الله لن تمحوا ذكرنا… )، وزينبيات اليوم يستقبلن شهداءهُن بكل صبر وإيمان، ويقهرن يزيد اليوم بثقافتهن وعطائهن كأم الشهيد الجبري حينما قالت للعدو: (إحنا بعنا من الله، ما ترحم إلا أنته ذي بعت نفسك بالريال السعوديّ) وأمثالها الكثير والكثير.
يتشابه الماضي بالحاضر، وتتكرّر الأحداث لمن لديه عقل يتفكر، ذلك التشابه ليس شيئاً عادياً؛ لأَنَّ كُـلّ شيء في الكون هو لحكمه، وهو لنأخذ الدروس والعبر، قال تعالى: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْـمُتَّقِينَ)، فمن هو في شك في أين هو الحق وأين هو الباطل، ضع عينا على القرآن، وعينا على أحداث الماضي والحاضر، لتعرف كيف كان واقع أهل الحق في الماضي؛ مِن أجلِ أن تكون من أصحابه في الحاضر قال تعالى: {يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}{قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الأرض فَانْظُروا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْـمُكَذِّبِين}َ.