ماذا ينتظر العالم في 2014: توقعات وتخيلات؟
سركيس ابو زيد –
صحيفة السفير اللبنانية:
مع اقتراب نهاية السنة يكثر عمل البصارين والمنجمين وتبدأ المنافسة بين وسائل الإعلام ودور النشر للتسابق على ترويج التوقعات. المشكلة ليست في نجومية العرافين بل في استعداد الناس للاستماع الى خرافات متناقضة، ما يؤكد تراجع الوعي العلمي والثقافة العقلانية. مع العلم ان الغرب طوّر ما يسمى بعلم المستقبل الذي يستند على درس الاحتمالات والتوقعات ضمن هوامش محددة ومنضبطة.
كنت أعتقد أن التنجيم سمة شرقية لغرق الشرق في الروحانيات وأنها مجهولة في الغرب المعروف بعقلانيته، لكن مفاجأتي كانت عظيمة عندما شاهدت في باريس في العام 1983 مؤتمراً دولياً عن التبصير والتنجيم. وكانت مفاجأتي اكبر عندما علمت ان الرئيس فرنسوا ميتران الاشتراكي وريث عصر التنوير يستشير برّاجته كل صباح في قصر الرئاسة الاليزيه.
هل فقد العالم عقله؟ سوف أحاول الإجابة واستبق العرافين، هذه المرة. ماذا سيحصل في العام 2014؟ سنستعرض بعض المواعيد :
– الالعاب الاولمبية في روسيا.
-انتخابات رئاسية في البرازيل، اندونيسيا، اوزبكستان، السويد، فيجي، المالديف، سوريا، الجزائر ،تونس، لبنان ومصر.
– انتخابات نيابية في العراق، البحرين والهند.
– انتخابات كاملة لأول مجلس شورى سعودي.
ويمكن سرد أحداث أخرى على مفكرة هذا العام الحافل، ومعها انطلق العنان للتفسيرات والتوقعات هي اقرب الى الخيال العلمي، منها على سبيل المثال السيناريو التالي: الصين وروسيا مشغولتان بالتمردات الداخلية. الآخرون مشغولون بانتخاباتهم. وهنا ستبدأ «الفوضى الخلاقة» الحقيقية والتي كان «الخريف العربي» مجرد مقدمة دموية صغيرة لها، وتبدأ حرب عالمية مصغرة تقودها اميركا للسيطرة على مصادر الطاقة الجديدة، والتخلص من أعدائها التقليديين.
علم الاستراتيجيا و«الجيوبوليتيك» ناشط في رسم الاحتمالات ويستند إلى معطيات علمية لتحديد توجهات المستقبل. ولكن في هذه المقالة سأتوقف عند نمط آخر من التفسير، خاصة في منطقة صاخبة بالأحداث والتحولات والقوى الفاعلة فيه مؤمنة بالماورائيات، والتاريخ لا يسير بالتمنيات والاوهام. سأستعرض تخيلات وتوقعات منها الطريف ومنها الغريب ومنها المستهجَن:
1- عودة الخلافة
قال «الشيخ السلفي» ياسين العجلوني إن الملك الأردن عبدالله الثاني سيتجه بجيشه إلى سوريا لتخليص شعبها.
إيران ستغزو الخليج العربي وستعمد الى «هدم الكعبة»، ولذلك سيتوجه الجيش الاردني الى الجنوب ويحرر هذه المناطق ثم يتجه لـ«فتح» إيران بمساعدة الأميركيين والغرب». وشدد على أن هذا الأمر سيحصل إما هذا العام أو العام المقبل. وأكد أن «اسرائيل» ستستغل انشغال الملك عبد الله بفتح إيران فتعمد الى هدم الأقصى وإقامة الهيكل الثالث وعندها «سيتوجه الملك لفتح فلسطين وتحريرها من اليهود».
وقال العجلوني في مقطع مصور: «نبشر الأمة الإسلامية بأننا نقترب من موعد قيام الخلافة. الجيوش التي ستفتح فلسطين ستجتمع على تولية عبدالله هذه الخلافة، لتكون خلافة هاشمية».
2- المسيح المنتظر
وهي مقولة تبناها كتاب «التوراة» مفادها أن المسيح سيعود إلى الظهور في آخر الزمان، ويرى كبير الحاخامات الإسرائيليين اسحاق قدوري (105 أعوام)، ذو التأثير الواسع والملقب بكبير الحركة الصوفية الإسرائيلية أن «المسيح المنتظر يوشك على الظهور في الأرض المقدسة، وفي الوقت المناسب الذي يأذن به الرب»، داعياً إلى «التعجيل بهدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل الثالث على أنقاضه»، كما أن الكوارث الطبيعية تتربص بالعالم، لذلك لا بد من عودة كل اليهود المنتشرين إلى إسرائيل لضمان خلاصهم.
وكان قدوري، الملهم لحركة «شاس» في إسرائيل ، قال استناداً إلى حسابات دينية يهودية إن حرب «يأجوج ومأجوج» قد بدأت من الحرب الأميركية على أفغانستان وتستمر وخلالها يظهر المسيح المنتظر.
3- الـ«هرمجدون»
يقول الصحافي الفرنسي جان كلود موريس في مستهل كتابه لو كررت ذلك على مسامعي فلن أصدقه: كان الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن من اشد المؤمنين بالخرافات الدينية البالية، وهو مهووس بالتنجيم والغيبيات، وتحضير الأرواح، وقراءة الكتب اللاهوتية القديمة .
وكشف الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك في حديث مسجل له مع مؤلف الكتاب عن صفحات جديدة من أسرار الغزو الأميركي، قائلاً: «تلقيتُ من الرئيس بوش مكالمة هاتفية في مطلع العام 2003، فوجئت فيها بالرئيس بوش وهو يطلب مني الموافقة على ضم الجيش الفرنسي الى القوات المتحالفة ضد العراق، مبرراً ذلك بتدمير آخر أوكار «يأجوج ومأجوج»، مدعياً أنهما مختبئان الآن في الشرق الأوسط، قرب مدينة بابل القديمة، وأصرّ على الاشتراك معه في حملته الحربية، التي وصفها بالحملة الإيمانية المباركة، ومؤازرته في تنفيذ هذا الواجب الإلهي المقدس، الذي أكدت عليه نبوءات التوراة والإنجيل».
قال بوش لشيراك: إن الحرب تستهدف القضاء على يأجوج ومأجوج، اللذين يعملان على تشكيل جيش إسلامي من المتطرفين في الشرق الأوسط لتدمير إسرائيل والغرب، ثم قال له حرفياً: «أنه تلقى وحياً من السماء لإعلان الحرب على العراق، لأن يأجوج ومأجوج انبعثا من جديد في العراق، وهو في طريقه إلى مطاردتهما، لأنهما ينويان تدمير الغرب المسيحي».
ثم يتابع المؤلف: إن الطائفة المسيحية التي ينتمي إليها بوش، هي الطائفة الأكثر تطرفاً في تفسير العهد القديم (التوراة)، وتتمحور معتقداتها حول ما يُسمى بالمنازلة الخرافية الكبرى، ويطلقون عليها اصطلاح الهرمجدون.
4- ظهور المهدي
وفق حسابات المهتمين، ستبدأ علامات ظهور الإمام المهدي في العام 2014. ويتوقع علماء الفلك أن هناك كوكباً متجهاً نحو الأرض وقد يصطدم بها او سوف يحدث عواصف وكوارث طبيعية كبيرة وأمطارا غزيرة جداً. وقد ذكرت بعض الأحاديث أن السنة التي تسبق ظهور الإمام ستكون سنة غيداقة شديدة المطر.
وفعلياً قد أعلن مركز الفلك البريطاني أن علماء الفلك الأميركيين حذروا من احتمال اصطدام كويكب بالأرض في 21 آذار العام 2014. وهو يصادف تاريخ يوم النيروز وفق توقعات حسابات الظهور. وهو عام الجوع الذي أشار إليه أهل البيت في أحاديثهم عن سنة فيها الأعاصير والزلازل الشديدة والأمراض الفتاكة والجوع وغلاء الأسعار… وهذا هو عام الحرب المقبلة الحرب العالمية الثالثة العام 2014.
5- المهدوية
الايمان بالعقيدة المهدوية يعتبر جزءاً أساسياً من العقيدة الشيعية الإمامية الاثني عشرية.
تنتشر في بعض المناطق اللبنانية «حلقات الامام المهدي»، وهي تضم شيعة وسنة ودروزا، ويتركز اهتمامها على دراسة روايات وكتب وكيفية الاستعداد لظهوره.
وقد عمد بعض هؤلاء الى الربط بين ظهور الإمام المهدي وحرب الخليج والأحداث في اليمن، والتطورات في السعودية، وأحداث 11 ايلول، والتطورات في فلسطين، والاوضاع في العراق وايران وسوريا. كما شكلت احداث اليمن أخيراً نقطة مهمة في اهتمامات «المهدويين» واعتبروها بداية لظهور «اليمانيين» الذين سيكونون من جنود الامام المهدي.
ونجح «حزب الله» في تعزيز الروح الجهادية فربط بين العمل لتحرير الارض والاستعداد لظهور الامام.
وفي الخلاصة هل علم الغيب يصنع التاريخ أم ان الحدث من جهد البشر؟ ام ان الإنسان له القدرة والوعي لتجسيد الإيمان في فعل الواقع، وهكذا جمع العقيدة والبطولة ليغير مجرى التاريخ؟
عالم بلا عقل، وكل سلطة تستغل كل شيء ممكن بما فيه الايمان الديني لتحقيق أغراضها.