ماذا وراء عدم التوافق العربي على إعادة سوريا؟
وكالة أنباء الصين الجديدة ـ شينخوا:
على الرغم من غياب دمشق في القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية المقررة الأحد في العاصمة اللبنانية بيروت، يبدو أن ظل سوريا يحوم حولها، إذ تؤيد بعض الدول العربية تطبيع العلاقات مع البلد الذي مزقته الحرب على مدار نحو ثمانية أعوام.
وخلال اجتماع وزراء الخارجية والوزراء المعنيين بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي التحضيري للقمة العربية الاقتصادية أمس الجمعة، دعا وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، مرة أخرى إلى رفع تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية.
وقال باسيل في كلمته أمس إن “سوريا يجب أن تعود إلى الحضن العربي بدل أن نرميها في أحضان الإرهاب كي لا نسجل على أنفسنا عارا تاريخيا بوقف عضويتها بطلب خارجي لنعيدها بطلب خارجي أيضا”.
وفي سلسلة تغريدات نشرها على (تويتر) عقب الاجتماع الوزاري، قال باسيل أيضا إن “سوريا هي الفجوة الأكبر في مؤتمرنا”، مضيفا أن الدول العربية يجب ألا تنتظر “إذنا وسماحا” بعودتها.
وكان باسيل قد صرح من قبل بأن لبنان “أول المطالبين بعودة سوريا”.
وذكرت تقارير إعلامية أن باسيل كان يمارس الضغوط بين الدول الأعضاء لدعوة سوريا إلى القمة، لكن القرار النهائي أرجئ حتى انعقاد القمة العربية المقرر عقدها في تونس في مارس المقبل.
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد ابوالغيط، عقب اجتماع الوزراء أمس، إن الموقف العربي تجاه عودة سوريا إلى شغل مقعدها في الجامعة العربية “لم ينضج بعد” بسبب عدم التوافق بين الدول الأعضاء.
ورأى محللون سياسيون لبنانيون أن ضغوطا أمريكية من المحتمل أن تكون وراء تأجيل قرار إعادة سوريا إلى الجامعة العربية.
وقال مدير المركز اللبناني الدولي للإعلام والدراسات رفيق نصر الله، لوكالة أنباء ((شينخوا)) “لقد مارست الولايات المتحدة مؤخرا ضغوطا على الدول العربية لتجميد خططها لإعادة فتح سفاراتها في سوريا وإيقاف محادثاتها حول إعادة إعمار البلاد”.
وأضاف أن الجولة الأخيرة التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، إلى الشرق الأوسط هدفت إلى حشد المناهضين لإيران ورفض استئناف عضوية سوريا في الجامعة العربية.
وقام وزير الخارجية الأمريكي في مطلع الأسبوع الثاني من يناير الجاري بجولة شرق أوسطية شملت الأردن والعراق ومصر والبحرين والإمارات وقطر والسعودية وسلطنة عمان.
وأشار نصر الله إلى أن واشنطن تمارس ضغوطا إقليمية لإجبار إيران على الخروج من سوريا، كما أنها تشعر بالقلق إزاء أنشطة حزب الله اللبناني المدعوم من إيران في المنطقة. و”لهذا السبب، لم تعط الولايات المتحدة الضوء الأخضر لعودة سوريا إلى الجامعة العربية”.
وبرزت في الآونة الأخيرة عدة مؤشرات على انفتاح عربي نحو استعادة العلاقات مع دمشق.
فقد قام الرئيس السوداني عمر البشير، في منتصف ديسمبر الماضي بأول زيارة لرئيس عربي إلى دمشق منذ سبعة أعوام.
وأعادت الإمارات في وقت لاحق من نفس الشهر افتتاح سفارتها في سوريا، وأعلنت البحرين، التي أغلقت بعثتها الدبلوماسية في دمشق في مارس 2012، “استمرار العمل” في سفارتها بسوريا، مما يؤشر على نقلة هامة في التطبيع العربي السوري.
ومع بروز مواقف إيجابية أبدتها بعض الدول العربية تجاه سوريا، إلا أن هناك غموضا نسبيا في مواقف بعض الدول، إذ قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إن “عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية مرهون بقرار يتخذ من قبل مجلس الجامعة وتعتمده القمة العربية”.
ورأت قطر على لسان وزير خارجيتها محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن الأسباب التي أدت إلى تعليق مشاركة سوريا في الجامعة العربية ما زالت قائمة، و”لا نرى أي عامل مشجع على عودة سوريا”.
وقال رفيق نصر الله “يبدو أن الظروف اليوم لا تزال غير مواتية لعودة سوريا إلى الجامعة العربية رغم الرغبة التي أبدتها بعض الدول العربية”.
وكان وزراء الخارجية العرب قرروا في نوفمبر من العام 2011 تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، وفرضوا عليها عقوبات سياسية واقتصادية.
وقال نائب رئيس مجلس النواب اللبناني إيلي فرزلي لـ(شينخوا) إنه “على الأرجح تعود سوريا إلى الجامعة العربية خلال قمة تونس في مارس المقبل”.
وأرجع فرزلي إمكانية عودة سوريا إلى الجامعة العربية إلى استعداد بعض دول الخليج لإعادة علاقاتها الدبلوماسية مع النظام السوري في محاولة لمنع تركيا من السيطرة على الوضع في البلد المنكوب بالصراع.
وبينما تستعد الولايات المتحدة لسحب قواتها من سوريا، هددت تركيا بشن عملية عبر الحدود داخل سوريا لإزالة وحدات حماية الشعب الكردية في شمال شرق سوريا.
وقال فرزلي “تهدف دول الخليج إلى سحب البساط من تحت تركيا من خلال استئناف العلاقات مع سوريا”، مشيرا إلى أن لبنان سيكون قادرا على تطبيع العلاقات مع سوريا بعد عودة الأخير إلى الجامعة العربية.
وأضاف “يمكننا أن نرى أن معظم اللبنانيين يريدون الانفتاح على سوريا والمشاركة في إعادة إعمار البلاد، وهذا يمكن أن يتم بعد إعادة عضوية سوريا.”
أما سامي نادر، مدير معهد الشرق للشؤون الاستراتيجية في لبنان، فرأى أن سعي لبنان إلى تطبيع العلاقات مع سوريا لم يضر بعلاقاتها مع الجامعة العربية.
وقال نادر إن لبنان يهتم بتطبيع علاقاته مع سوريا، لكنه “يهتم أكثر بإقامة علاقة جيدة مع الجامعة العربية”.
وأضاف نادر ل(شينخوا) “لا يمكن أن يتخذ لبنان القرار وحده دون موافقة الجامعة العربية التي يجب أن تتخذ قرارها أولا”.