ماذا عن الميدان في حلب ؟
طبعا ، الموضوع ليس بهذه البساطة ، وجبهة النصرة حتما ليست هذا الفصيل الارهابي المعزول والمنبوذ اقليميا ودوليا من الجميع ، فهي تمثّل بالحقيقة وبامتياز الطرف الاقليمي الذي يشن الحرب على سوريا ، انها الذراع العسكرية الارهابية الموازية لداعش في المنطقة والذي يستعمله المحور( التركي – السعودي ) كرأس حربة في مشروعه التدميري ضد الدولة والجيش والنظام في سوريا ، وخلقت لهذه الذراع اذرعاً اخرى نمت وترعرعت على جناحيه واخذت اسماء متعددة واصبحت تمثل جميعها اخطبوطا ارهابيا يتبادل اطرافه الادوار كافة في الحرب وفي المفاوضات وفي الحوار وفي العمليات الارهابية وفي الاعلام وفي السياسة ، لتشكل جميعا صورة للمناورة التركية السعودية في حربهم الواسعة المجرمة .
من هنا ، وبما ان مسار المفاوضات في جنيف وفي غيرها لن يكون ثابتاً ولا آمناً ولا مجدياً بوجود منظومة ارهابية مسلحة تسيطرعلى الارض و تتحكم بكافة المفاصل الميدانية والامنية في المناطق الخارجة عن سيطرة الجيش العربي السوري ، وتستفيد من رعاية ومن دعم مفتوح ومنقطع النظير في المال وفي العتاد وفي الاسلحة المتطورة وفي الاعلام الموجّه لصالح مشروعها ، فلا بد من الاعتماد وبالكامل على عمل عسكري معين لاستعادة السيطرة على مواقع واماكن تمركز النصرة ولإبعادها عن الميدان وانتزاع قدرتها في التأثير على اغلب تلك المجموعات الرديفة لها .
امام معضلة معركة حلب المدينة حيث النزف القاتل الذي يصيب المدنيين بشكل يومي ، وحيث يعطي الجيش السوري جهودا جبارة للمحافظة على انتشاره الحساس في احياء المدينة الغربية وامتدادا للريف الجنوبي الغربي القريب من هذه الاحياء ، وامام معضلة اخرى لا تقل حساسية وخطورة عن الاولى والتي هي الخسائر الكبيرة التي سوف تقع حتما من المدنيين ومن العسكريين السوريين ومن حلفائهم في حال قيام هؤلاء بمهاجمة الاحياء الشرقية والشمالية من المدينة حيث ينتشر خليط المسلحين وعلى رأسهم جبهة النصرة ، لا بد من إعتماد المناورة الاخرى المتاحة ، والتي ستؤمن حتما للجيش السوري وللحلفاء نقاطا ميدانية واستراتيجية مهمة في حال نجاحها القابل لان يتحقق وبنسبة كبيرة ، والتي تتمثل بما يلي :
1- تثبيت مراكز ومواقع انتشار الجيش السوري وحلفائه في احياء المدينة الغربية من خلال دعم المناورة الدفاعية المتماسكة الحالية .
2- تحت غطاء واسع من القصف الجوي والمدفعي والصاروخي والذي يجب ان يطال كافة مراكز المسلحين التي هي على تماس مباشر،يفترض القيام بتنفيذ عملية هجومية واسعة اعتبارا من مواقع هذا الجيش وحلفائه في خان طومان وفي الحاضر باتجاه الريف الغربي على مواقع خان العسل والمنصورة ،على ان تترافق هذه المهاجمة مع عملية ضغط هجومي عنيف اعتبارا من قاعدة انطلاق واسعة من الشمال بين بلدات باشكوي ونبل والزهراء ، وذلك باتجاه مواقع المسلحين في عندان وحريتان وكفرحمرة والتي تشكل مدخلا اجباريا للاخرين منهم في مراكز تمركزهم في داخل مدينة حلب ، وذلك بهدف إشغالهم واجبارهم على توزيع جهودهم في مواجهة وحدات الجيش المتقدمة من الشمال ومن الجنوب في نفس الوقت .
3- تنفيذ هجوم واسع يترافق مع العمليات الهجومية المذكورة اعلاه ، وذلك اعتبارا من خط : تل جبين – حردتنين – ماير والذي يقع شمال خط باشكوي – نبل والزهراء والضغط منه باتجاه مارع واعزاز وباب السلامة مع اعطاء هذا المحور افضلية قصوى في التغطية الجوية والمدفعية والصاروخية من جهة ، وفي الحشد والضغط الميداني لوحدات المدرعات والمشاة للعمل على انتزاع السيطرة حتى الحدود التركية شمالا .
طبعا … تحتاج هذه المناورة المركبة الى تحضير الارضية السياسية والديبلوماسية اللازمة من خلال موافقة القيادة الروسية عليها وتغطيتها عسكريا ودوليا وديبلوماسيا ، وتحتاج ايضا الى اتصال مباشر وصريح مع الوحدات الكردية في عفرين وفي مواقع انتشارها شرق الفرات ، ومع قوات سوريا الديمقراطية في الحسكة وفي القامشلي ، وذلك من خلال الدخول بمفاوضات مباشرة حول كافة نقاط الخلاف السياسي والاداري والعمل على تقديم الضمانات الكافية للشروع في تسوية كافة نقاط الخلاف والتباين المذكورة .
ربما تكون هذه المناورة صعبة من الناحية الميدانية لكونها معركة واسعة على اكثر من محور اساسي وقوي لدى المسلحين ، وربما تكمن ايضا صعوبتها في تأمين ارضيتها السياسية مع القيادة الروسية من جهة ، ومع الوحدات الكردية وقوات سوريا الديمقراطية من جهة اخرى ، ولكن في ظل الافق المسدود الذي تعيشه الازمة السورية حاليا من الناحية الميدانية والعسكرية والسياسية و التفاوضية ، فلا بد من الذهاب بعيدا نحو هذا الخيار الحساس والدقيق والمكلف من الناحية العسكرية ، والذي قد يشكل مخرجا وانجازا خارقا يوقف النزف والحرب ويفرض التوازن الميداني والعسكري ، ويؤسس لارضية تعيد المبادرة الى الدولة والجيش في سورية .
[ad_2]