ماذا تريد الولايات المتحدة من طالبان بعد خروجها من أفغانستان
جريدة البناء اللبنانية-
عمر عبد القادر غندور*:
لا نظن أنّ الولايات المتحدة خرجت من أفغانستان وكأنّ شيئاً لم يكن، وهي التي تكبّدت آلاف القتلى و 3.5 تريليون دولار كانت كافية لإعادة تجديد مدنها ومرافقها.
ربما اقتنعت الولايات المتحدة أنها لا تستطيع بقوّتها ان تفرض ديمقراطيتها على العالم واستئصال ما تسمّيه أميركا «الإرهاب الإسلامي» وهي حاولت دق إسفين بين المسلمين عن طريق إنشاء «تنظيم الدولة الإسلامية» ودعمه بالمال والسلاح باعتراف كبار الساسة الأميركيين، لتحقيق غرضين: الأول الإساءة للشريعة الإسلامية ونظام حكم للحياة، وتصويره «شريعة» مجرمة تبيح القتل والذبح واستباحة دماء المسلمين وغير المسلمين وانتهاك الحرمات والأعراض.
والغرض الثاني إيقاع الفتنة في صفوف الأمة، وقد حقق هذا التنظيم نجاحات في سورية والعراق واليمن وهُزم بسلاح المقاومة والجيش اللبناني على طول السلسلة الشرقية بعد أن أوقع عشرات الضحايا المدنيين في البقاع وبيروت والضاحية عبر السيارات المفخخة!
ربما أدركت الولايات المتحدة أنّ ورقة تنظيم الدولة الإسلامية لم تعد صالحة، ويمكن إيجاد بديل جديد يقوم بالمهمة.
وحول الانسحاب الأميركي من أفغانستان تدور علامات استفهام تؤشر لعدة احتمالات مع تأكيد سوء النية الأميركية؟
ويقول محللون أميركيون أنّ الولايات المتحدة سلًمت أفغانستان لطالبان بعد فشل القوة الأميركية المفرطة في إيجاد أفكار مشتركة مع تنظيمات يمكن استغلالها واستعمالها بصراحة، وهي ترى أنّ حركة طالبان يمكن ان تكون جزءاً من خطة لاستخدام الإسلاميين السنة ضدّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي تتعارض مع سياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط وفي أماكن أخرى وموقفها خاصة ضدّ الاحتلال الصهيوني لفلسطين.
وعندما شنّ تنظيم الدولة الإسلامية في خرسان الهجوم الدموي على مطار كابول قال الرئيس جو بايدن: لا دليل على تورّط طالبان في الهجوم؟
ويقول تقرير استخباري أميركي سري إنّ طالبان تتلقى هبات سخية من دول أجنبية لا سيما من دول الخليج.
وندّدت حركة طالبان من جانبها بشدة الهجوم الذي شنّته جماعة تنظيم خرسان، وأكدت أنه وقع في منطقة تخضع للجيش الأميركي، وهو ما قاله المتحدث باسم طالبان ذبيح الله مجاهد.
وفي الولايات المتحدة من يقول اليوم: ما زالت الفرصة متاحة لإنقاذ أفغانستان، وانّ الانسحاب كان خطأ فادحاً وفوضوياً وكارثياً.
ماذا تريد الولايات المتحدة من تسليم أفغانستان لحركة طالبان، فهي لا شك تستبطن نية سيئة لشعوب المنطقة، ولا نظنّ انّ حركة طالبان ستتنكر لجهاد بدأته منذ عشرات السنين في جغرافيا أفغانستان القاسية، وبالتالي تدرك دول المنطقة ومن بينها إيران انّ الضغوط والألاعيب التي تمارسها الولايات المتحدة هو مكر واستدراج «وَقَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعًا يَعْلَمُ مَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ (٤٢ الرعد)»
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي