مأزق إسرائيل وخطة كيري
وكالة أخبار الشرق الجديد ـ
غالب قنديل:
يتاكد من يوميات القتال في قطاع غزة ان الكيان الصهيوني عالق في مازق متدحرج تزيد وطأته كلما طال أمد المجابهة الدائرة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال وبينما تتصاعد الدعوات الإسرائيلية إلى تنفيذ المزيد من المذابح وعمليات القتل الجماعي لستر الفشل العسكري في تحقيق أهداف العدوان التي أعلنها بنيامين نتنياهو وروج لها أركان حكومته يتواصل صمود الشعب العربي الفلسطيني في القطاع بينما تتحضر جماهير الداخل والضفة الغربية المحتلة لتصعيد كفاحها .
أولا يتبين من مسار القتال البري ان المقاومة الفلسطينية نجحت في إبداع تكتيكات جديدة وحضرت مفاجآت عديدة دفاعية وهجومية بحيث تحولت معارك الالتحام إلى مصيدة متنقلة لضباط وجنود وحدات النخبة وتبدو صعبة ومعقدة المهمة التي يركز عليها الخبراء الصهاينة وهي تدمير الأنفاق التي أنشاتها المقاومة بين القطاع والأرض المحتلة عام 48 بعدما بات مسلما في الإعلام الصهيوني بسقوط المهمة الافتراضية الأولى المتمثلة بتدمير البنية القيادية لفصائل المقاومة ومستودعات الصواريخ وما يدعوه العسكريون بالبنية التحتية الصاروخية التي تهدد امن المستوطنين .
جميع العمليات الجوية والبرية لم تفلح في تحقيق إصابات يعتد بها لمنصات إطلاق الصواريخ او لمخزون غزة منها كما لم تتمكن القوات الجوية والبرية على السواء من تحقيق إصابة واحدة مهمة بالهيكلية القيادية لفصائل المقاومة ومن أبرز علامات الفشل استمرار وجبات الصواريخ اليومية بإيقاع منتظم واستهدافها لعمق الكيان الصهيوني ونجاحها في تعطيل مطار بن غوريون ومواصلة شل الحركة الاقتصادية والتجارية في مناطق وسط فلسطين المحتلة .
ثانيا يعترف الخبراء الصهاينة بتعقيدات الرهان على التخلص مما يدعونه بالأنفاق الهجومية التي يقولون إنها مجهزة تقنيا بصورة محكمة وتقع على أعماق لا تسمح بتدميرها من الجو وبحيث ينبغي الوصول إلى داخلها لتفجيرها وهذا ما يجعل من ضباط وجنود الغزو هدفا لكمائن ومفاجآت المقاومين الذين يفلحون في اصطياد أعداد منهم كل يوم بواسطة الأنفاق وفي محيطها .
مع استمرار العدوان الصهيوني على القطاع يتكشف صراع الإرادات وتتحكم بالمسار مفارقة القدرة على احتمال عض الأصابع وكذلك تتبدى صلابة التصميم السياسي على تحقيق الأهداف وهنا بيت القصيد فقيادة الفصائل المقاومة رفضت وقف النار قبل تنفيذ شروطها المتعلقة بكسر الحصار وهي لم تكرر اخطاءها في إدارة الصراع عام 2012 عندما قبلت وقف القتال بناء على تعهدات قدمها الرئيس محمد مرسي بضمان التزام إسرائيل تنفيذ الشروط الفلسطينية فانقلب الأمر إلى تطبيق المبدأ الصهيوني : هدوء مقابل هدوء وهو ما سمح لقادة الكيان بالتباهي بكفاءة الردع العسكري الذي أسكت النيران على حد زعمهم الكاذب خاطفين وهج بطولات المقاومين في الميدان نتيجة الاستجابة الفلسطينية للجهود القطرية التركية المصرية آنذاك تحت الرعاية الأميركية .
ثالثا من شأن الثبات السياسي لقيادة المقاومة ان يرغم الكيان الصهيوني على الرضوخ لمعادلات ردعية جديدة بنتيجة فشله في تحقيق الأهداف التي رسمها للعمليات الجوية والبرية ومن الواضح انه متجه إلى ارتكاب المزيد من المجازر ويجاهر منظرو الحرب على غزة بهذا الخيار تحت شعار رفع الكلفة الفلسطينية لكن نهوض الضفة والداخل إلى مواجهة الاحتلال سوف يغير جوهريا في طبيعة المواجهة الدائرة لأنه يرد الاعتبار إلى طبيعة الصراع ويفرض إدراج منجزات تخص جمهور الضفة الغربية المحتلة على الأقل وهو امر يجب أن تستعد قيادة الفصائل لبلورته على لائحة شروطها لوقف القتال .
تسعى حكومة نتنياهو بالتعاون مع حكومات قطر وتركيا والسعودية ضمنا وبرعاية الإدارة الأميركية لاختبار فرص إبرام صفقة تسلخ القطاع عن فلسطين تحت عنوان التوصل إلى اتفاق هدنة لعشر سنوات ينطلق من رضوخ فصائل المقاومة لمقايضة تدمير الأنفاق والتخلي عن الصواريخ بما يسميه الصهاينة مشروع مارشال الفلسطيني القاضي بتحويل غزة إلى منطقة تجارية حرة بخمسين مليار دولار تدفع على خمس سنوات وهي خطة ليست بعيدة عن مشاريع استثمار الغاز المكتشف في مياه غزة الإقليمية وهذه الصفقة هي ما أشار إليه جون كيري في كلامه عن السعي إلى حل دائم وهذا ما يضع قيادة الفصائل امام الاختبار الأصعب لجهة الالتزام بوحدة الشعب الفلسطيني وبوحدة قضيته ورفض تصفية هذه القضية على مراحل بفك غزة عن اخواتها فتوازن القوى الراهن يسمح بمزيد من الصمود والثبات والتلاحم بفرض معادلة تشبه تفاهم نيسان عام 96 في لبنان أي رضوخ العدو لمشروعية حق المقاومة بالرد على أي عدوان على المدنيين والمنشآت المدنية في القطاع والضفة كذلك وهذا هدف ممكن التحقيق سيكون مردوده السياس يوالعملي أثمن بكثير من مشاريع الدوحة واسطنبول والرياض.