مآزق الرياض تفشل الزيارة
صحيفة كيهان العربي الإيرانية ـ
المحرر السياسي:
لم يأت انتخاب الرئيس اللبناني عون للسعودية كمحطة اولى لجولاته الخارجية اعتباطا بل جاءت في سياق مدروس وخطوة ذكية لترميم العلاقات اللبنانية ــ العربية خاصة السعودية التي تأثرت بسبب احداث المنطقة وازماتها، لان السعودية لازالت في نظر البعض الشقيق الاكبر فاراد الرئيس عون ان يلقي الكرة في ملعبها اولا ثم اتمام الحجة على الجهات المتعاطفة مع السعودية في الداخل اللبناني من ان تلومه. اذا ما تبطأت السعودية بالغد في تعاملها مع لبنان سواء في مجال العلاقات او الهبة العسكرية التي قطعتها او مسألة رفع المنع عن زيارة السواح السعوديين للبنان وفعلا كل هذه الامور طرحها الرئيس عون مع القادة السعوديين ولنرى النتيجة؟!
لكن ما نعلمه ويعرفه كل لبيب ان السعودية لن تعطي هبة او مساعدة دون شروط او املاءات وهذا ما تعاملت به مع دولة كبيرة مثل مصر في المنطقة فكيف بها مع لبنان الذي لازال البعض الواهم يراه بان ذلك البلد الصغير سابقا. صحيح ان لبنان صغير بحجمه وامكاناته لكنه كبير وعظيم بمقاومته الاسلامية التي دحرت لاول مرة في تاريخ الصراع العربي ـ الاسرائيلي الكيان الصهيوني وهزمته مرتين، غير انه اليوم يلعب دورا اقليميا اكبر خارج حدوده ومن منطلقات مبادئه الاصيلة في الدفاع عن محور المقاومة وهذا ما وضع لبنان في خانة الدول القوية والمؤثرة في سياسة المنطقة وهذا ما يدركه الرئيس عون جيدا حين وضع نفسه في هذا المحور دفاعا عن مستقبل لبنان وشعبه ومصالحه ولم يكن صدفة ان يصارح الرئيس عون السعوديين ويذكرهم بمبدأ لبناني ثابت يتمسك به بان “الدعم الايراني لحزب الله، لن يكون عائقا امام علاقات عادية بين لبنان والدول العربية” وهذا ربما يكون الانجاز الوحيد الذي حققه الرئيس عون في زيارته للسعودية لكنه ليس من باب الاقتناع بل ان ظروف السعودية الحالية المتوترة والمهزومة في اكثر من ساحة عربية فرضت ذلك عليها مع امر آخر وهام وهو تعاظم النفوذ الطبيعي لايران في المنطقة بسبب مواقفها المشرفة من كافة قضايا الشعوب وبالذات الشعب الفلسطيني القضية المركزية للعرب والمسلمين.
وعندما نقول هذا الانجاز الوحيد نعني بذلك جيدا لان اهم القضايا التي ذهب من اجلها الرئيس عون بعد ترطيب العلاقات مع الرياض هي قضية الهبة العسكرية المقدرة بثلاثة مليارات دولار التي قطعتها السعودية عن لبنان حيث لم يبت فيها الملك سلمان صاحب القرار الاول واحالها للوزراء المعنيين في البلدين للشد والجذب في وقت تمر السعودية بضائقة مالية ضخمة من الصعب تجاوزها فكيف بها تستطيع في هذه الظروف القاسية تقديم المساعدات للاخرين وبدون ثمن.
لكن في كل الاحوال ان السعودية مضطرة لتقديم بعض الشيء الى لبنان اولا لانقاذ حلفائها من الانهيار والثاني تحسين صورتها ومصالحها في المنطقة بعد هزيمتها في سوريا والعراق وتقلص نفوذها الا ان الافق المرسوم امامنا حاليا وفقا للمصادر الاميركية ومراكز دراستها بان التورط السعودي العميق في المستنقع اليمني يمنعها من التفكير في معالجة مصالحها في سورية والعراق ولبنان والتركيز على اليمن.