لو تقمصت العقلية الأردنية في بعض المسؤولين اللبنانيين
موقع التيار الوطني الحر الإخباري ـ
ادمون ساسين:
ليس ثمة وصف يعبر حقا عن همجية وبربرية ما ارتكبته داعش باحراقها الطيار الأردني الأسير معاذ الكساسبة حيا. هو فعل يجعلك تذهب مئات السنين وأكثر الى الوراء لتجد صورا عن هذه البربرية في بعض العصور والأزمنة المتفرقة التي اعتقدت البشرية أنها تجاوزتها. احراق الكساسبة حيا لم يرهب الأردن الذي سارع الى اعدام ساجدة الريشاوي التي كانت داعش تطالب باطلاقها اضافة الى زياد الكربولي بحكم أنهما محكومان بالاعدام كما هدد الأردن داعش برد مزلزل لن يتوقعه التنظيم الارهابي.
بين ردة فعل الأردن وبين تعاطي لبنان مع قضية مخطوفيه لدى داعش أو النصرة ثمة فوارق بالجملة. في المبدأ ثمة حماسة ظهرت بعد اعدام الأردن للريشاوي وكربولي تقول ان لو تصرفت الدولة اللبنانية منذ اللحظة الأولى مع داعش والنصرة على هذا المنوال أي اعدام من تطالب بهم كرد على ذبح عسكري أو اعدامه بالرصاص لما تكرر هذا السيناريو لأن داعش والنصرة لا يفهمان لغة التفاوض بل لغة القوة. مقابل هذه الحماسة ثمة من يقول ان الدولة لا يجوز أن تكون داعشية أي أن تلجا الى الوسيلة نفسها التي تعتمدها المجموعات الارهابية وان مثل هذا السلوك لا يمكن القيام به خصوصا أن من يعدم في البلدان التي تقر قوانيها هذه العقوبة يجب أن يكون قد مر بكل اجراءات المحاكمات ومراحلها. بمعزل عن هذا النقاش فان الدولة اللبنانية في تعاطيها مع هذا الملف لطالما تصرفت على أنها تخدم في النتيجة المجموعات الخاطفة أكثر من قضية المخطوفين. فعندما أصدر المجلس العدلي أحكاما مؤبدة على خمسة في ملف فتح الاسلام وهدد الخاطفون باعدام عسكريين خرجت مواقف لتقول ان هذه الأحكام خفضت من الاعدام الى المؤبد . هذا التخفيض لم يكن في مقابل الافراج عن عسكري أو استعادة جثة على الاقل بل كان مجانيا وبدل أن تخرج الأحكام بالاعدام ويتم التهويل على الخاطفين بالتنفيذ أو حتى اعتبار الأحكام ورقة للتفاوض خفضت الأحكام وكأنها خدمة مجانية أعطيت للخاطفين .
الأردن عندما أسر الكساسبة راح يجمع كل المعطيات عنه وفتح باب التفاوض على مصراعيه من اجل انقاذه وكان مستعدا للتبادل والمقايضة من أجل انقاذه وحتى القيام بما يلزم عسكريا وامنيا لتحريره أما في لبنان فيحكى أن وزيرا معنيا في شكل ما بعملية التفاوض سأل متهكما: ألا يدخل العسكريون الى الجيش اللبناني وهم يعلمون أنهم قد يستشهدون؟ فلماذا هذه الضجة وردود الفعل على أسر العسكريين؟ بهذه العقلية كان جزء من السلطات اللبنانية التي لم تكن تعلم عدد مخطوفيها وكيفية توزيعهم يتصرف بداية ومازالت هذه العقلية قائمة عند البعض مهما كانت سقوف التصاريح الاعلامية. لو تصرفت الحكومة اللبنانية بعقلية الأردن لما سمح للمسلحين أصلا الخروج من عرسال من دون تسليم العسكريين المخطوفين وهي تسوية رعاها مفاوضون حكوميون كبار.
وطبعا لم تؤمن السلطات الأردنية خطوط امداد للمجموعات الخاطفة بحجة حماية وسلامة العسكريين على عكس ما حصل ويحصل اليوم في لبنان حيث تستفيد المجموعات الخاطفة بمشاركة البعض من ورقة العسكريين للحصول على الامدادات اللازمة والتي جعلتها على ما يبدو قادرة على مهاجمة الجيش في جرود عرسال ورأس بعلبك ما أدى الى سقوط شهداء للجيش يفوق عدد المخطوفين اليوم.
ربما يحتاج لبنان الى تقمص العقلية الأردنية والدول والمجموعات التي تحترم أسراها وتخدم قضيتهم بدل أن يفهم ببعض السلوك الحكومي انه يصب لصالح الجماعات الخاطفة.
[ad_2]