لن تتشكل أي حكومة بدون مشاركة حزب الله/ فشل الخطة الأمريكية
وكالة أنباء مهر-
سمیه خمار باقي :
مهمات صعبة تنتظر حكومة الرئيس الجديد “نجيب ميقاتي” وهو الآن بحالة لايحسد عليها لأن عليه ايجاد حلول سريعة وفعالة لانقاذ لبنان من ازمته التي یعانى منها منذ مدة طويلة وأدت الى انهياره والتي تتسم بنقص السيولة وبنقص حاد في الوقود والكهرباء التي تؤثر على كل جوانب الحياة الشعب اللبناني.
وفي هذا الشأن أجرت وكالة مهر للأنباء، حواراً مع أستاذ علم الاجتماع والخبير في قضايا إيران والشرق الأوسط “طلال العتريسي”، وفيما يلي نص الحوار:
** کیف تقیمون إرسال مازوت إیرانیة إلی لبنان لحل أزمة الوقود فی هذا البلد؟
ان ارسال المازوت الى لبنان من ايران جاء في ظرف صعب يعيشه اللبنانيون على مستوى صعوبة الحصول على المحروقات، وفي ظروف تدهور العملة الوطنية وارتفاع الاسعار و توقفت بعض المستشفيات و بعض شركات تصنيع المواد الطبية بسبب صعوبة الحصول على المواد الاساسية واللازمة لعمل هذه الشركات، فقد كان لبنان بحاجة ماسة الى مادة المازوت بالدرجة الاولى، ولم تتقدم أي دولة بالمساعدة بل على العكس كان حصار كبير على لبنان من أجل الضغوطات في جمع المجالات و منها المجال السياسي.
لهذا السبب الخطوة التي قام بها حزب الله و طلب المازوت من ايران كانت مناسبة و جريئة وفي الوقت المطلوب مما أدى الى كسر الحصار الأمريكي. ثانيا، قد وضعت خطة لتوزيع المازوت على كل المناطق اللبنانية مسلمين و مسيحيين بدون أي تمييز وتلبية حاجات الشعب اللبناني، وهذا أعطى انطباعا ايجابيا تجاه ايران، أنها يمكن أن ترسل مثل هذا الدعم في الوقت المناسب و الى كل اللبنانيين، هذا الأمر طبعا سيساعد في التخفيف من الأزمة وليس الى حل الأزمة كليا، لكن ممكن اذا استمر وصول النفط بشكل متواصل و دائم يمكن أن يساعد في حل الأزمة كليا، ولكن في الوقت الحالي يشكل دعم كبير و يخفف من الأزمة و هذا مطلوب في هذه الظروف الصعبة.
**کما نری حزب الله أسهم فی حل کثیر من الأزمات فی لبنان و حالیا نری قوة حزب الله أکثر من سنوات ماضیة، یعنی فی السابق حزب الله کان یدافع عن لبنان أمام الکیان الصهیونی فی ساحه الصراع و الآن إزداد دوره و أصبح أقوی . ما هو دور حزب الله فی الساحة السیاسیة؟
حزب الله كان ولايزال يشكل مقاومة عسكرية صلبة ومتينة وناجحة في وجه الكيان الصهيوني، وهو يؤكد دائما على هذا الدور الدفاعي للمقاومة في مواجهة أي اعتداء للعدو، هذا الأمر استمر سنوات طويلة ولم يتوقف، لكن في الستنين الماضيتين تحديدا بدأت الاوضاع الاقصادية و الاجتماعية تتراجع وصولا الى الانهيار التام تقريبا وصعوبة الحصول على المواد الاساسية والمحروقات التي تحتاجها المستشفيات و الأفراد و المؤسسات التعليمة و التربوية و غيرها، وفقدان مواد الغذائية وفقدان الدواء.
لهذا السبب ولأن حزب الله هو قوة سياسية كبيرة و لديه جمهور كبير ووجوده في البرلمان و الحكومة، بدأ يفكر بالمقاومة الاقتصادية الى جانب المقاومة العسكرية و ببناء نوع من شبكة اجتماعية و اقتصادية و بتأمين مايحتاجه الشعب اللبناني على مستوى الغذاء و الدواء و المحروقات و قد بدأ الآن بالمحروقات وربما سيتوسع لاحقا للحصول على المواد الأخرى وقد أثبت حزب الله أنه حزب سياسي اجتماعي يهتم بقضايا الناس مثلما يدافع عن الناس على المستوى العسكري، هو اليوم يدافع عن الناس على المستوى الاقتصادي و الاجتماعي ولن يقبل بأن يكون هناك حصار على الشعب اللبناني، ولن يقبل بأن يكون الوضع صعبا للحصول على المواد اللازمة للحياة، لهذا السبب اليوم حزب الله له وجه متعدد الأبعاد، الوجه العسكري المعروف و الوجه الاجتماعي الذي يقدم الخدمات للناس و الوجه السياسي الذي يبدي رأيه في القرارات و في الحكومة و في المجلس النيابي، هذا لم يكن معروفا كثيرا في السابق لان الوجه العسكري هو الطاغي واليوم أصبحنا امام وجه جديد وهو الوجه الاجتماعي و الاقتصادي وسيكون له فاعلية اكبر في الأيام والسنوات المقبلة.
**بعد إرسال مازوت إلی لبنان نری تشکیل حکومة لبنانیة بعد أکثر من سنة کیف ترون مستقبل لبنان، هل هذا یحول دون إنهیار لبنان إجتماعیا، إقتصادیا و سیاسیا؟
بعد ارسال المازوت من ايران وتشكيل الحكومة اصبح الوضع أفضل من السابق نوعا ما، كمؤشرات أولى و عناوين اساسية، لأن الدولة من دون حكومة يجعل الوضع سيء و يزداد الانهيار وتصبح أوضاع الناس أكثر سوءا، لهذا السبب يعتبر تشكيل الحكومة خطوة ايجايبا و ارسال المازوت من ايران يساهم بحل جزء من مشاكل الناس المتفاقمة لكن هذا الأمر لوحده لن يؤدي الى وقف الانهيار الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي، ويسمح بالذهاب نحو وقف الانهيار وهذا مرتبط بسياسات الحكومة و سياسات رئيس الحكومة و الاجراءات التي سيتخذها اقتصاديا، وهنا تطرح عدة أسئلة: ماهي الأولويات الاقتصادية؟ وكيف سيتم تأمين المواد الاساسية و المحروقات و الدواء؟ كيف ستحل مشكلة المصارف و أموال الناس في المصارف؟، كيف ستكون علاقات هذه الحكومة و رئيس الحكومة مع دول ايران و الدول العربية وأوروبية و غيرها؟ هل ستكون سياسة متوازنة و دقيقة؟ هل سيكون هناك انفتاح على سوريا يستفيد منه اللبنانيون اقتصاديا؟
الاجابة على هذه الاسئلة هي من تحدد اذا كان لبنان ينهض من الانهيار الاقتصادي و الاجتماعي و السياسي، لكن في كل الأحوال نحن نرى ان تشكيل الحكومة هو خطوة في الاتجاه الصحيح وهو الخطوة التي تسمح بتحقيق الأسئلة التي من أجل وقف الانهيار الاقتصادي و البدء في بناء اقتصاد جديد ووضع جديد في لبنان.
**الدول العربیة لم تفعل أی شی لمساعدة لبنان فی سنتین ماضیتین، کیف تقیمون هذه المسأله؟
الدول العربية لم تقدم أي شيء للبنان لأكثر من سبب، السبب الأول ان السعودية تحديدا لا تريد تقديم المساعدة لأن لديها موقف سلبي من الوضع في لبنان و من حزب الله تحديدا وأعلنت بشكل مباشر و غير مباشر بأنها لا تريد حكومة في لبنان يكون حزب الله موجودا فيها و بالتالي هي تعتبر أن سياستها في لبنان فشلت بسبب حزب الله و أن حزب الله لديه موقف سلبي من السعودية، و بالتالي هي لاتريد ان تدعم اي حكومة يكون حزب الله موجود فيها وهذا أمر مستحيل لأن حزب الله هو قوة سياسية في لبنان، لن تتشكل اي حكومة من دون مشاركة حزب الله وبالتالي السعودية لن تمد يد العون للبنان.
دول عربية اخرى قد تريد أن ترسل مساعدات مثل قطر أو الكويت، لكن الادارة الأمريكية تمنع هذه الدول من ارسال المساعدات لأن الادارة الأمريكية تمارس الحصار على لبنان وتريد ان تربط بين الحصار و حزب الله و تريد القول بان الانهيار الاقتصادي سببه حزب الله لذلك هي لن تسمح بأي من الدول العربية بارسال المساعدات الى لبنان.
لكن تبين أن هذه السياسة هي سياسة فاشلة و أن الانهيار لم يخدم التفكير الامريكي، لان ماقام به حزب الله بجلب المازوت من ايران أنقذ لبنان من الانهيار و أصبح حزب الله اكثر نفوذا في لبنان و اصبحت ايران أكثر حضورا في لبنان و هذا كان في غير مصلحة الخطة الأمريكية. بنهاية المطاف كان هذا الأمر في مصلحة حزب الله و صورة ايران و حضورها الايجابي في لبنان.