لموقف لبناني موحد خلف المقاومة والجيش
جريدة البناء اللبنانية-
حسن حردان:
اتخذ العدو الصهيوني قراراً بالاعتداء على لبنان من خلال العمل على سرقة ثرواته في البحر عبر استقدام سفينة الحفر لاستخراج الغاز من حقل كاريش المتنازع عليه مع لبنان.. مع العلم انّ المفاوضات غير المباشرة لتحديد الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة لم تتوصّل بعد إلى اتفاق على ذلك، ما يعني أنّ العدو يريد أن يفرض أمراً واقعاً بتحقيق أطماعه، محاولاً استغلال الأزمة التي يرزح تحت وطأتها لبنان والصراعات المحتدمة بين الأطراف السياسية من ناحية، والدعم الأميركي غير المحدود له من ناحية ثانية…
هذا التطور الخطير يضع لبنان الرسمي والشعبي أمام تحدي المواجهة مع العدو الصهيوني لردعه وحماية ثروات لبنان والعمل على البدء باستخراجها لحلّ أزمات اللبنانيين ووضع حدّ للابتزاز والضغوط الأميركية، وهو أمر لا يمكن تحقيقه من دون تظهير ما يلي:
أولاً، موقف لبناني رسمي موحد في كلّ مراكز القرار، حازم وواضح في التأكيد على عدم السماح للعدو بالاعتداء على حقوق لبنان في مياهه الإقليمية ويعلن الاستعداد لمواجهة ايّ خطوة عملية يقوم بها العدو للبدء باستخراج الغاز من المنطقة المتنازع عليها…
ثانياً، تظهير الوحدة الوطنية خلف المعادلة الذهبية، جيش وشعب ومقاومة، التي حرّرت الأرض وحمت لبنان ولا تزال، لأجل القيام بمهمة ردع العدو وحماية ثروات لبنان وحقوقه في مياهه الإقليمية الخالصة، وإعلان الوقوف خلف المقاومة لردع العدوانية والاطماع الصهيونية.. وهو أمر كان قد أعلن الجاهزية له قائد المقاومة سماحة السيد حسن نصرالله، وكرّره بالأمس رئيس المكتب التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، ورئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد…
ومعروف أنّ المقاومة عندما تعلن استعدادها للردّ على ايّ اعتداء صهيوني على لبنان فإنها تفعل ذلك، والعدو أكثر من يعرف صدقية المقاومة وقائدها في هذا المجال.
أما الموقف الرسمي فجاء سريعاً وحازماً في رفض ايّ اعتداء على حقوق لبنان البحرية، ولم ينتظر بدء سفينة الحفر عملها في حقل كاريش..
فقد إعلن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية اللبنانية انّ لبنان أودع الأمم المتحدة قبل أسابيع رسالة يؤكد فيها على تمسكه بحقوقه وثرواته البحرية، وانّ حقل كاريش يقع ضمن المنطقة المتنازع عليها، وجرى تعميمها في حينه على كافة أعضاء مجلس الأمن كوثيقة من وثائق المجلس تحت الرقم s/2022/84 بتاريخ 2 شباط 2022، وتمّ نشرها حسب الأصول.. وطلب لبنان في الرسالة من مجلس الأمن عدم قيام «إسرائيل» بأيّ أعمال تنقيب في المناطق المتنازع عليها تجنباً لخطوات قد تشكل تهديداً للسلم والأمن الدوليين، كما أكدت الرسالة على انّ لبنان ما زال يعوّل على نجاح مساعي الوساطة التي يقوم بها الوسيط الأميركي اموس هوكشتاين للتوصل إلى حلّ تفاوضي لمسألة الحدود البحرية برعاية الأمم المتحدة.
أما رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي فقد جاء موقفه أيضاً قوياً في رفض ايّ اعتداء على ثروات لبنان، حيث اعتبر محاولات العدو «الإسرائيلي» افتعال أزمة جديدة من خلال التعدي على ثروة لبنان المائية وفرض أمر واقع في منطقة متنازل عليها ويتمسّك لبنان بحقوقه فيها، أمر في منتهى الخطورة، من شأنه إحداث توترات لا أحد يمكنه التكهّن بتداعياتها.. وحذّر «من هذا المنطلق من تداعيات أيّ خطوة ناقصة، قبل استكمال مهمة الوسيط الأميركي، التي بات استئنافها أكثر من ضرورة ملحة»، داعياً الأمم المتحدة وجميع المعنيين إلى تدارك الوضع وإلزام العدو «الإسرائيلي» بوقف استفزازاته».
وختم مشدّداً على أنّ «الحلّ يكمن بعودة التفاوض على قاعدة عدم التنازل عن حقوق لبنان الكاملة في ثرواته ومياهه».
ومعروف أن موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري لا يقلّ تمسكاً بحقوق لبنان، والتزامه الدفاع عنها ورفض ايّ مساومة عليها..
انطلاقاً مما تقدّم يمكن القول إننا أمام موقف رسمي وشعبي لبناني موحد في رفض ايّ مسّ بحقوق لبنان، وعدم التنازل عنها.. وهذا هو الموقف الذي تستند إليه المقاومة للدفاع عن حقوق وثروات لبنان في البحر، وردع ايّ اعتداء «إسرائيلي» يحاول الاعتداء على هذه الحقوق.. وهذا يعني أنّ رهان العدو على انقسام في الموقف اللبناني، قد سقط، فالعدو بات الآن في مواجهة وحدة وطنية خلف المقاومة والجيش اللبناني، إذا ما تجرّأ على سرقة ثروات لبنان في المنطقة المتنازع عليها في حقل كاريش.. وهو ما يخيف العدو ويجعله يحسب ألف حساب قبل أن يعتدي على حقوق لبنان وثرواته البحرية، ويضطر للعودة إلى المفاوضات مراهناً مجدداً على تحقيق بعض أطماعه مستنداً على الموقف الأميركي الداعم له..
لهذا فإنه من المتوقع أن يسارع الوسيط الأميركي هوكشتاين للمجيء إلى لبنان وكيان الاحتلال للحيلولة دون تصاعد التوتر، وإعادة استئناف المفاوضات في الناقورة، ومحاولة تجديد الضغط على الجانب اللبناني لتقديم التنازلات، بعد أن فشل الرهان في اللعب على التناقضات اللبنانية، لإخضاع لبنان للشروط «الإسرائيلية»…