لمثلكم أيُّها الأميركيون يجب أن تُنصَبَ المشانق…!
صحيفة البناء اللبنانية ـ
محمد صادق الحسيني:
أولاً: لعلّ من المفيد، لا بل من الضروري، أحياناً التذكير ببعض الحقائق التاريخية التي لا تسقط بالتقادم، بل تظلّ ماثلة للعيان الى الأزل. فبتاريخ 22/4/1971 قدّم جون كيري الملازم الأول في سلاح البحرية الأميركية آنذاك والذي تولّى منصب وزير الخارجية في إدارة الرئيس أوباما لاحقاً، وبعد أن خدم في فيتنام بداية سبعينيات القرن الماضي، قدّم شهادة أمام لجنة الخارجية والأمن في مجلس الشيوخ الأميركي، كممثل لمنظمة غير حكومية مناهضة لاستمرار الحرب في فيتنام، استعرض خلالها سلسلة من جرائم الحرب التي ارتكبها جنود وضباط أميركيون ضدّ المدنيين الفيتناميين، حيث قال: «… لقد ارتكبت العديد من الأعمال المروّعة، كمئات غيري من الجنود الأميركيين، وذلك في إطار تطبيق النظريّة الأميركية التي كانت تقول: ابحث واقتل أو فتش واقتل… search and destroy. وفي هذا الإطار قمنا بقتل المدنيين وإحراق القرى وكان كلّ ذلك جزءاً من سياسة حكومية رسميةـ مما يعتبر خرقاً للقانون الدولي وللأعراف الدولية المتبعة في الحروب…».
ثانياً: وبغضّ النظر عن مسلسل أسماء العسكريين الأميركيين الذي يبدأ بقائد القوات الأميركية في فيتنام آنذاك، الجنرال ويليام ويستمورلاند، ولا تنتهي إلا بأسماء الجنرالات الأميركيين الذين يقودون حرب الإبادة ضدّ المدنيين حالياً في كلّ من العراق وسورية واليمن، نقول إنه وبغضّ النظر عن ذلك فإنّ من الضروري تأكيد أنّ أياً من مجرمي الحرب الأميركيين، السابقين والحاليين، وعلى الرغم من أنهم قتلوا ما يزيد على مليوني مدني فيتنامي وجرحوا ما مجموعه خمسة ملايين وثلاثمئة ألف آخرين.
علماً أنّ الإدارة الأميركية قد وجدت نفسها مضطرة بائسة وهزيلة، بعد أن كشف الصحافي الأميركي المشهور سايمون هيرش، وبالوثائق والشهادات، بتاريخ 13/11/1969، عن مذبحة ماي لاي Mai Lai المريعة، التي ارتكبها الجنود الأميركيون في قرية فيتنامية، اضطرت الإدارة الأميركية لوضع الملازم وليم كيللي William Calley قيد الإقامة الجبرية لارتكابه، مع آخرين، مذبحة أخرى في شهر أيلول 1969 ذهب ضحيتها مئة وتسعة مدنيين فيتناميين. ولكن الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون قد أصدر عفواً رئاسياً عنه بعد أيّام قليلة. وأغلقت تلك القضية.
ثالثاً: وبما أنّ ارتكاب المجازر وحرائق الحرب، بمختلف أنواعها، هي جزء من سياسة الدولة الأميركية، بدليل أنها ترفض التوقيع على الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، فإنّ هذه الآلة الحربية العملاقة التي تسمّى دولة لا يحق لها، تحت أيّ ظرف التحدّث عن الإنسان وحقوق الإنسان.
إذ إنّ الدولة التي تسمح لنفسها بإنشاء «تحالف دولي» وتقيم قواعد عسكرية لها عنوة على أراضي دول مستقلة أخرى، بحجة مكافحة الإرهاب، لهي دولة مارقة ولا يحق لها توزيع الشهادات الأخلاقية على الآخرين.
رابعاً: وبناء على ما تقدّم، وبالإضافة إلى كلّ مسلسل المجازر التي ارتكبتها الجيوش الأميركية في سورية والعراق، بشكل مباشر، وفِي اليمن من وراء ستار آل سعود، والتي ذهب ضحيتها أكثر من مليون ونصف المليون عراقي، منذ عام 2003 وحتى الانسحاب الأميركي عام 2011، إضافة إلى آلاف الضحايا المدنيين الذين قتلتهم الطائرات الأميركية في العراق وسورية، منذ أن بدأ «التحالف الدولي» بعملياته الجوية في البلدين هؤلاء المدنيون الذين تطلق عليهم القيادة العسكرية الأميركية تسمية «الخسائر الجانبية التي تقع عن طريق الخطأ، قدّرت عددهم منظمة «الحروب الجويه» Air Wars، البريطانية غير الحكومية، بـ 4354 مدنياً.
فقد صرّح الجنرال ستيفن تاونساند، الذي كان يتقلّد منصب قائد القوات الأميركية في العراق العام الماضي، في تعليق له على سلسلة غارات جوية قامت بها طائراته ضدّ أهداف مدنية في الرقة، من بينها تجمّع لمهجرين يقيمون في مدرسة، والتي ذهب ضحيتها ثلاثمئة شهيد، صرّح لوسائل إعلام عديدة بأنه يعتقد بأن «الضربة كانت نظيفة».
نقول إنه وبناء على كلّ ما تقدّم، فإنّ الجهة التي يجب رفع جرائمها الى محكمة الجنايات الدولية هي الحكومة الأميركية والجنرالات الأميركيون، الذين يُصدرون أوامر الإبادة الجماعية هذه، لقتل كلّ هؤلاء البشر، من دون أي مسوغ قانوني أو أخلاقي وفِي خرق فاضح لكلّ الأعراف والقوانين الدولية، وليس الحكومة السورية التي تحارب الإرهاب على ترابها الوطني.
خامساً: أما في ما يتعلّق بأسطوانة الأسلحة الكيماوية التي تثير الاشمئزاز، فإننا نذكر «السيد» الأميركي بأنه هو، وليس غيره، مَن استخدم الأسلحة النووية وقتل وشوّه مئات آلاف المدنيين العزل في اليابان سنة 1945، كما استخدم الأسلحة الكيماوية وعلى نطاق واسع في فيتنام وقتل مئات الآلاف ودمّر مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية التي لا تزال غير صالحة للاستخدام حتى الآن، رغم مرور أكثر من أربعين عاماً على ذلك. وعليه فإنّ الأميركيين وحدهم هم من تجب محاكمتهم ومعاقبتهم وإرغامهم على دفع تعويضات مادية لجميع المتضرّرين من جرائمهم على صعيد العالم أجمع، بما في ذلك الشعب العراقي الذي استخدمت ضدّه كافة أنواع الأسلحة المحرّمة دولياً، بما فيها أسلحة اليورانيوم المنضّب Depleted Uranium، والتي لا زال العراقيون يعانون من آثارها حتى اليوم.
بعدنا طيّبين، قولوا الله…