لماذا يجب على بريطانيا وفرنسا التخلي عن مقاعدهما الدائمة في مجلس الأمن؟
موقع قناة الميادين:
يتساءل موقع “كونسورتيوم نيوز” ما الذي يمنح بريطانيا وفرنسا القوتين الاستعماريتين الإذن بالبقاء مسيطرتين في مجلس الأمن، حتى عندما تآكلت أسسهما، ويرى أنه يجب أن يأخذ مكانهما دولتان من أميركا اللاتينية وأفريقيا.
يرى موقع “consortium news” أنّ بريطانيا وفرنسا الدولتان العضوان الدائمتان في مجلس الأمن، لا تزالان تحتفظان بمقعدهما رغم تراجع حضورهما على الساحة الدولية والإقليمة، فالأولى خرجت من الاتحاد الأوروبي، والثانية منيت بانتكاسات في أفريقيا، وأنه يجب تسليم مقعدهما لعضوين آخرين في أميركا اللاتينية وأفريقيا..
وفيما يلي النص منقولاً إلى العربية:
يبلغ عدد سكان بريطانيا وفرنسا، العضوين الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، 67 مليوناً و64 مليوناً على التوالي. ومن المحيّر أنّ هذين البلدين الأوروبيين، وكلاهما ليسا أقوى دولة في أوروبا احتفظا بحق النقض على الرغم من انحدار دورهما بشكل كبير في العالم.
إنّ الانتكاسات الأخيرة التي منيت بها طموحات فرنسا الاستعمارية في أفريقيا، فضلاً عن عجز فرنسا عن قيادة الأجندة الأوروبية للسلام في أوكرانيا، تظهر إلى أي مدى أصبحت هذه الدولة الأوروبية غير ذات صلة بالشؤون العالمية على نحو متزايد.
وبالمثل، فإنّ تراجع مكانة بريطانيا في العالم بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفشلها في تقديم رؤية لبريطانيا العالمية يشير إلى أنه على الرغم من غضب رئيس الوزراء، ريشي سوناك، من استخدام هذا المصطلح، فمن الصحيح اعتبارها “دولة متوسطة الحجم” ذات حجم عالمي. تضخم الشعور بالنفس.
يوضح المقعدان الدائمان لبريطانيا وفرنسا في مجلس الأمن المفارقة التاريخية في بنية المجلس، حيث لا يبعث أي منهما على الثقة عندما يتعلق الأمر بتوفير القيادة للأمن والتنمية في العالم.
“الحاضر كذبة بريئة”.. هكذا كتب سميح القاسم في قصيدة “بعد نهاية العالم”، مشيراً إلى أنه “لكي ترى المستقبل، عليك استشارة الماضي”، وهو يفكر في وطنه فلسطين واحتلال “إسرائيل” لها.
الماضي الاستعماري يجلس بشكل كبير على الحاضر. وتظل قوة المستعمرين سليمة، حيث يظل بنك فرنسا وبنك إنكلترا بمثابة مستودعات للثروة المسروقة من المستعمرات.
ما الذي يمنح هاتين القوتين الاستعماريتين القديمتين، بريطانيا وفرنسا، الإذن بالبقاء مسيطرتين على الحاضر، حتى عندما تآكلت أسسهما لهذا الموقف لفترة طويلة؟ فالقوة التي استحوذت عليها هذه القوى الاستعمارية وغيرها في الماضي تظل تشكل عائقاً أمام احتياجات الحاضر.
تسعى الولايات المتحدة، التي فقدت مكانتها كأقوى دولة في العالم، إلى التمسك بالمزايا الموروثة (مثل وجود حلفاء مقربين في مجلس الأمن) وإنفاق مبالغ طائلة على الحرب.
وبدلاً من السماح للأمم المتحدة – أكثر ديمقراطية وقوة -، تواصل الولايات المتحدة محاولة تحييد هذه المؤسسة العالمية إما عن طريق السيطرة على منتدياتها أو عن طريق انتهاك ميثاقها كلما شاءت.
وفي الدورة الـ78 للجمعية العامة التي اختتمت مؤخراً، تحدث الرئيس الأميركي جو بايدن عن أهمية “السيادة والسلامة الإقليمية وحقوق الإنسان” – وهي المبادئ الثلاثة التي تنتهكها الولايات المتحدة بشكل روتيني، من خلال الحرب والعقوبات وسجنها في خليج غوانتانامو. وفي غياب السلطة الأخلاقية، تستخدم الولايات المتحدة عضلاتها لمنع تقدم الديمقراطية في مؤسسات مثل الأمم المتحدة.
وحتى الآن، دعت العديد من المقترحات التي جاءت من كافة جوانب الطيف السياسي إلى توسيع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الأمر الذي يتطلب التصويت في الجمعية العامة والمجالس التشريعية للدول الأعضاء. ومن الأسهل كثيراً تحقيق العدالة في المجلس إذا انسحب اثنان من الأعضاء من الطاولة وسلما مقاعدهما إلى بلدان في أفريقيا وأميركا اللاتينية، التي تظل غير ممثلة بين الأعضاء الدائمين.