لماذا تنشر روسيا صواريخ هجومية على الحدود مع الاتحاد الأوروبي ؟
أفادت صحيفة “بيلد ” الألمانية يوم 14 ديسمبر/كانون الأول نقلا عن مصادر مجهولة في اجهزة الأمن الألمانية بأن روسيا قد نشرت أكثر من 10 منظومات “إسكندر – أم” للصواريخ العملياتية التكتيكية في مقاطعة “كالينينغراد” الواقعة في أقصى غرب روسيا على الحدود مع الاتحاد الأوروبي، وبالتحديد مع كل من ليتوانيا شرقا وبولندا غربا. ووردت إثر ذلك تساؤلات توجهها بعض الدوائر الغربية عما إذا كان من حق روسيا نشر صواريخها الهجومية على الحدود مع الاتحاد الأوروبي.
ولكي نرد على تلك التساؤلات لا بد أولا من تسليط الضوء على تاريخ هذا الموضوع الذي بدأت قصته ليس اليوم أو أمس، بل منذ أعوام. فتجدر الإشارة إلى أن الرئيس الروسي(انذاك) دميتري مدفيديف أعلن عام 2008 أن روسيا مستعدة لنشر منظوماتها الحديثة من طراز “اسكندر ” في مقاطعة كالينينغراد ردا على مخططات الناتو القاضية بنشرمكونات الدرع الصاروخية العالمية في أوروبا وبولندا وتشيكيا ضمنا.
لكن بعد تولي الرئيس الأمريكي باراك أوباما لزمام السلطة في واشنطن أعلن أن الولايات المتحدة ستعيد النظر في نشر الدرع الصاروخية في أوروبا، وتخلت امريكا بالفعل عن نشرها في بولندا وتشيكيا، واكتفت بنشر رادار وصواريخ مضادة في رومانيا. إلا ان بولندا طلبت من الناتو نشر صواريخ “باتريوت” التكتيكية قصيرة المدى في أراضيها تعويضا لتخلي الحلف عن نشر مكونات الدرع الصاروخية العالمية. وقد نشرت بالفعل تلك الصواريخ بالقرب من الحدود الروسية.
ولم ترد روسيا آنذاك بجدية على هذه الخطوة ، علما أن تلك الصواريخ لم تشكل بحسب الخبراء الروس خطورة جدية على القدرة النووية الروسية لقصر مدى إطلاقها ، فاكتفت موسكو بإصدار بيان تقدم به رئيس هيئة الأركان العامة الجنرال نيكولاي ماكاروف في ربيع عام 2012 حيث قال إنه في حال إقدام السلطات البولندية على تطوير منظومتها للدفاع الجوي التي تعتبر جزءً لا يتجزأ من منظومة الدرع الصاروخية الأمريكية، يحق لروسيا نشر صواريخها الهجومية على حدود الاتحاد الأوروبي، وبولندا ضمنا.
وقد أعلنت وزارة الدفاع البولندية في صيف عام 2013 عن عزمها اقتناء منظومات الصواريخ متوسطة المدى في إطار تطبيق برنامج واسع النطاق خاص بتطوير منظومة الدفاع الجوي للبلاد في الفترة ما بين عام 2014 وعام 2023.
وكان من حق روسيا أن تحذر شركاءها في الناتو. وكان من حق الناتو الأخذ بالحسبان هذا التحذير أو رفضه. فلماذا يوجه مسؤولو الناتو الآن تساؤلات إلى روسيا عن سبب نشرها لصواريخ “اسكندر – أم” على حدود الاتحاد الأوروبي؟
ما هي منظومة “اسكندر- أم” الروسية ؟
تعتبر منظومة “إسكندر – أم” للصواريخ العملياتية التكتيكية سلاحا روسيا ذكيا فائق الدقة. ويمكن أن تطلق المنظومة صواريخ باليستية ومجنحة حسب المهام الموكلة إليها، ويمكن ان تزود تلك الصواريخ برؤوس تقليدية ونووية على حد سواء. وبوسعها تدمير أهداف تبعد 500 كلم عن موقع الإطلاق. ويعني ذلك أنها يمكن أن تغطي الاراضي البولندية كلها تقريبا وليتوانيا ولاتفيا، وحتى برلين التي تبعد 527 كلم عن مدينة كالينينغراد الروسية.
فقد تم تصميم منظومة “إسكندر – أم” للصواريخ العملياتية التكتيكية في مكتب التصميم الخاص ببناء الماكينات الواقع في مدينة كولومنا بمقاطعة موسكو. والمنظومة بنوعين، الاول “اسكندر- م” المستخدم في الجيش الروسي، والثاني ” اسكندر – اي” المصدر الى الخارج . والجدير بالذكر ان النوع الثاني المصدر الى الخارج يختلف عن الأول الذي زود به الجيش الروسي. وتعتبر منظومات “إسكندر – أم” للصواريخ العملياتية التكتيكية من الأسلحة الذكية فائقة الدقة، وتستطيع تدمير أهداف مختلفة، بما في ذلك صواريخ الدرع الصاروخية والصواريخ المضادة للجو والطائرات المرابطة في المطارات ومراكز القيادة والاتصال ومنشآت البنية التحتية على مسافة تفوق 500 كلم.
ويقول الخبراء إن المنظومة بوسعها تجاوز انظمة الدرع الصاروخية والانظمة المضادة للجو بسبب أن الصاروخ المطلق من منصة المنظومة يحلق في المسار الذي من الصعب جدا التنبؤ فيه مسبقا، علما أنه يقوم بمناورات نشيطة اثر اطلاقه من المنصة المتحركة. ومنظومة “اسكندر” قادرة على ضرب الاهداف الصغيرة والكبيرة الحجم بدقة عالية، والحفاظ على السرية لدى تجهيزها للإطلاق، وذلك في ظروف استخدام العدو لوسائل الحرب الالكترونية، وتعتبر المنظومة من المنظومات ذاتية الحركة.
وينصب على كل منصة متحركة صاروخان، الامر الذي يسمح بزيادة القدرة النارية لكتائب الصواريخ. وتمتلك منظومة “اسكندر- أم” قدرة نارية عالية تمكنها من ضرب هدفين مختلفين بفاصل زمني لا يزيد عن دقيقة واحدة. ويبلغ وزن الصاروخ لدى إطلاقه 3800 كيلوغرام. ويعادل وزن العبوة الحربية 480 كيلوغراما. ويتم التحكم في الصاروخ على مدى التحليق كله. وتتضمن المنظومة، الى جانب المنصة المتحركة، عربة النقل والشحن التي تحمل صاروخين ايضا، وعربة الصيانة، وعربة القيادة، وطقم التجهيزات والوسائل الخاصة بتدريب الافراد.
المصدر: روسيا اليوم