لماذا تركت السعودية واشنطن تسبقها للحوار مع ايران
«لماذا تركت السعودية واشنطن تسبقها للحوار مع ايران وهي الاقرب بالدين والدنيا؟» بات من الجلي ان الحجم الذي يحوزه النووي الايراني من مباحثات على مستوى عال وحساس لم تأت الا في سياق ما جرى الاتفاق عليه في اطار التسوية الشاملة التي لن تستثني لا لبنان ولا سوريا ولا العراق ولا البحرين او اليمن، فالمطبخ الدولي الذي يعمل يرى المشهد العام في المنطقة وان كانت التفاصيل متروكة للمؤثرين الحقيقيين.. لكن وفق ما هو متفق عليه .
هذا المشهد الدولي الضخم الذي يستظلل بمجموعة (الخمسة زائد واحد) والمفاوضات مع ايران اين منها القوى والعواصم العربية ( صفر وجود).. وهذا ما يحتم وفق مصادر في فريق 8 آذار على بعض العواصم العربية التمعن بجدية بأوضاعها وعلاقاتها الاقليمية وفي الطليعة العلاقة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية، اذ ثبت بما لا يترك مجالا للشك ان ايران تملك قدرة كبيرة على ممارسة ادوار سياسية، وفيه البعد العقائدي في العديد من القضايا الساخنة في المنطقة ( لبنان ـ فلسطين- البحرين- اليمن- السعودية – العراق) بل اكثر من ذلك في ليبيا وتونس ومصر، وتسأل المصادر: لماذا لا تنحو السعودية قبل واشنطن والعواصم الاوروبية لفتح الحوار مع الجمهورية الاسلامية الايرانية وقد اكدت قياداتها العليا من الامام اية الله السيد على خامنئي الى رئيس الجمهورية الشيخ حسن روحاني الى مختلف شخصياتها على اهتمامهم الخاص بالعلاقات مع الدول العربية ان من باب العقيدة الواحدة او من باب سياسة حسن الجوار وان من باب المصالح حيث تجاور ايران معظم دول مجلس التعاون .
كما سألت المصادر لماذا يجب ان تسبق واشنطن المملكة السعودية مثلا للحوار مع طهران ان من باب الحوار حول البرنامج النووي او حول سوريا او حول قضايا اخرى في المنطقة من باكستان وافغانستان الى العراق واليمن ولبنان وفلسطين واولى القضايا الهامة اليوم سوريا.
في الوقائع تقول المصادرنفسها ان ايران استطاعت ان تثبت حضورها في القضايا التي تخلى عنها العرب وهي القضية الام المركزية القضية الفلسطينية او في المواجهات بين لبنان والعدو الاسرائيلي، اذ عمدت ايران وهي الدولة الفتية الى دعم المقاومة المتهمة بشيعيتها في لبنان في وجه العدو الاسرائيلي الا انها ايضا دعمت وما تزال المقاومة الفلسطينية السنية التي لمعت فيها حركة حماس وما تزال رغم الخلاف الكبير حول الاحداث في سوريا، بل ان المال الايراني وصل الى كل بيت فلسطيني في غزة المحاصرة من العرب قبل اسرائيل وواشنطن، كل ذلك حصل امام التخلي العربي عن قضايا العرب الاساسية في فلسطين ولبنان وحتى في قضايا التنمية والتطوير والحريات السياسية والديموقراطية وفي التمنية الاقتصادية والعلمية التي استطاعت ايران في هذه المجالات ان تخطو خطوات ضخمة.
في المقابل تضيف المصادر راحت المملكة السعودية تقود حرب فتاوى وحصار ضد حماس السنية وتحديدا في مراحل الحروب مع العدو الاسرائيلي ويمكن الرجوع الى حرب غزة عام 2008، اين كانت طهران بمالها واعلامها وصواريخها وسلاحها الذي حقق انجازا للمقاومة (السنية) واين كانت المملكة والمنظومة العربية التي تسير في ركاب سياستها؟
اما المستجد منذ ما ينوف عن السنتين وهو الحرب على سوريا وقيادتها وباتت الاسباب معروفة ومعلنة التزام القيادة المتمثلة بالرئيس بشار الاسد بجبهة المقاومة والممانعة بوجه العدو الاسرائيلي وبحسب المصادر في قوى 8 آذار فقد جرى الآتي:
1- الخط الذي دعمته المملكة السعودية وقطر وتركيا منذ بداية العدوان على سوريا جذب المتطرفين والقتلة وآكلة الاكباد على طريقة (هند وكبد الحمزة) وقطع الرؤوس وشيّها والاغتصاب والسرقة، بل وتعدد امراء الاسلام في الحارات والمناطق والمحافظات وبيع السوريين كقطع غيار والاغتصاب وخطف النساء واستيراد كل المطلوبين في العالم تحت اسم الدين مما شوّه صورة الاسلام والمسلمين في العالم ولا ضرورة للعودة الى وسائل الاعلام السورية او الايرانية او الداعمة للرئيس بشار الاسد ، بل يمكن العودة للاعلام الاميركي والبريطاني والفرنسي وكل مسنياته للاطلاع على ماذا يفعله من دعمهم للمملكة السعودية، وهذا الكلام ينطبق على الجماعات التكفيرية في اليمن وليبيا وتونس والجزائر ولبنان.
2- بالمقابل ايران دعمت سوريا وسيادتها كونها محور واحد للدفاع عن المقاومة ومواجهة العدو الاسرائيلي وبوضوح بسيط ايضا يمكن الرجوع الى ذات الاعلام الغربي المشار اليه ليحدثك عن مناقبية حزب الله والمقاتلين العراقيين مع مختلف الطوائف في سوريا حيث يدخلون ويدحرون الجماعات التكفيرية. من مدن وقرى ليست اسلامية فقط بل مسيحية ومن الطوائف الاسلامية المختلفة.
كما انه لم يعد للثوتيق الغربي او العربي ربما اهمية عالية تقول المصادر بل يمكن الرجوع الى ما يسمى الجيش الحر في اشتباكاته مع المجموعات التكفيرية وكيف يلجأ الى الجيش العربي السوري لينتهي من الجرم التكفيريين في المحافظات السورية، كل ذلك يجري تحت فتاوى وهابية واضحة لا علاقة لها في الاسلام وتعاليمه السمحاء.
ببساطة صمود القيادة السورية والسواد الاعظم من الشعب السوري الى جانب قيادته تضيف المصادر واكتشاف ان القضية لم تعد اصلاحات وحريات وتغير ومشاركة، بل تكفير واغتصاب وذبح واقامة حدود ونصرة وداعش والوية بأسم الاسلام لا يعرف عنها الاسلام اي تفصيل سوى التمويل الذي تلقاه هذه المجموعات من دول في مجلس التعاون .
كل هذا الامر وفق المصادر ادى الى تغيير جذري في الوقائع لمصلحة جبهة المقاومة ، لذلك لا بد للاميركي ان يفتح الحوار مع القوي والمعتدل والاسلام المعتدل والافكار التنويرية وليس التكفيرية التي لم تستطع ان تشكل ريقا للتفاوض في جنيف الى اليوم بما فيها الائتلاف السوري الذي لم يعد يمثل شيئا على ارض الميدان السورية . باعتراف اصدقائه الاميركيين والغربيين.
الوقائع المشار اليها كانت تحتم على المملكة السعودية تقول المصادر في 8 آذار الى قراءة الواقع وان تلاقي طهران وتفتح حوارا معها مما يفتح الباب لحل المشاكل المذهبية التي حاولت المملكة منذ مطلع التسعينيات فتح نار الحرب المذهبية تحت عنوان التمدد الايراني او الشيعي وغير ذلك من عناوين واهية .
لكن تؤكد المصادر نفسها ان واشنطن منعت الرياض من الحوار مع ايران فيما هي اتجهت اليه عندما وجدت مصالحها فيها وقبلت ايران الحوار بشروطها وفي الطليعة حقها في برنامجها النووي السلمي الذي تقترب من الزام الغرب بالاعتراف لها بهذا الحق وبذات الوقت استطاعت ان تحمي مع كل حلفائها نظام المقاومة في سوريا وان تفرض اسقاط العدوان الاميركي على سوريا بعد ان شعر الاميركي بجدية ان المنطقة ستشتعل وان امن اسرائيل سيكون في مهب الرياح وان حربا ستندلع في المنطقة في حال العدوان على سوريا فتراجعت الضربة مقابل تسوية ازالة الكيميائي السوري، وكل الهدف امن اسرائيل وليس المملكة ولا غيرها وهو ما اعلنه اوباما (امن الممرات النفطية العالمية- وامن اسرائيل) واشارت المصادر الى ان المملكة السعودية مطالبة باعادة العقلنة لسياساتها الخارجية ولسلم اولوياتها لما لها من مكانة وكونها دولة تحتضن الحرمين الملكي والنبوي الشريفين ولكونها دولة يمكن ان تلعب دورا ايجابيا في الحوار الاسلامي ـ الاسلامي في دول الاسلام وليس في سويسرا..
صحيفة الديار اللبنانية – ياسر الحريري