لماذا ترفض إسرائيل طرح حل الدولتين؟
موقع الخنادق:
انتقد الكاتب الأميركي توماس فريدمان في صحيفة نيويورك تايمز الشهر الماضي، رؤية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للسلام مع الفلسطينيين، قائلاً إنها “وصفة لكارثة ستحل بإسرائيل وأميركا واليهود في كل مكان وحلفاء الولايات المتحدة من العرب المعتدلين”. وأوضح أن “خطة نتنياهو تقوم على ان يظل 7 ملايين صهيوني يحكمون 5 ملايين فلسطيني الى الأبد”. واقترح نفس الرؤية الأميركية أي حل الدولتين، السؤال الذي يُطرح هنا لماذا ترفض إسرائيل حتى الآن طرح حل الدولتين؟
“رؤية هاريس” نائبة بايدن لغزة بعد الحرب؟
طرحت كامالا هاريس، خلال مشاركتها في مؤتمر كوب 28، أهداف إدارتها الرئيسية بعد انتهاء حرب “إسرائيل” على غزة، إذ أكدت على ضرورة إعادة توحيد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية تحت كيان حاكم واحد، واعتبرها البيت الأبيض الرؤية الأميركية لمرحلة ما بعد الحرب. وتتلخص بخمسة مبادئ تحكم النهج الأميركي حاليًا: “لا تهجير قسري للشعب الفلسطيني، لا إعادة احتلال لغزة، لا حصار، لا تقليص في الأراضي، لا استخدام غزة كمنصة للإرهاب”. وعلى هذا المنوال، تقول الخبيرة الأميركية المختصة في الشؤون الأمنية والاستراتيجية إيرينا تسوكرمان، إن خطة الولايات المتحدة تتمثل في الضغط من أجل المضي قدماً في “حل الدولتين”(حل الدولتين هو الدعوة لإقامة دولة مستقلة للفلسطينيين معترف بها دولياً إلى جانب دولة الكيان المحتل).
رؤية نتنياهو والقضية الفلسطينية
تشكيل دولة فلسطينية إلى جانب الكيان الصهيوني مرفوض من قبل “إسرائيل”، وذلك بسبب النتائج التي تترتب على نيلها استقلالها من الناحية القانونية، مثل: سيصبح لها صوت مؤثر في المحافل الدولية، وقضية إعلان الحرب ستكون من خلال دولة عضوة في الأمم المتحدة وليس لكيان غير معترف به، حق التمثيل الدبلوماسي والدولي، وجود جيش نظامي، ورفع دعوات قضائية دولية بالممارسات غير القانونية لأفعال الكيان الإسرائيلي، كالاستيطان وبناء الجدار العازل والمياه والحدود واللاجئين…محاكمة الأفراد في محكمة الجنايات الدولية لارتكابهم جرائم حرب، وغيرها من النتائج التي تصب في جعل فلسطين تمتلك عناصر قوة قانونية في مواجهة الوجود الإسرائيلي، في إطار المقاومة الوجودية للفلسطينيين وإلغاء شرعية الاحتلال. وبالنتيجة فإن هذا الاعتراف هو إقرار من المجتمع الدولي بأن إسرائيل هي دولة الاحتلال الوحيدة في العالم، وهو قرار ضمني كذلك بالظلم التاريخي الذي مارسه المجتمع الدولي، بحق الشعب الفلسطيني منذ عام 1948 وحتى هذه اللحظة.
بالإضافة إلى الذي تم ذكره، تُطرح هذه الخطوة على “إسرائيل” في ظل حكومة تُعتبر الأكثر يمينية في تاريخ “إسرائيل”. التي تدعم تهجير الفلسطينيين وبناء المستوطنات، وإقدام هذه الحكومة على مجرد عقد لقاء من أجل بحث مسألة حل الدولتين هو بمثابة إعلان انتحار لحكومة اليمين. فلا قاعدتها الجماهيرية المتشددة ستوافق على ذلك، ولا الوزراء الممثلون لليمين المتطرف سيمكثون في الحكومة لو أقدمت على التفاوض. إن فكرة إنشاء دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل تتعارض دائمًا مع رؤية الليكود ل”إسرائيل” الممتدة من البحر الأبيض المتوسط إلى نهر الأردن.
الواضح أن نتنياهو يطرح موقفاً مخالفاً لموقف بايدن، فهو يعارض إعادة السلطة الفلسطينية إلى القطاع، أو إعادتها بوصفها شريكاً في محادثات السلام، أو حتى التنازل أو الدفع بذلك، ليس لديه مشكلة بالحكم الفلسطيني ولكن تحت السيادة الصهيونية، ويعلم بأن أي تراجع عن هذا الخط سيؤدي إلى انسحاب اليمين المتطرف من الائتلاف ونهاية الحكومة ومن ثم إجراء انتخابات مبكرة، في ظل كيان يرفض التخلي عن شبر من أرض القدس للعرب ويتمسك بالأسطورة التوراتية أن “فلسطين أرض بلا شعب”.
في المقابل يطرح محور المقاومة بحسب موقف قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي، ما يمكن وصفه بالمشروع الشامل لحل القضية الفلسطينية والذي ذكره في خطابات سابقة وعديدة، لكنه طرحه هذه المرة بطريقة شمولية تتوافق مع تطورات طوفان الأقصى. ويمكن تلخيص مشروع الإمام الخامنئي بأنه استفتاء تقرير المصير أي استفتاء عام في فلسطين.