لماذا تتكرر إعتداءات إسرائيل على ميناء اللاذقية وعلاقته بالروس؟
موقع الخنادق:
لم يكن العدوان الإسرائيلي فجر يوم الثلاثاء على الحاويات في مرفأ اللاذقية الأول، فهو الثاني الذي تم تنفيذه في هذا الشهر، إذ كان الاعتداء الأول في السابع منه. المعضلة هنا، أن “إسرائيل” لم تعترف باستهدافها الميناء، ولكن “ما كُشف وبشكل لا يقبل الشك، هم الروس”! تقول مصادر متابعة، وأن قصف الميناء تم عن بعد 15 كم عن ميناء اللاذقية بواسطة طائرتين اسرائيليتين. وأما سبب القصف فهو كما قيل استهداف شحنة إيرانية لحزب الله، كما العادة في تبريرات القصف على سوريا.
ما بين الهجومين على اللاذقية، كان هناك قصف اسرائيلي في 16/ 12 استهدف المنطقة الجنوبية من مرتفعات الجولان المحتلة، وقد أدى القصف إلى استشهاد جندي سوري، وادّعى الكيان آنذاك وجود مراكز لإيران أو لحزب الله. مع العلم أن المنطقة الجنوبية اليوم تخضع فقط لرقابة الجيش السوري، وتتواجد فيها الشرطة العسكرية الروسية، والتي باتت تثير استياء الأهالي هناك، فهم يرون أن في إشراف الروس على المصالحات عائقاً أمام التخلص نهائياً من العناصر الإرهابية، إلى أن اتخذت القيادة السورية القرار بتنظيف الريف الغربي نهائياً من الإرهاب وهو ما كانت تخشاه “اسرائيل”.
حجج باطلة لتبرير القصف، ولا يمكن السكوت عنها، أولاً، لأن تأثيراتها باتت هدامة على الشارع السوري، الذي يرى فيه ضعفاً أو تقاعساً على الأقل. وثانياً، زعزعة الثقة بالحليف الروسي، والحنق عليه، خاصة وأن سبب عدم صدّ الصواريخ السورية وبحسب ما أعلنته روسيا على لسان نائب مدير مركز حميميم للمصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية، اللواء البحري أوليغ جورافليوف، هو تزامن هبوط نقل عسكريين في قاعدة حميميم. كلام سخيف يطرح أسئلة كبرى حول إذا ما كان هناك تواطئ روسي في تسهيل هذا القصف، الذي جاء بعد أيام من لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين برئيس وزراء الكيان الاسرائيلي نفتالي بينت، في 23 من كانون الأول، ديسمبر.
لقاء الخمس ساعات بين الإثنين، يُعتبر وكأنه لقاء جلاء للقلوب ما بين روسيا و”اسرائيل”، واللافت هو تطرق بوتين إلى الروابط الإقتصادية والتجارية بين بلاده و”إسرائيل”، قائلاً: “إنها تتطور بنجاح على الرغم من أنها لا تزال متواضعة حتى الآن من حيث الحجم”. كما قال في بداية اللقاء “هناك العديد من القضايا الإشكالية، ولكن هناك أيضًا فرص للتعاون، خاصة في مكافحة الإرهاب”، بينما قال بنيت أن هدف اللقاء هو بناء العلاقات الوطيدة مع روسيا، وأن تغيير رئيس حكومة الكيان لن يضر بالعلاقات ما بين البلدين. وفي حين يرى بوتين أن وجود القوات الروسية في سوريا هي لمحاربة الإرهاب، حرص بنيت على نقل رسالة إلى بوتين بقوله: “علاقاتنا مع روسيا مميزة جدا، ومبنية على العلاقة العميقة بين البلدين؛ سنبحث الأوضاع في سوريا والجهود لصد البرنامج النووي العسكري الإيراني..”.
بعد دخول روسيا خضم المعركة ضد الإرهاب في سوريا، كانت العلاقات ما بين روسيا والكيان العبري كما البورصة، في صعود وهبوط. اذ يعتبر الكيان أن على روسيا القيام بالمزيد من اجله، وخاصة كون يهود الأشكناز الذي يحكمون الكيان في معظمهم من يهود أوروبا الشرقية، لا سيما من الروس. وهم مجتمع قائم في حد ذاته ويمثلون المجتمع المحظي، وما يزالون حتى اليوم يتحدثون باللغة الروسية فيما بينهم، أي أن العلاقة مع أصولهم ما تزال قائمة. ومن المعروف، أن اليد الاسرائيلية اللاعبة بمفاصل الإقتصاد الروسي طويلة، وهم قوة لا يستهان بها. فهل من الممكن ان نعتبر أنها اسباب توجب المهادنة من قبل روسيا! أم أن السبب هو الإعلان الروسي وخاصة بعد اسقاط الطائرة الروسية في 2018، خلال الرد السوري على القصف الجوي الذي تعرضت له سوريا والذي أسقط طائرتين للكيان أنذاك، وبعدها التزمت موسكو الصمت حيال القصف الإسرائيلي، وأعلنت أنها في سوريا لمحاربة الإرهاب وليست طرفاً في الصراع السوري- الإسرائيلي.
لكن روسيا قامت بتسليم جثة الجندي الاسرائيلي زيخاريا باومل والمعدات التي كانت تابعة له، في نيسان/ابريل 2019. وعلى الرغم من التصريحات الروسية بأن الأمر تم بالتعاون مع الجيش السوري، إلا أن الرد الرسمي السوري جزم بأن سوريا لم تكن على علم بما حدث وتفاجأت بالتصريحات الروسية، إذن هناك تناقضات موجودة في الأساس.
ان الهدف من وراء ضرب ميناء اللاذقية، وبالطريقة التي نُفذ بها هو أكبر بكثير من شحنات الأسلحة، إذ كشفت صحيفة معاريف العبرية، أنه على الرغم من المعارضة الأميركية فإن التمدد الصيني في “إسرائيل” وصل إلى حد تقديم مفاتيح إدارة ميناء حيفا للصين من خلال شركة شنغهاي، التي تملك الحكومة الصينية 61.07%، وقد حصلت الشركة على امتياز إداري لتطوير ميناء حيفا”. وبحسب معاريف لن يتوقف الأمر عند ترميم مرفأ حيفا بل سيمتد إلى ميناء أسدود قرب عسقلان، حتى أن الإسرائيليين جففوا الإستثمارات في الموانئ الفلسطينية تحضيراً للإستثمارات.
ولكن ما علاقة ميناء حيفا بقصف ميناء اللاذقية؟
بحسب مصدر سوري متابع، في العام 2014 ذهبت سوريا لإتمام صفقة أسلحة مع الصين كانت بدأت قبل سنوات، وقد نشر ذلك في مقال تحت عنوان، “سوريا في الصين”. كان ذلك في وقت منعت فيه روسيا السلاح عن سوريا، وهي في أوج أزمتها للدفاع عن نفسها ضد الحرب العالمية عليها، عبر إرسال الإرهابيين من مختلف الأصقاع، ومن ضمنهم روسيا التي نقلت مخابراتها مخزونها من إرهابيي الشيشان وغيرهم، إلى سوريا للتخلص منهم ودعمهم إلى أن وصلوا إلى حدود اللاذقية، وفي الوقت نفسه أوقفت الدعم العسكري عن الحكومة السورية ما بين الأعوام 2011- 2015، وأن ما دفع إلى إعطاء مطار حميميم ضمن اتفاق 1984، القديم مع الإتحاد السوفييتي خلال مرحلة الرئيس الراحل حافظ الأسد، والذي يخرج الروس بمجرد الطلب السوري حتى قبل انتهاء مدة الـ 25 عاماً، ولكن المعركة ضد الإرهاب أدت إلى إعادة إحياء الاتفاق.
ويؤكد المصدر، أن ما يحدث هو تواطئ اسرائيلي- روسي ضد ميناء اللاذقية، وخاصة وأن الصينيين ينتظرون انتهاء معركة ادلب قبل البدء بتنفيذ مشروع “الحزام والطريق” الممتد من إيران عبر العراق إلى ميناء اللاذقية. فالمطلوب هو: ” تعطيل ميناء اللاذقية، كما تم تعطيل ميناء بيروت”. كما “أن الإسرائيليين غير قادرين على ضرب السفن الإيرانية التي تنقل البضائع إلى سوريا في البحر، خشية من الرد الإيراني، فيتم ضرب البضائع في أرض الميناء”. مع أنها كانت مواد غذائية في المرة الأولى، وفي المرة الثانية مجرد قطع غيار للسيارات وزيوت صناعية، والتي تسببت بالحرائق والتفجيرات الكبيرة.
إذاً، ودائمًا بحسب المصدر، ما يُراد هو تعطيل الإقتصاد من اجل تشديد الحصار ضد الشعب السوري مما يدفع الدولة للبحث عن طرق لحماية الميناء، وبسبب الضغط الشعبي قد يتم وضع الميناء تحت الحماية الروسية، وبهذا يصل كل من الروسي والاسرائيلي إلى أهدافهما، وهو مراقبة البضائع الإيرانية، وبالتالي السلاح الذي يمكن أن يصل إلى سوريا وحزب الله. ويبدو أن سوريا ذاهبة نحو المزيد من الضغط الإقتصادي والمعيشي. فالمطلوب بحسب المصدر أن يسبق الروسي كل من إيران والصين إلى ميناء اللاذقية، وهذا ما لن يقبل به السوري، ولن يسمح بتجيير ميناء اللاذقية أو أي من موانئه لأحد.