لماذا الإصرار علی رحيل «الأسد»
موقع الوقت التحليلي:
على الأميركيين وحلفائهم من الاتراك والعرب أن يعرفوا بان من يريد حقاً محاربة الإرهاب في سوريا عليه أولاً أن يرسل جنرالاته وطائراته ومستشاريه بعد كسب موافقة الحكومة السورية
لا نعرف لماذا لا تتراجع الدول المعادية لسوريا عن مطالبتها برحيل بشار الأسد، وما زالت هذه الدول تصر على أن حل الأزمة السورية لابد أن يمر عبر بوابة رحيل الأسد عن السلطة الي الابد. وايضا لا نعرف كيف تسمح هذه الدول التي تاتي في مقدمتها أميركا والسعودية وفرنسا وقطر وتركيا، لنفسها لتتحدث عن رحيل رئيس منتخب بشكل شرعي من قبل شعبه، ولم يكن ديكتاتورا استورث الحكم علي غرار ما يجري في معظم الدول العربية الحليفة لواشنطن مثل السعودية. كما صرنا نسمع هذه الايام كلاما من الزعماء الاميركيين، كما سمعناه قبل ذلك كثيرا من الزعماء العرب، يتحدثون من خلاله بانه لا يمكن محاربة الإرهاب، إذا ما بقي الأسد رئيسا لسوريا! فلماذا تربط أميركا والدول العربية المعادية لسوريا، بين رحيل الأسد ومحاربة الإرهاب؟ هل أن الأسد دعم الإرهاب خلال الاعوام الخمسة الماضية، حتى تصرح واشنطن بان معضلة محاربة الإرهاب هو الرئيس السوري، ام انه كان ضحية للإرهاب طيلة هذه الاعوام كبقية الشعب السوري؟ الجواب واضح بالنسبة الينا، وهو أن سوريا وشعبها وحلفائها، هم من يحاربون الإرهاب، وما تطرحه أميركا والسعودية ومثل هذه الدول من ذرائع تشترطها لمحاربة الإرهاب، جعل الكثير يشكك في مصداقية هذه الدول بأنها تريد حقاً محاربة الإرهاب.
يوم الجمعة الماضي 4 ديسمبر/ كانون الاول سمعنا كلاما ممزوجا بشيء من الليونة والتناقض من قبل جون كيري، وزير الخارجية الأميركي، تجاه الرئيس بشار الأسد. حيث قال كيري إنه من الممكن أن تتعاون المعارضة مع الحكومة السورية ضد تنظيم داعش الإرهابي، دون رحيل الرئيس الأسد مؤقتا. مفردة “مؤقتا” التي جاءت في خطاب كيري، تدل على أن الاميركيين ما زالوا يسعون الى التخلص من الرئيس السوري حتى إن لزم الأمر الإستفادة منه بشكل مؤقت حاليا لهزيمة داعش. وادعى كيري أنه “سيكون من الصعب للغاية ضمان حدوث هذا التعاون دون مؤشر ما على وجود حل في الأفق، فيما يتعلق بمصير الأسد”، أي انه كان يقصد بمصير الأسد، لزوم رحيله عن السلطة في القريب العاجل! وأكد كيري أن المعارضة السورية لن تتعاون مع نظام الأسد في حال لم يكن لديها ثقة بان الرئيس الأسد سيرحل في نهاية المطاف.
هذا الكلام من قبل الأميركيين عن رحيل الأسد يعتبر قمة التهور والتدخل في شأن دولة ذات سيادة. ويجب أن يجيب كيري ومعارضو الأسد على هذا السؤال: هل أن الأسد كان داعما للإرهاب أم أنه عدو له؟ بالطبع الجميع يعرف أن نظام سوريا ضحى بكل غال ونفيس في مجال محاربة التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش، وقدمت سوريا خير أبنائها من الجيش والشعب السوري. إذن لا معنى لحديث أعداء سوريا عن ضرورة رحيل الأسد من أجل هزيمة داعش. ومن ثم يجب أيضا أن نسأل وزير الخارجية الأميركي حسب ما نقلت عنه “رويترز”، ماذا يعني من حديثه عندما قال إن الحل السياسي في سوريا قادر على إزالة تنظيم داعش، وطبعا أن الحل السياسي الذي يقصده كيري يتمثل في رحيل الأسد. بالطبع لا يبقى شك لمن يسمع مثل هذه التصريحات، بان كلام كيري هذا يدل على أن الأمريكيين وحلفائهم في المنطقة هم من يتحكمون بداعش وهم الذين يعرفون نقاط قوته وضعفه، ويستطيعون على سبيل المثال من خلال تجفيف مصادره المالية واجبار تركيا على إغلاق حدودها بوجه عناصر داعش، يستطيعون القضء على هذا التنظيم، نهائياً.
واضافة الى ذلك لابد أن نسأل الأميركيين عن هذا التناقض في سياستهم تجاه سوريا. حيث نسمع الأميركان يتحدثون مثلا في مؤتمر جنيف عن ضرورة تشكيل حكومة تحظي بتاييد جميع السوريين، ومرة اخري يؤكدون ضرورة رحيل الأسد الذي له الملايين من المؤيدين في سوريا، إذن كيف يمكن الجمع بين هذه التناقضات الأميركية؟ علاوة على ذلك هنالك من يعتقد بان رحيل الأسد عن السلطة سيفتح الباب على مصراعيه أمام داعش والتنظيمات الإرهابية الاخري وسيشجعها على ممارسة المزيد من العنف والتطرف ضد السوريين، وذلك بسبب أن سوريا ستواجه فراغا رئاسيا في حال ترك الأسد البلاد دون رئيس.
إذن على الأميركيين وحلفائهم من الاتراك والعرب أن يعرفوا بان من يريد حقاً محاربة الإرهاب في سوريا عليه أولاً أن يرسل جنرالاته وطائراته ومستشاريه بعد كسب موافقة الحكومة السورية، لضرب داعش ويثبت على الأرض أنه قدّم دماء وشهداء برتبة جنود وجنرالات ومستشارين وطيارين، كما رأينا ذلك من قبل الجيش السوري وإيران وروسيا، دون أن نرى اياً من هذه التضحيات من قبل الأميركيين والسعوديين والقطريين والفرنسيين والاتراك، حتى الآن. حيث أننا لم نسمع منذ خمسة أعوام حتى اليوم أن جنديا واحدا قتل أو استشهد من هؤلاء في محاربة “داعش” على أرض سوريا.