لماذا أعلنت السفارة السعودية في انقره عن استعدادها لاعادة المقاتلين السعوديين إلى بلادهم؟
أنطوان الحايك –
موقع النشرة الإخباري:
منتصف الشهر الماضي، سرّب مقرّبون من المعارضة السورية خبرًا نسبوه إلى السفير الأميركي السابق في سوريا روبرت فورد مفاده أنّ رئيس جهاز الاستخبارات السعودية بندر بن سلطان موجود في واشنطن للعلاج من مرض “الديسك” وهو لن يعود قريبا من هناك نظرا لحالة الارهاق التي يعاني منها. لم يتوقف الاعلام حينها عند هذه التسريبات نظرا الى حساسية الموضوع وخصوصيته، غير أنّ القرارات الأخيرة الصادرة عن أعلى المرجعيات في المملكة العربية السعودية دفعت إلى الاعتقاد بصحة التسريبات.
وترى مصادر مواكبة أنّ تسليط الضوء من قبل الاعلام السعودي الموالي على موضوع المجاهدين السعوديين في سوريا وغيرها من الساحات الموصوفة بأرض الجهاد والنصرة أدّى إلى صدور قرار ملكي يقضي بسجن كلّ من يغادر المملكة للقتال في الخارج ولم يستثن من قراره السلك العسكري السعودي بل على العكس تماما فانه شدد العقوبة على المخالفين من افراده. بعدها، أصدر السفير السعودي في انقرة تعميما أكد فيه أنّ السفارة على استعدادٍ لاستقبال المقاتلين السعوديين في سوريا الراغبين بالعودة إلى بلادهم.
وانطلاقا من هذه المحطات الثلاث، يعرب دبلوماسي أممي عن اعتقاده بأنّ الادارة الأميركية تقف وراء المتغيرات الطارئة على الموقف السعودي بشكل عام، بل يذهب الى حد القول بأنّ عملية التغيير ستظهر للعلن في غضون شهر آذار المقبل، أي بعد أن يكون الغرب قد انتهى من تظهير علاقاته الجديدة مع إيران من جهة كما يكون قد أسّس لخريطة تحالفات جديدة في المنطقة لا تكون تركيا بمعزل عنها، انما متقاطعة معها على مستوى الهدف الاميركي الاستراتيجي وهو مكافحة الارهاب لضمان أمن ناقلات النفط الاميركية التي أصبحت وفق خريطة الانتشار الحالي على مرمى حجر من المنظمات الاصولية التي تصنفها وزارة الدفاع الاميركية في خانة الارهاب الدولي الشديد الخطورة.
وفي سياق متصل، يعرب الدبلوماسي المعني عن اعتقاده بأنّ المواقف السعودية ستتدرج ايجابا في خلال الاسابيع القليلة المقبلة، وهي ما كانت لتعطي مثل هذه الاشارات لو انها لم تقتنع بان اللعبة الدولية اصبحت كبيرة للغاية وان التسوية بين موسكو وواشنطن اصبحت امرا واقعا. وبالتالي فانه من المحال الاستمرار في معاندة الواقع في ظل التحولات الدولية والمشاريع الاميركية التي ترتكز في هذه المرحلة بالذات على أمرين أساسيّين وهما الانسحاب الآمن من أفغانستان وضمان أمن معابر النفط المحكوم جغرافيا بمزاجية وقرارات ايران العائدة حديثا الى حضن الشرعية الدولية.
ويبدو أنّ القرارات السعودية الاخيرة ترتبط بالجولة الثانية من المحادثات حول مستقبل الوضع السوري، بحسب المصدر الذي يلاحظ أنّ الردّ السوري عليه جاء بمثابة العاتب والمطالب باكثر من ذلك، أي وقف الدعم المالي، وهذه خطوة قد تأتي لاحقا بعد ان ينجح الجيش السوري في تفكيك الخلايا الارهابية الخطيرة والقضاء على المجموعات المسلحة التي تحولت بدورها الى قنابل موقوتة لا توفر احدا من جهة، وبعد تظهير الدور التركي من خلال اقفال معابر التعبير المتصلة بحدودها، وذلك بعد ان اعترفت التقارير الواردة الى الادارة الاميركية من مؤسسات الدراسات العسكرية التابعة لها بان الجيش السوري انهى معركته الاستراتيجية او على قاب قوسين اذا ما جاز التعبير بعد ان نجح في فصل الجبهات وتقسيم الميدان الى مربعات امنية وعسكرية يسهل قياسا التعاطي معها بدليل نجاحه في افشال الهجوم على سجن حلب بالرغم من حرفية المهاجمين وتخطيطهم الصحيح بشهادة اجهزة مخابرات متخصصة، وهذا ما كان ليحصل لولا نجاح النظام في استعادة المبادرة وتوظيفها في المفاوضات التي تجري في شكلها بينه وبين المعارضة انما في مضمونها بين كبار اللاعبين الدوليين.